ظهر التخبط جليا في ردود الفعل الفتحاوية على خطوات رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية لدفع المصالحة نحو الأمام، فبينما اعتبرها بعض القيادات الفتحاوية خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، راى آخرون بأنها حملة إعلامية في إطار العلاقات العامة لا أكثر!
الفيصل في ردود الفعل الفتحاوية كان ما حدث فعليا على الأرض بعد شن حملة اعتقالات في صفوف أنصار حركة حماس في الضفة الغربية, وهو رد واضح وعملي على جهود المصالحة.
المراقبون انتقدوا الخطوة التي أقدم عليها هنية معتبرين أنها جاءت في الوقت الذي تغرق فيه السلطة الفلسطينية في وحل الجولات التفاوضية التي باتت همها الأكبر، ما جعلها تقرأ تلك المبادرة على أنها إشارات ضعف ومخرج من أزمة تعيشها حماس لتزيد "رام الله" بذلك تشددها وشروطها.
وقتها غير مناسب
رغم أن الأفعال على الأرض تشير إلى قلة اكتراث فتح للمصالحة فإن هناك خشية لدى عدد من المراقبين بشأن أن يلجأ رئيس سلطة رام الله محمود عباس لاستخدام المصالحة غطاءً شرعيا في خطواته المقبلة في المفاوضات.
وقد يلعب "أبو مازن" بورقة المصالحة في محاولة لإشغال الشارع عما يدور في جولات المفاوضات ليظهر كأنه رئيس شرعي يجمع من خلفه كل الطيف الفلسطيني في خطواته القادمة.
في هذا الإطار، فإن المحلل السياسي مصطفى الصواف يقول: "المصالحة ضرورية ومهمة ولا يجب أن يتوقف الحديث عنها لكن في المقابل يجب أن يكون هذا في الوقت والظرف المناسبين من أجل تحقيق الهدف منها".
وبين الصواف أن ردود الفعل الفتحاوية على المبادرة لم تعبر عن وحدة موقف لدى حركة فتح، "ولا تشير إلى إرادة حقيقية ونية صادقة نحو المصالحة"، منوها إلى أن فهم فتح تصريحات هنية راح بعيدا عن مقصدها الحقيقي ففسرت على أنها نابعة من أزمة تعيشها حماس.
ويوافق الرأي السابق أستاذ التاريخ د. نهاد الشيخ خليل الذي دعا رئيس الوزراء هنية إلى وقف الحديث عن المصالحة، مبينا أن فريق التسوية بقيادة "أبو مازن" يقرأ دعوات المصالحة على أنها إشارات ضعف "ما يفتح شهيته على مزيد من التضييق والعنجهية والتعنت ووضع الشروط".
ولفت إلى أن فتح عندما ترسل عزام الأحمد إلى غزة للتفاوض يجب أن تكون الرسالة واضحة، "لأن الذي لا مانع لديه من السيطرة على غزة عبر الدبابات الغربية ستكون لديه موانع كثيرة تحول بينه وبين التصالح مع أبناء شعبه".
وذكر الشيخ خليل أن المرحلة المقبلة هي مرحلة شد الأحزمة على البطون، "واتباع كل ما يمكن من سياسات تمنع الأوضاع الداخلية من الانهيار، وتحافظ على الحد الأدنى من العيش الكريم".
رد فعلي
المهندس وصفي قبها القيادي في حركة حماس من الضفة الغربية اعتبر بدوره أنه ما تفعله السلطة بالاستدعاءات والاعتقالات التي طالت عشرات من مؤيدي حماس في الضفة وتحديدا طلبة جامعتي النجاح وبيرزيت "رد واضح وجلي لا يحتمل التأويل وفيه أن هذه السلطة لا تريد المصالحة وترفضها جملة وتفصيلا".
وبين أن جواب حركة فتح ترجم إلى "ممارسات مسعورة على أرض الواقع"، معتبرا أن تلك الهجمة تعبر عن حقيقة نية فتح اتجاه المصالحة.
وتساءل قبها عن مواقف النخب السياسية والفصائل في الساحة الفلسطينية من جواب السلطة عن المصالحة وأجهزتها وردودها الرافضة التي تهدف إلى وضع العصيّ في دواليبها، مشيرا إلى أن تلك الإجراءات من شأنها تسميم وتعكير أجواء الوحدة التي تحاول حماس على الدوام تصفيتها والدفع اتجاهها.
قبها طالب هذه الفصائل والنخب أن "تُعلي صوتها اتجاه سياسة تكميم الأفواه ومصادرة الحريات وحملة الاعتقالات الواسعة والمسعورة ضد حماس"، داعيا تلك الفصائل إلى الإشارة بإصبعها إلى الطرف الذي يعطل المصالحة بوضوح.