بعد اثني عشر عاما، عاد الشهيد مجدي خنفر إلى جنين، وسط مشاعر ممزوجة بالفرح لاسترداد رفاته، وحزن نُكئ بعودته بعد هذه المدة، وكأنه استشهد قبل ساعات فقط.
19 يناير، هو يوم مولد مجدي وخروجه من رحم أمه للدنيا، ليصادف أيضا يوم استخراج رفاته من مقابر الأرقام.
وشيعت جماهير محافظة جنين صباح الاثنين رفات الاستشهادي خنفر بعد أن سلمته سلطات الاحتلال لعائلته مساء أمس الأحد.
وانطلقت مسيرة التشييع من أمام مستشفى جنين الحكومي باتجاه قريته (سيلة) جنوب المدينة، لتلقي عليه عائلته نظرة الوداع الأخيرة في منزله، ويوارى الثرى في مقبرة القرية.
يقول عبدالجواد، والد الشهيد خنفر: "حرقت نار الشوق قلوبنا لزيارة قبر مجدي".
ويضيف بكلمات، بالكاد يقوى على لملمة حروفها: "فرحنا لتسلم رفات مجدي بعد طول انتظار (..) نحن نعيش الآن لحظة استشهاده".
ويعود والده بذاكرته لتفاصيل يوم استشهاد ابنه ويقول: "لم نكن نعلم بذهاب مجدي لتنفيذ عملية ضد الاحتلال، لكن وردنا الخبر عبر وسائل الإعلام التي تحدثت عن استشهاد شابين في منطقة باقة الغربية في الداخل المحتل".
ويتابع: "على ما يبدو أن مجدي والشهيد فتحي عميرة الذي كان معه أيضا، كانا ينويان تنفيذ عملية داخل (إسرائيل) ولم يكن الهدف هو تفجير نفسيهما على حاجز في باقة الغربية، لكن بعد أن اكتشف أمرهما ورفضا الاستسلام للجنود هناك، اشتبكا معهم إلى أن استشهدا، وأدت العملية حينها لمقتل ضابط وجندي وإصابة خمسة جنود آخرين، وقد تبنت العملية حينها كتائب شهداء الأقصى".
وكانت حسرة الفراق تكوي فؤاد أم الشهيد كلما رأت والدة شهيد في قريتها تزور ضريح ابنها.
تقول لأبنائها ومن حولها "ألا يكفيني أنه استشهد وغاب عني حيّا ليغيب ميتا أيضا" !
وعن ذلك يقول والد الشهيد: "في قريتنا 16 شهيدا، كلهم دفنوا هنا، ما عدا ابني، كانت هذه غصة كبيرة في قلوبنا ضاعفت ألم استشهاده، خاصة في أيام الأعياد، عندما كانت عائلات الشهداء تذهب فجرا لقبور أبنائها أما نحن فكان حزننا مضاعفا، وألمنا لا يوصف".
ويعتزم والد الشهيد مجدي، فتح سرادق عزاء؛ لاستقبال المعزين للمرة الثانية باستشهاد ابنه، وكذلك حفل تأبين له في الأيام المقبلة.
بدورها، قالت المنسقة الإعلامية لحملة استرداد شهداء مقابر الأرقام والمفقودين، فاطمة عبد الكريم، إن قرار تسليم رفات الشهيد خنفر، جاء تنفيذا لقرار المحكمة العليا الإسرائيلية بتسليم جثامين 36 شهيدا من مقابر الأرقام، التي مازالت تحتجز فيها (إسرائيل) 252 شهيدا.
وأشارت في حديث لـ "الرسالة نت" إلى أن سلطات الاحتلال كانت قد أجرت في الشهور الماضية فحوص الـDNA لعائلات الشهداء الـ36، للبدء بتسليم رفاتهم، التي كان أولها استرداد رفات الشهيد خنفر.
وذكرت أن سلطات الاحتلال قررت على ما يبدو تسليم الشهداء بشكل متفرق وليس على دفعة واحدة، حيث لاتزال باقي العائلات تنتظر استرداد رفات أبنائها.
وأعلنت الحملة الوطنية لاسترداد الجثامين، مساء أمس، أن الاحتلال سيسلم رفات الاستشهادي فادي عميرة من نابلس، الذي استشهد برفقة خنفر قبل 12 عاما، إضافة لتسليم رفات الشهيد عطا سمحان من قرية النصارية في محافظة طوباس، الذي استشهد بقصف للقرية عام 2004.