بدأ يتردد على الساحة المصرية بقوة التساؤل بشأن كيفية مواجهة النظام العسكري والأمني القائم في مصر. وهنا تتشابك الحركات المدنية التي ترفض ترشيح عبد الفتاح السيسي وعودة حكم العسكر من جديد، بمواقفها الرافضة مع موقف جماعة "الإخوان" المسلمين، ولاسيما حركتا "6 أبريل" و"الاشتراكيين الثوريين".
آليات رفض حركتي "6 أبريل" و"الاشتراكيين الثوريين" تمثلت منذ فترة في التظاهر وتنظيم المسيرات في مناطق حيوية في القاهرة الكبرى لكن القمع الأمني نقل قيادات هذه الحركات من المظاهرات إلى السجون، فقُبض على مؤسس حركة "6 أبريل" أحمد ماهر، وخالد السيد القيادي في حركة "الاشتراكيين الثوريين" وشباب حزبي مصر القوية والتيار المصر، وهو ما دفع بهم إلى التجمع في جبهة واحدة تسمى "طريق الثورة"، أو "ثوار".
كريم محمد العضو في جبهة "طريق الثورة"، أوضح أن انضواء الحركات الثورية الشبابية في جبهة طريق الثورة "محاولة لاستجماع القوى من جديد ضد بطش النظام القمعي الذي عاد"، كاشفا عن وقف فعاليات الجبهة بعد إلقاء القبض على عدد كبير من قياداتهم والزج بهم في السجون وتلفيق القضايا لهم، "ولاسيما التي تخالف قانون التظاهر الجديد الذي تستخدمه الشرطة بمزاجها".
ويرى كريم أن التجربة أثبتت أن النظام القائم منذ "3 يوليو" نسخة جديدة لعسكرة الدولة، لافتا إلى أن ذلك "دفعهم إلى مواجهة جديدة معه لا تأييده"، لكنه رفض في الوقت نفسه التحالف مع "تحالف دعم الشرعية" لمواجهة النظام الحالي، "لأن الهدف مختلف"، وفق رأيه.
رغم أن المواجهة واحدة فإن هناك ما يباعد بين الإخوان والجبهة كما يعتقد الشاب، ويشير إلى أن الجبهة توقفت عن التظاهر منذ مدة على عكس "التحالف".
عودة الحالة الثورية
أحد شباب جماعة الإخوان المسلمون المشاركين في فعالياتها على الأرض عمر مجدي شدد من جهته على "أن جميع القوى السياسية تخلت عن مواجهة الدولة مع أول حملة اعتقالات انتابت صفوفها أو قتل من الأمن".
كسابقه، رفض مجدي ورفاقه التعاون ضد العسكر، "ولاسيما مع من يرفعون الشعار الثلاثي: يسقط كل من خان، عسكر فلول إخوان"، وهو شعار جبهة "طريق الثورة"، مضيفا: "أي حديث منتظر من الجماعة مع أي قوى ثورية يأتي بعد عودة الشرعية المتمثلة في الرئيس محمد مرسي ثم الجلوس إلى طاولة واحدة لوضع خريطة طريق جديدة".
الباحث السياسي صلاح لبيب رأى أن "ترشيح السيسي للرئاسة يعزز إلى درجة كبيرة عودة الحالة الثورية إلى البلاد، ولكن بصورة مغايرة عما كانت عليه في الماضي"، وأضاف: "مع الوقت ستشعر تلك الحركات بأنها بحاجة إلى ممارسة براغماتية تتعالى فوق الخلافات الأيديولوجية وغيرها الموجودة حاليا".
وأكد لبيب أن "ترشيح السيسي نقطة حياة للحالة الثورية المصرية المنهكة، فهو رجل ينتمي إلى نظام حسني مبارك ومؤسسته الأمنية، كما إن توجهات داعميه ضد ثورة 25يناير".
تنظيم الإخوان العالمي!
استمرارا لشيطنة الإخوان لا يمر يوم إلا يعلن الإعلام المصري فيه وجود مؤامرة جديدة أو كارثة يخيط حبالها التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمون، ويستشعر المتابع هذه الرواية أننا أمام تنظيم على درجة عالية من التماسك والقدرة على النفاذ وتحريك الخيوط.
ترضي هذه الرواية الرغبة المحمومة لدى النظم القومية في إيجاد عدو خارجي يقف بالمرصاد لرغبات الشعوب في التحرر، وتعبّر عن حس مؤامراتي فج وتبسيط مخل يحاول أن يفسر اتجاهات الموقف الدولي وتعقيداته بشأن ما يحدث في مصر عبر رده إلى مؤامرة إسلاموية مزعومة هدفها النيل من "حامي الاستقلال الوطني الذي يعبر عنه نظام المرحلة الانتقالية والجيش المصري".
من ناحية أخرى، ينفي الإخوان وجود مثل هذا التنظيم "الهيراركي"، ويتحدثون عن وجود إطار تنظيمي أقرب إلى التنسيق بين فروع الجماعة في أنحاء العالم في أفضل الحالات، وتصر القيادات على وضع الإخوان المصرية في خانة الفصيل الوطني المُنبَت الصلة بالخارج، وإن كانت الجماعة لا تنفي رؤيتها لاستعادة الخلافة الإسلامية وتوحيد العالم الإسلامي وقيادة العالم تحت شعار "أستاذية العالم" المنسوب إلى المؤسس الأول حسن البنا.
وكالات