تعتبرها الأخيرة موردا ماليا

السعودية أداة أمريكا لتمرير اتفاق كيري

كيري خلال زيارته للسعودية
كيري خلال زيارته للسعودية

غزة - لميس الهمص

يبدو أن المملكة العربية السعودية باتت تتصدر المشهد في قضايا الشرق الأوسط بعد غياب الدور المصري المنشغل في قضاياه الداخلية.

زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى السعودية التي أودعت حصتها الخاصة بدعم موازنة السلطة الفلسطينية بما يوازي 40 مليون دولار منذ أيام لم تكن مصادفة، فهو حرص على زيارتها والأردن قبل ذهابه إلى القدس من أجل توفير الغطاء العربي لاتفاق الإطار وإزالة الحرج عن رئيس سلطة رام الله، وفق مراقبين.

الموقف السعودي بات في انحدار خاصة بعد موافقة الرياض على أن تكون طرفا في صفقات هزيلة لا تعطي الفلسطينيين الحد الأدنى من حقوقهم، وذلك بعد أن كانت تصر على المبادرة العربية التي كان سقفها مقبولا بالنسبة إلى ما يقدم حاليا.

الملك السعودي أبدى "تأييده الشديد" للجهود الأمريكية في التوصل إلى اتفاق للتسوية بين (إسرائيل) والفلسطينيين، وتعدى ذلك ليكون مؤيدا لجهود أمريكا على أمل أن نجاحها خلال الأيام القادمة.

"

الصواف: السعودية تسعى الى خدمة مصالحها وايجاد مكانة لها في المنطقة

"

وذكر مسؤول (إسرائيلي) أن وزير الخارجية الأمريكي حث الملك السعودية والأردني خلال لقائهما يوم الأحد الماضي على تأييد الاعتراف الفلسطيني بـ(إسرائيل) دولة يهودية، وفقا لمطلب (إسرائيلي)، لكنه لم يذكر كيف ردت السعودية والأردن على هذا الطلب.

وأكد المسؤول لصحيفة "هآرتس" أن كيري طلب من الملكين السعودي والأردني مساعدته على نيل الاعتراف الفلسطيني بـ(إسرائيل) دولة يهودية، وأن يدعما موقف عباس في حال قرر الاستجابة، أو على الأقل الامتناع عن محاولة إحباطه، مضيفا أن كيري يأمل أيضا أن يلمس تعاطيا إيجابيا مع الموضوع خلال لقائه المزمع مع وزراء الخارجية العرب بعد أيام في باريس.

أستاذ العلوم السياسية د. رائد نعيرات يرى أن السعودية كان لها دور قديم في القضية الفلسطينية، "وهي تحاول الحفاظ عليه بمشاركتها في الجهود المبذولة في عملية السلام".

ووافق هذا الرأي المحلل السياسي مصطفى الصواف الذي أكد أن السعودية تسعى إلى خدمة مصالحها وإيجاد مكانة لها في منطقة الشرق الأوسط.

نعيرات يعود ليذكر أن "أبو مازن" يحاول التهرب من الضغوط التي تحشره في الزاوية، "لأن العالم العربي لا يوافق على تلك الاتفاقات، لذا لجأ كيري إلى أخذ الموافقة العربية قبل مقابلة الفلسطينيين لتفويت الفرصة عليهم".

ووفق مراقبين فإن قضية القدس من الأمور الخطيرة التي من الممكن أن يتضمنها الاتفاق، لذا فإن السلطة بحاجة غطاء في تلك القضية الدينية المفصلية، وبالعودة إلى الوراء فإن القضية نفسها فجرت اتفاق كامب ديفيد عندما طلب الراحل "أبو عمار" من الرئيس الأمريكي في ذلك اليوم بيل كلينتون الحصول على الموافقة السعودية على الاتفاق.

ويشير الصواف إلى أن الإدارة الأمريكية تسعى إلى إيجاد رسائل ضغط، "وغالبا تلجأ إلى الورقة العربية في الضغط على السلطة للحصول على المزيد من التنازلات"، مبينا أن الإدارة الأمريكية تسعى جاهدة إلى توقيع أي اتفاق حتى لو كان مرحليا "كي لا تضيف إخفاقا جديدا على سجلاتها في المنطقة".

وبناء على أنه لأي اتفاقات ومشاريع جديدة تبعات مالية قد يكون الاختيار الأمريكي للسعودية من هذا المنطلق، فقد يقع على عاتقها هي وبعض دول الخليج مهمة التمويل المالي للاتفاق، وهذا ما أكدته بنود اتفاق الإطار التي كشفتها "الرسالة" وتنص على أن تساهم الدول الخليجية في توفير نفقات تأهيل اللاجئين في أماكن وجودهم.

هذا التأهيل يعني منح العاملين في دولهم بما في ذلك الخليج حق الإقامة الدائمة (green card) تمهيدًا لتوطين التجمعات الكبيرة في أماكن عيشها.

حول ذلك، يبين د. نعيرات أن المعطيات على الأرض تشير إلى أن السعودية تأخذ على عاتقها دعم كل من يدعم الانقلاب المصري، "ويمكن أن تأتي مساعدتها السلطة في هذا الإطار".

أما الصواف فيعتقد أن هناك توجها نحو إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية في المنطقة، ولم يستبعد أن يكون هناك أيضا تحالف سعودي-إماراتي-(إسرائيلي).

"

نعيرات : المعطيات تشير إلى أن السعودية تأخذ على عاتقها دعم كل من يدعم الانقلاب المصري.

"

الموقف السعودي الذي دعم الاتفاق قد يكون حصل على رزمة من الحلول في عدد من الملفات العالقة بين البلدين مقابل ذلك، وهذا ما قد يفسر تحول الاستقبال الفاتر إلى وداع حار لوزير الخارجية الأمريكي، ما يجعل الباب مفتوحا للتكهن أن السحر يكمن في مواقف جديدة بشأن سوريا وايران أساسا ثم لبنان ومصر والعراق.

البث المباشر