فار دم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في إحدى جلسات الحكومة الأسبوعية؛ بسبب إصرار السلطة الفلسطينية على عدم الاعتراف بيهودية إسرائيل، بل "استحالة حدوث ذلك"، وفق ما يصرح به المسؤولين في رام الله.
نتنياهو هاجم في الجلسة، السلطة ورئيسها محمود عباس، متهما إياهما بممارسة التحريض ضد إسرائيل. وقال غاضبا "إن الاعتراف بحق اليهود في هذه البلاد هو معضلة أساسية".
ويحظى شرط (الاعتراف بيهودية إسرائيل) بمباحثات مستفيضة مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الذي يمارس ضغوطا كبيرة على أبو مازن؛ للقبول باتفاق إطار يتضمن ما يريده نتنياهو، وفق ما نقلت الإذاعة الإسرائيلية عن مصادر فلسطينية لم تسمها يوم الأحد (5/1).
ويستدعي التمسك الإسرائيلي بهذا الشرط، وقفة قصيرة, خاصة أنه أخذ يتردد على ألسنة المسؤولين الإسرائيليين منذ نحو عقد من الزمن، وترافق أيضا مع مسار عملية التفاوض مع السلطة.
اعتراف يلغي حق العودة
يقول الدكتور صالح النعامي الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي "لا توجد دولة في العالم تطالب دولة أخرى أن تعترف بدينها وعرقها (..) لم يسبق أن حدث ذلك".
لكن إسرائيل تريد ذلك، وفق النعامي، لأن الاعتراف يلغي تلقائيا حق العودة الذي تطالب به السلطة.
وتهدف إسرائيل من طرح (الاعتراف بيهودية الدولة) على طاولة التفاوض، إلى انتزاع تنازلات فلسطينية في القضايا المركزية، فضلا عن أهداف سياسية أخرى.
"النعامي: الاعتراف ينسف الرواية التاريخية للصراع
"
وحصر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، تلك التنازلات في "تقدير استراتيجي" له حول استحقاقات وتداعيات الاعتراف، منها:
- إلحاق فلسطينيي 48 بالدولة الفلسطينية، مع إبقائهم في أماكن سكناهم الحالية في مقابل بقاء المستوطنات في الضفة الغربية.
- شطب حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى قراهم ومدنهم التي شرّدوا منها في العام 1948.
- التنازل عن الحقوق الفلسطينية في القدس، وإعطاء "إسرائيل" الحق التام في المدينة.
- ينسف هذا الأمر، وبأثر رجعي، حق الشعب الفلسطيني في المقاومة.
- إطلاق يد إسرائيل للتنكيل بفلسطينيي 48، وفرض الترانسفير عليهم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وصولا إلى دفعهم إلى ما يسمى "الهجرة الطوعية".
إنطاق الضحية
وفي سؤال حول ما إن كان مطالبة إسرائيل الاعتراف بها دولة يهودية، يعكس شعورها بالمسؤولية عما جرى للفلسطينيين من نكبات، أجاب النعامي: "نعم أكيد، لكن ليس النكبات فحسب، بل نسف الرواية التاريخية للصراع من أساسه" !
واستبعد المختص في الشأن الإسرائيلي، أن توافق السلطة على الاعتراف. وحكم على مصير عملية التفاوض بالفشل.
"نجيدات: تريد إسرائيل أن تُنطِق الضحية عملا بالمثل "من فمك أدينك"
"
ونقل النعامي في أحد مقالاته للجزيرة نت، عن البروفيسور إفرايم عنبار، مدير مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية التابع لجامعة تل أبيب، قوله "إن الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية يعني تسليم الفلسطينيين بشرعية المشروع الصهيوني".
وزعم عنبار أن رفض الفلسطينيين الاعتراف بيهودية إسرائيل وعدم استعدادهم للتوقيع على أي اتفاق ينص على نهاية الصراع، "يعني أن كل ما يعنيهم هو القضاء على إسرائيل".
أبو مازن كان قد جدد خلال لقائه وفدا شعبيا في رام الله، (السبت 10/1)، رفض الاعتراف بيهودية إسرائيل. وقال: "من حقنا ألا نعترف، لدينا حجج كثيرة وأسباب كثيرة تمنعنا من ذلك وقدمناها إلى إسرائيل".
ويرى زاهي نجيدات المتحدث باسم الحركة الإسلامية داخل أراضي 48، بدوره، أن الاعتراف بيهودية إسرائيل، تطاوُل على الفلسطينيين المتواجدين في أراضيهم قبل نكبة 1948م.
ورأى أنه "طرح مرفوض، وتطاول على أهل البلاد".
وقال للرسالة نت: "خطورة يهودية الدولة تكمن في أن إسرائيل تريد أن تسمع بنفسها الاعتراف من الفلسطينيين (..) تريد أن تُنطِق الضحية عملا بالمثل القائل "من فمك أدينك".
الزيتونة للدراسات والاستشارات ساق مقترحات لمواجهة فكرة يهودية الدولة، منها، دعوته إلى أوسع درجة ممكنة من التوافق والتفاهم الوطني الفلسطيني، وبلورة استراتيجية لإدارة الصراع مع إسرائيل، ومنعها من تحقيق أهدافها المعلنة، سواء فيما يتعلق بيهودية الدولة أم بتصفية المشروع الفلسطيني، والامتناع عن تقديم تنازلات تنال من صمود فلسطينيي 48، وكذلك التصدي إعلاميا للفكرة، عبر الضغط لمنع الموافقة عليها.