من كان يتوقع أن شجرة "العاذر" تلك التي تهملها عيون المارة تخفي تحتها جثة الطفلة هديل الصوري بعد أن حيّر لغز اختفائها رجال الأمن ونسج الثرثارون في أنحاء قطاع غزة روايات خيالية عن عصابات الخطف وتجارة الأعضاء البشرية.
انتهى لغز اختفاء الطفلة هديل أحمد الصوري ليلة الثلاثاء بالعثور عليها مدفونة في أرض خالية غرب منطقة الحساينة بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة بعد قرابة خمسة أسابيع من اختفائها.
وتمكن رجال الأمن من انتشال جثة الصوري 3 سنوات بعد أن دفنها القاتل في أرض خالية تعرف محليا في مخيم النصيرات باسم "أرض الغزالي" وبعد التأكد من هويتها نقلت عبر سيارة إسعاف إلى مستشفى الشفاء تمهيداً لعرضها على الطبيب الشرعي .
الخيط
وحدها التفاصيل اللاحقة من التحقيق التي ستمنح أهل قطاع غزة الرواية كاملة وتغلق الملف الذي أرعب الأطفال والأمهات في حكاية شغلت كل من بائعة اللبن والخضار وصولا للمثقفين وصفحات الانترنت.
توجه "م.ا" إلى "أرض الغزالي" لنقل كمية من الرمال عبر عربة الحصان الذي يملكه وعندما بدأ في رفع الرمال اشتبه بوجود شيء ما تحت التراب فأوعز إلى أحد المارة أن يتصل بالشرطة لوجود جثة في المكان.
الترجيحات والتحقيقات الأولية تشير أن وجود "م.ا" في مكان الحادث أمر يحمل كثير من علامات الاستفهام فما الذي أتى به إلى تلك النقطة بالذات ليجمع الرمال منها في منطقة خالية ولماذا فضّل نقل الرمال من وسط تلك الأرض لا من حافتها!.
حضر اثنان من رجال الأمن إلى المكان وشرعا في الحفر وعلى عمق متر واحد بدأت الجثة في الظهور, كانت الجثة لطفلة ترتدي نفس ملابس الطفلة هديل التي انتشرت صورتها بها وهي "قميص أحمر" و"قبعة" حمراء.
في البداية لم يتمكن رجل الأمن من التأكد أن الجسم المختفي تحت الرمال والذي بدأ نصفه الأعلى في الظهور هو جثة بشرية وتحديدا الطفلة التي شغلت المباحث ورجال الشرطة منذ خمسة أسابيع حتى وصل إلى عمق متر واحد فظهرت كامل الجثة .
حمل أحدهم الجثة بيديه ورفعها بشكل رأسي فبدت متماسكة إلى حد ما وعندها شاهد رأسها وجسدها حيث تأكد أنها طفلة صغيرة ترتدي قميصا أحمر وحول رأسها "قبعة مع لفحة" حمراء.
لم تكن ملامح الوجه واضحة كثيرا لكن كافة العلامات من حيث العمر والملابس وبعض الملامح صعبة التحديد كان تشير إلى أنها هي "الطفلة هديل الصوري".
عينا الطفلة والمنطقة التي أسفلهما كانت سوداء اللون فيما تسلل خيط من الدم من فمها مع بقاء ملابسها كما هي لم تتغير كثيرا لان مدة الموت قصيرة نسبياً.
الشرطة
في العادة تكون منطقة الحدث مظلمة فهذه المنطقة تحديدا "أرض الغزالي" تبعد عن شاطئ البحر قرابة 400 متر ولا منازل كثيرة فيها سوى بعض البيوت المتباعدة وقطع أرض مسورة حديثة البيع.
انتشرت المصابيح اليدوية في المكان وتبعثرت عربات رجال الشرطة قرب الحفرة وتوالى وصول رجال المباحث إلى المكان ولحقت بهم عربة إسعاف ورجال النيابة فانتشروا لاستكشاف الموقف دون كثير من الجلبة وفتحوا تحقيقا أوليا لاستيفاء كامل التفاصيل.
استدعت الشرطة جدة الطفلة للتأكد من هوية الطفلة فحضرت الجدة وشاهدت الجثة وأكدت هويتها ثم بدأت في البكاء عندها تقدم رجال الإسعاف ولفوا الجثة بالقماش ونقلوها إلى عربة الإسعاف وانطلقوا بها إلى مستشفى الشفاء.
وأكد أحد الضباط لـ"الرسالة نت" أن الجثة هي للطفلة الصوري وأنهم بصدد عرضها على الطبيب الشرعي لمعرفة التفاصيل الكاملة عن عملية القتل وأن المباحث شرعت مرة أخرى في التحقيق بعد ظهور الجثة.
وكانت الشرطة قد استدعت عددا كبيرا من المشتبه بهم من بينهم رجل وامرأة حققت معهم مرات عدة وكانت هناك مؤشرات أولية تدل على ضلوعهما في الجريمة لكن دون وجود دليل قوي على تورطهما.
وما أن تأكدت الشرطة من هوية الجثة حتى بدأت مواقع الانترنت تتسابق في نشر الخبر وإعادة نشر صورة الطفلة الصوري التي ملأت قبل شهور من الآن صفحات الانترنت خلال مرحلة الإعلان عن اختفائها.