الراحات الصغيرة نفضت الغبار عن الكتب الصامتة في مكتبة "خالد الحسن" التابعة لبلدية النصيرات , عشرات العيون المفتشة عن الجديد والطريف تجولت بين الرفوف وكلها أمل بنيل الجديد المفيد .
بين أروقة مكتبة "خالد الحسن" مقر المخيم تتشابك إجابات وأحاديث الطلبة وهم يناقشون ويجيبون أسئلة المشرفين فالمطروح من قبلهم يعصف الذهن لفتيان في مقتبل العمر.
قبل أيام أطلقت جمعية الملتقى التربوي بالنصيرات مخيم "كتابي يصنع مستقبلي" للحث على القراءة والمطالعة بمشاركة 50 طالب من المرحلة الإعدادية معظمهم من المتفوقين والمتميزين زاروا والتقوا كثير من الشخصيات المثقفة والمتميزة في القطاع .
القراءة والتلخيص
فرغ مدير المخيم الأستاذ نور عيد من جولة في المكان اطمئن بها على سير العمل حسب المخطط له, يقول عيد إن الهدف من المخيم هو غرس عادة القراءة في نفوس الشبان من خلال عدة أنشطة هي المسابقات الثقافية والمطالعة الحرة وتلخيص الكتب والمحاضرات .
يرد الطلاب المخيم عند الثامنة صباحاً ويواصلون الفعاليات برفقة المشرفين حتى الحادية عشر، حيث يقسم اليوم ما بين القراءة والمسابقات والعروض المرئية، وقد استضافوا شخصيات أدبية ومثقفة عدة لمناقشتهم في تجاربهم الخاصة في القراءة والثقافة.
ويشير المدير عيد أن الفكرة تركز على تحبيبهم بالقراءة وقد كان لدى الملتقى مكتبة ثم اشترى كتب تناسب الفئة المستهدفة امتازت بالسهولة والورق الملون والصور ما مهّد لانطلاق المخيم فيما بعد .
ويضيف:"أهدينا كل طالب هدية-كتاب مفاتيح النجاح-وقد أرهبنا البعض من تنفيذ الفكرة خاصة أن المخيم يأتي بعد فترة الامتحانات واليوم بعد نجاحنا نفكر في المواصلة مع المتميزين في بعض المواهب".
ومع انطلاق اليوم الأول وتوالي الفعاليات استبشر المشرفون بالمخيم فالعدد المسجل كان مكتمل والطلاب أبدوا التزاماً وتفاعلا واجتهدوا كثيراً بعد ذلك في تلخيص الكتب والمحاضرات.
أما المشرف محمد طومان فيهز رأسه أمام كل من يسأله عن سير العمل في المخيم رضاً بما يجري, يقول طومان إن الفكرة كانت مميزة بالنسبة له لأن معظم المخيمات ترفيهية تتناول اللعب والمرح .
ويضيف:"حاولنا الدمج بين القراءة والترفيه وحاولنا تنمية فكرة القراءة وأرى اليوم نماذج ممتازة وقد خاطبنا من قبل المدارس لنستقبل الطلبة المتميزين" .
العائق المشهور في نظر المشرف طومان أن الطالب عادة بالكاد يتخلص من عبء المنهاج الإلزامي المقرر لذا لا يميل للمطالعة والثقافة لكن مخيم "كتابي يصنع مستقبلي" منح الطالب فرصة القراءة لما هو جديد ومختلف وهو سلوك بحاجة لتبني وتمنية من قبل وزارة الثقافة والمؤسسات الثقافية .
تفاعل الطلاب
في الحجرة المجاورة يحاول المشرف ياسر أبو شرار السيطرة على كم الإجابات من ربع الطلبة الحاضرين في القاعة فقد سألهم سؤالاً واندفع المجيبون للإجابة كل يريد أن يسبق زميلة.
يقول أبو شرار إنه يسألهم أسئلة ثقافية عن القدس والأقصى وأن التفاعل كبير وملحوظ فلديه 10 طلاب من أصل أربعين أجابوا بشكل سريع وصحيح فيما لا تخلو رؤوس البقية من إجابات ومعلومات ربما تأخرت قليلاً.
يعدّل الطالب عبد الله رمضان في الصف العاشر من وقفته قبل الشروع في وصف المخيم فيقول إنه مخيم المطالعة والقراءة والمسابقات وأنه مهتم بشكل خاصة بالكتب الدينية حيث يقسم الوقت فيه لثلاث ساعات الأولى للمطالعة والثانية للمسابقة والثالثة للأنشطة الأخرى.
تمكن عبد الله من تلخيص كتاب قصص القرآن وعدة محاضرات أخرى وهو متأثر كثيراً باللقاء الأخير الذي جمعهم بالدكتور الأديب كمال غنيم وشقيقه الأديب رائد غنيم فأعجب بحديثهم عن القراءة وتجربتهما الأدبية والثقافية .
أما زميله فيصل أبو القمصان فيؤكد أنه وجد ما لم يجده في مخيم آخر لأنه مخيم يركز على القراءة في وقت أصبح الجيل معظمه لا يتجه للثقافة مضيفاً :"علمونا كيف نقرأ وماذا نقرأ, لقد تغير انطباعي عن القراءة وفهمت أن المناسب أن أقرا ما يتلاءم م عمري"
ويقول الطالب محمد القطراوي إنه شرع في قراءة سلسلة الدكتور طارق سويدان "صناعة الثقافة" حين نصحه أحد المشرفين بتناول تلك السلسلة ممتدحاً الجو العام بين الطلبة والمشرفين في مكان لا يخلو من الفائدة اليومية .
ونالت قصة "الحب الأقوى" على كامل تفاعل وانسجام الطالب ميسرة فايد فهي التجربة الأولى له فلم يكن قديماً قد تعلق بالقراءة أو المطالعة في مثل هذا الجو وحديثاً فرغ من تلخيص كتاب "قصص القرآن" حيث ينوي تأسيس مكتبة خاصة بعد انتهاء المخيم .
ويربت المشرف كمال طومان على أكتاف الطلبة المتميزين كلما أحسنوا الإجابة والتفاعل تشجيعاً لهم , لدى كمال كمدرس قديم تجربة في مثل هذه الأنشطة داخل وخارج قطاع غزة .
يقول كمال إنه تفاجأ برغبة وإقبال الطلبة على القراءة مشيراً أن إدارة المخيم اختارت كتباً تناسب أعمارهم فأضحى الكل منسجم ويلخص ما يقرأ فيما برزت كثير من المواهب لدى الطلبة خلال الأنشطة في فنون مثل الشعر والخطابة والقصة .