قال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي مساء الخميس إن الحكومة الجديدة ستتسلم مهامها بعد أسبوعين من تقديم علي العريض استقالته وفق ما تنص عليه خارطة الطريق، بينما شهد عدد من المحافظات مواجهات مع قوات الأمن، احتجاجا على ما أسموه غلاء المعيشة وغياب التنمية.
وستواصل حكومة العريض المستقيلة تسيير شؤون البلاد بكافة الصلاحيات إلى حين تكليف رئيس الحكومة القادمة مهدي جمعة رسميا من قبل رئيس الجمهورية والمصادقة على فريقه الوزراي الجديد في المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان).
وقد قدّم رئيس الحكومة التونسية علي العريض استقالته إلى رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي تنفيذا لبنود خريطة الطريق التي تنص في أحد بنودها على تشكيل حكومة كفاءات مستقلة تم التوافق على إسناد رئاستها إلى وزير الصناعة في الحكومة الحالية مهدي جمعة.
وأعلن علي العريض في مؤتمر صحفي الخميس أنه قدم استقالته إلى المنصف المرزوقي، موضحا أن "الاستقالة تأتي في إطار احترام حكومته للتعهدات التي قطعتها على نفسها أمام الرأي العام الوطني، وعلى ضوء نتائج الحوار الوطني ولدفع المسار الانتقالي في البلاد".
وتزامنا مع هذه التطورات السياسية، واصل المجلس التأسيسي، المصادقة على فصول الدستور الجديد لتونس.
وصادق على الفصل 45 الذي نص بموجبه على "تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل في تحمل مختلف المسؤوليات وفي جميع المجالات"، وعلى "تحقيق التناصف بين المرأة والرجل في المجالس المنتخبة".
انتشار للجيش
وفي الوقت الذي يشهد فيه الوضع السياسي انفراجا ملحوظا، عاد التوتر الأمني لعدد من المدن التونسية على خلفية قرار رفع الضرائب وتردي الأوضاع المعيشية.
وعقب مواجهات بين المحتجين وقوات الأمن في محافظة القصرين (وسط غرب) تمركزت الدبابات وقوات الجيش أمس الخميس أمام مركز الشرطة والمنشآت والمرافق العامة في مدينة القصرين، وذلك بعد أن قامت الشرطة بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.
وقد أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع -في اتصال مع مراسل الجزيرة- أن الجيش يقوم بحماية المنشآت العامة في القصرين، كما يقوم بدوريات مشتركة مع قوات الأمن، نافيا أن يكون الجيش قد تسلم مقاليد الأمن في المدينة عوضا عن قوات الشرطة.
وبحسب تصريح مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية، فإن المواجهات التي اندلعت يوم أمس أدت إلى إصابة ثمانية عناصر أمن، مشيرا إلى أن المحتجين أحرقوا سيارة شرطة في حي النور بالمدينة ذاتها.
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الداخلية في بيان لها أمس أن جزائريا مسلحا -ينتمي إلى مجموعة وصفتها بـ"الإرهابية" متحصنة منذ نهاية 2012 في جبل الشعانبي من ولاية القصرين ومرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي- "تسلل" إلى مدينة القصرين.
وقالت الوزارة إن هذا الشخص الذي يدعى خالد الشايب "متورط في اغتيال" عناصر من الجيش والأمن التونسيين في جبل الشعانبي، نهاية يوليو/تموز الماضي.
في الأثناء أعلن مصدر عسكري أن طائرة عسكرية قصفت الخميس بالقنابل مواقع في جبل الشعانبي إثر رصد تحركات لأشخاص فيها.
عنف وشغب
كما أغلقت مجموعات من الشبان بمحافظة سيدي بوزيد (وسط) بعض طرق المدينة وأشعلت الإطارات المطاطية احتجاجا على الضرائب التي تضمنتها الموازنة الجديدة.
وكانت مدينة المكناسي التابعة لهذه المحافظة قد شهدت أعمال عنف وشغب استمرت حتى ساعة متأخرة اليوم، حيث اقتحم محتجون على فرض الضرائب مقرا أمنيا وأتلفوا جميع محتوياته إضافة إلى حرق إحدى سيارات الشرطة.
وقالت مصادر أمنية إن عنصرين جرحا أثناء هذه المواجهات في حين تم إيقاف عدد من المشاركين في هذه الأحداث.
وفي ولاية تطاوين (جنوب) أقدم عدد من باعة الخضار والفواكه على إحراق مقرين أمنيين احتجاجا على محاولة قوات الأمن نقلهم إلى أحد الأماكن المخصصة لهم لبيع منتجاتهم فيها.
وقال شهود عيان إن المحتجين اشتبكوا مع القوى الأمنية التي استخدمت الغاز المدمع، كما تدخلت عناصر الجيش إثر غلق المحتجين الطرقات الرئيسية باستعمال الإطارات المطاطية المشتعلة.
وقد أعلن رئيس الحكومة المستقيل علي العريض أنه تقرر تعليق العمل بـ"الإتاوة" المالية -التي تم في وقت سابق إعلان فرضها على وسائل النقل الخاصة ووسائل نقل الأشخاص وعلى الفلاحين- في انتظار تسوية المسألة من الناحية القانونية من خلال تنقيح السلطة التشريعية، حسب قوله.