الرسالة نت-رامي خريس
أثار الحديث عن اندلاع انتفاضة ثالثة الهلع في صفوف قيادات حركة فتح لاسيما الذين يراهنون منهم على التسوية كخيار استراتيجي .
ولم يستطع هؤلاء إخفاء مخاوفهم من أن تتحول الغضب الشعبي في القدس والضفة الغربية إلى حركة احتجاجات مستمرة ومتصاعدة تؤدي في النهاية إلى قلب مخططاتهم وسلطتهم الموالية للاحتلال في الضفة الغربية .
أمر غريب
وكان متوقعاً أن يخشى قادة الاحتلال من اندلاع انتفاضة جديدة أو من تصاعد المقاومة في الضفة الغربية ولكن الأمر الذي جاء عكس كل التوقعات معارضة حركة فتح وقيادييها اندلاع انتفاضة جديدة بل وحديثهم علناً عن رفضهم لهذا الخيار.
وكانت تصريحات قادة فتح المحذرة من خطورة اندلاع انتفاضة ثالثة غريبة جداً ودفعت الكثير من الفلسطينيين للتفكير ملياً في الدوافع التي تقف وراء مواقفهم تلك لاسيما أن الحديث عن المقاومة والهبة الشعبية والانتفاضة كان دائماً يقترن بتأييد فلسطيني عارم.
رئيس السلطة المنتهية ولايته محمود عباس ورئيس حكومته في الضفة الغربية سلام فياض كانا أول من رفض العودة إلى ما وصفوه بـ"العنف" على اعتبار أنه "رغبة فلسطينية عامة".
وهذه الصيغة بالتحديد أطلقها فيّاض في تعليقه على هبّة الخليل ضد مخطط تهويد الحرم الإبراهيمي. وبحسب المراقبين فإن الأخير انصبّ همّه على رسم سقف لحركة الشارع، أكثر منه على التنديد بالإجراءات الإسرائيلية.
ولم يقتصر الأمر على الحديث الذي يعبر عن الخوف من الانتفاضة أو رفضها بل امتد الأمر للتهديد بمعاقبة من يشارك فيها ، وهو ما عبرت عنه ليلى غنام المعينة لمنصب محافظ رام الله في الضفة الغربية التي قالت : " أن أية محاولة من حماس لإثارة انتفاضة ثالثة ستواجه بيد من حديد.
ولم يفت محمد دحلان هذه المناسبة فقد عبر عنها بطريقة ظن أنها أذكى من سابقيه فذهب إلى اتهام رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بـأنه "يستدرج" الفلسطينيين إلى انتفاضة ثالثة. واجتهد في إثبات نظريته بالقول أن الإسرائيليين هم من يريد الانتفاضة، بينما الشارع الفلسطيني مستكين إلى "سلميّته وحياته اليوميّة".
تحرك عملي
وإذا كان فياض ودحلان قد صرحا برفضهما لأية انتفاضة جديدة وغنام هددت بقمع من يشارك فيها فإن كبيرهم عباس لم يتحدث وإنما فضل التحرك عملياً لاحتواء الأمور في عملية سباق مع الزمن واتجه للمفاوضات كوسيلة مفضلة لبيع الأوهام للفلسطينيين أملاً في تأجيل الانفجار الحتمي كما يرى ذلك بعض المراقبين كما يرون أن أبو مازن، وباقي أفراد طاقمه، يدركون أن الحراك الأخير في الخليل والقدس المحتلة، لم يكن فقط ردّ فعل مرحليّ على الإجراءات الإسرائيلية. بل إنها القشّة التي قصمت ظهر البعير لاسيما أن الإخفاقات خلال السنوات الماضية تراكمت، وبالتحديد منذ اختار عبّاس شعار " سلاح الشرعية والمفاوضات " لمواجهة فصائل المقاومة في الضفة الغربية.
ويبدو أن حراكاً آخر بدأ في قاعدة فتح حيث تشير بعض المصادر إلى أن اليأس بدأ يتسرّب إلى داخل مكوّنات الحركة، وبدأت ترتفع الأصوات داخلها مطالبةً بخيارات أخرى
كل ذلك يحاول عباس تجاوزه بالتفاوض أملاً في احتواء المؤقت خصوصاً إذا حصل من الإسرائيليين على عظمة لتزيينها ويقول أنها مكسوة باللحم ، كما أن تكثيف التنسيق الأمني قد يكون محاولة أخرى لمنع تضخّم كرة الثلج وتأجيل الانفجار .