القدس – الرسالة نت ووكالات
ما زالت قضية اغتيال الشهيد محمود المبحوح، وتورط الموساد الاسرائيلي، الاستخبارات الخارجية، وفق المصادر الاجنبية، في العملية، تُشغل الرأي العام في الدولة العبرية، خصوصا وانّ محققين من بريطانيا ومن استراليا وصلوا الى تل ابيب للتحقيق في استعمال الجوازات المزورة من قبل خلية الموساد، التي حسب المصادر الاجنبية، قامت بتنفيذ عملية الاغتيال في التاسع عشر من شهر كانون الثاني (يناير) الماضي.
وفي هذا السياق كتب المحلل البارز في صحيفة ’معاريف’ الاسرائيلية، عوفر شيلح، مقالا حول الموضوع كتب فيه انّ قائد قائد شرطة دبي ضاحي خلفان تميم تحّول الى شخصية مشهورة في اسرائيل، فقد اصبحت تقاريره شبه اليومية عن كشوف في قضية اغتيال محمود المبحوح ترى عندنا اكثر فاكثر مثل حكايات الف ليلة وليلة، لانّه لا يمكن ان يكون الموساد، الذي يتهمه خلفان مباشرة، قد ارسل ثلاثين شخصا لاغتيال رجل واحد، ولا يمكن ان يكشف عملاؤه هكذا، وتابع قائلا انّه لا يمكن ان يكشف عربي في كوفية عن المنظمة المجيدة، التي زعمت مصادر اجنبية انها تعوق بيديها المشروع النووي الايراني وتطارد اعداء اسرائيل في جميع اصقاع المعمورة.
وقال شيلح ايضا في مقاله انّه قد يمكن ما لا يمكن، لكننا لا نعلم، انّ الموساد، واكثر من المفاعل الذري في ديمونا، هو اخر قلعة في مملكة السر الاسرائيلية، مشيرا الى انّه قد توجد فوق مدير المفاعل لجنة الطاقة الذرية، التي هي ايضا جسم سري لكنها في الاقل مؤلفة من خبراء ذوي تجربة، يعملون طول اليوم في الرقابة على مصنع النسيج الوطني.
وتابع: اما فوق رئيس الموساد، مئير داغان، فلا يوجد الا رئيس الوزراء الذي ليس خارجيا في هذا الشان: ففي قرار مثل قرار اغتيال هو المجيز النهائي وعلى ذلك فانّه شريك ايضا، والى ذلك ايضا ليس عنده وقت او قدرة على الفحص عن طرائق اتخاذ القرارات والعمل في الموساد.
وتساءل: وماذا عن اللجنة الثانوية الشهيرة للجنة الخارجية والامن، تلك الجهة العظيمة القدر التي تراقب الاجهزة السرية؟ من الاكيد ان اعضاءها ذوو تجربة، واناس عملوا كمتخذي قرارات كبار، لكن ضعوهم في غرفة مغلقة، وسيكونون اول من يعترفون بصدق بانّهم لا يعلمون الحقيقة.
وقال المحلل الاسرائيلي ايضا انّ جهاز الموساد يكشف امامهم كما يشاء هو تقريبا، وهم لا يشاركون في تحديد ميزانيته التي هي صندوق اسود يقدم الى الخزانة العامة مغلقا ومقفلا، ويزاد عليه من حين الى آخر بدون تفسير او تفصيل. وهم لا يستطيعون تغيير ترتيب اولويات المنظمة، ولا يشاركون في قراراتها الشخصية ذات الشأن، وغير قادرين على قراءة افكارها.
وساق قائلا: ومثلها ايضا هناك الوزيران المتصلان بالموساد في الحكومة الحالية، بوغي يعلون ودان مريدور، فاذا شاء رئيس الموساد مئير دغان شاورهما او كشف امامهما الاسرار، واذا لم يشأ، فسيكشف فقط لرئيس الوزراء الذي هو كما قلنا آنفا بمنزلة شريك اعلى اكثر من كونه مراقبا حقيقيا. ولفت الى انّه اعتيد في اسرائيل اعتقاد انّ الامر يجب ان يكون كذلك، فالحديث عن شؤون دولة سرية، وعن حفظ نفوس يحسن التعتيم عليه.
ولكن، تابع المحلل الاسرائيلي، ستجدون غير بعيد عن مقر عمل الموساد مثالا آخر وهو جهاز الامن العام (الشاباك الاسرائيلي) الذي كان ذات مرة ايضا منظمة (فوق او تحت) كل رقابة، وهو اليوم مراقب مقيد بالقانون، واكثر شفافية، وبحسب جميع الآراء انجع، مشيرا الى انّ قانون الشاباك، والرقابة والقيود على طرق تحقيقه نتاج قرار حكم محكمة العدل العليا المتصل بالتعذيب ولجنة لندوي وانفتاحه الجزئي، المراقب والذكي للكشف الاعلامي خدمت الجهاز خدمة جيدة فقط.
وقد نبعت من معرفة العفن الذي تفشى فيه في ايام الظلام خاصة، وتم الكشف عنه في كامل قبحه في قضية الخط 300. عارض قدماء الشاباك جدا اي انفتاح له نحو الخارج، لكن نتيجة الانفتاح (النسبي جدا، فمع ذلك كله ما يزال الحديث عن منظمة سرية) هي منظمة انجع وافضل. وخلص الى القول: لا نعلم اكان اغتيال المبحوح انعطافا، ولا نعلم كيف يجب ان يتم اغتيال كهذا. لكننا نعلم انّه قد حان وقت بحث مأسسة الموساد: ميزانيته وتحديد اهدافه، وما يحله له فعله وما يستصوب لاحراز نجاحات عملياتيه ولتقديم منتج صحيح، ونعلم ايضا انه فيما يتعلق بالمنظمات السرية، فانّ قاعدة انّ الظلام ينشأ عنه عفن في الاساس هي قاعدة صحيحة، ومن اجل فهم ذلك لا نحتاج الى قائد شرطة دبي، على حد تعبيره.