دير البلح – أمين خلف الله – الرسالة نت
قبل ستة عشر عاما غيبت جدران السجن الأسير حلمي حمد العيماوي هناك في نفحة بعيدا عن والديه وزوجته وأبنائه، مؤبدات كثيرة حكم عليه الاحتلال بها وبقي رغم كل ذلك مبتسما، أم عادل تلك العجوز التي انفطر قلبها باعتقال ابنها الأسير حلمي العيماوي والتي كان للرسالة نت شرف محادثتها في رمضان السادس عشر الذي تحرم فيه من فلذة كبدها.
مبتسم دوما
في بيت متواضع في منطقة البركة جنوبي مدينة دير البلح حيث تقطن أم عادل التي تحدثت بصوت متهدج ولهفة عن ابنها الذي غاب منذ ستة عشر عاما تقول أم عادل: اعتقل حلمي في شهر 4 / 1993 وذلك بعد مطاردة استمرت شهرين ظلت فيها المداهمات والتفتيش اليومي في كل ساعة ليلا ونهارا حتى استطاع الاحتلال في اعتقال حلمي ، شهور طويلة مرت قبل أن أراه كان مختلفا فالتعذيب غير شكله كثيرا ومع ذلك كان مبتسما وعشنا دوامة المحاكم العسكرية حتى حكم عليه بعدة مؤبدات مجموعها 110 عام لنشاطه في كتائب القسام .
توقفت أم عادل لترنو ببصرها بعيدا واستطرت قائلة: دوما يهيأ لي أنني أراه قادما من هنا أو هناك مبتسما، ضاحكا، ممازحا من حوله لا يكل كعادته.
وقالت أم عادل وفي عينيها أسئلة كثيرة: قبل أيام في 28/7/2009 تزوج ابنه إبراهيم والذي يبلغ من العمر 19 عام، وقد سجن والده وعمره 3 سنوات وابنته كانت رضيعة لقد كنا ننتظر أن يشارك ابنه في عرسه.
واستطردت أم عادل قائلة: لقد حرم الاحتلال زوجته وأبناءه من زيارته، كنت أزوره لوحدي، ولكن بعد خطف شاليط منعت من الزيارة نهائيا.
وأضافت: كنت دوما أراه مبتسما واثقا رغم الحاجز الزجاجي الذي يحرمني من ملامسة يده- فقط الحديث من خلال هاتف داخلي، زيارة رغم أنها تخفف من لوعة أشواق الأم إلا أنها دوما رحلة عذاب وإذلال وإهانة لأهالي الأسرى، ورغم ذلك لا يمكن إلا أن أزوره كل أسبوعين وهو يتنقل من سجن إلى سجن حتى استقر في سجن نفحة، والآن لا يزوره احد، نتنسم أخباره من خلال الأسرى المحررين وهم قلة.
وفاة الوالد
من جانبه قال أمين العيماوي شقيق الأسير حلمي: اعتقل أخي وعمري 15 عاما. لم استطع زيارته كثيرا فقد منعنا الاحتلال من الزيارة، وبعد عشر سنوات من اسر حلمي توفي والدي بعد رحلة طويلة من العذاب والمرض والهم وفراق الابن، كانت أمنية والدي أن يرى حلمي خارجا من أسره، انظر لزوجة حلمي وولديها وهي تشارك أسبوعيا في اعتصام اهالى الأسرى الأسبوعي أمام مقر الصليب الأحمر في غزة وهي تعيش على أمل أن يخرج حلمي. وأضاف أمين: لا استطيع أن اصف مشاعرنا كلنا وبالذات بعد خطف شاليط كنا ننتظر الساعة تلو الساعة للإفراج عن حلمي بعد أن تأكدنا أن اسمه أدرج ضمن قائمة أسماء الأسرى الذين تطالب حماس بالإفراج عنهم في صفقة التبادل.
وأضاف: عشنا في توتر متواصل بسبب التصريحات الكثيرة جدا عن قرب إتمام صفقة التبادل حتى أننا اجلنا عرس ابنه إبراهيم أكثر من مرة على أمل أن يخرج ويشارك في عرس ابنه ولكن هؤلاء الذين يطلقون التصريحات لا يفكرون في مشاعر اهالى الأسرى والذين يعيشون اللوعة الممزوجة بالأمل مع كل خبر عن صفقة التبادل.وأضاف قائلا:لم يتركنا الاحتلال لحال سبيلنا فقد اعتقلني أنا وأخي الكبير عادل في انتفاضة الأقصى في نهاية عام 2003 من البيت بالذات أننا نسكن في منطقة لا تبعد كثيرا عن طريق مستوطنات غوش قطيف سابقا وأطلق سراحنا بعد فترة قصيرة.
انفطر قلبي
تقول أم عادل: حلمي كان يذهب للمسجد الذي يبعد أكثر من 2 كلم، ورغم أن معالم المنطقة قد تغيرت تماما فقد كان يحب أن نحدثه في الزيارة عن كل التغيرات في رمضان فحلمي "نفسه طيبة" يأكل أي شئ ولا يدفعنا لإحضار أي طعام مميز .
توقفت أم عادل وفي صوتها تهدج لوعة أم، وقالت: تعال يا بني، لقد فطر قلبي لوجود حلمي في السجن، أؤمن بأن الأمل في وجه الله.
وتضيف والدة الأسير: اعتقل اليهود ابني قبل ذلك وهو فتى صغير لأنه كان يدمر حماماتهم الزراعية في مستوطنة غوش قطيف، وخرج من السجن فتى صغيرا والتعذيب حوّله إلى هيكل مدمر، بعد أن دفعنا مبلغا كبيرا من المال كغرامة للاحتلال، كنت أظنه بعد هذا السجن سيهدأ ولن يقترب من اليهود ولكن ها هو يأخذ بثأره منهم.
وتقول أم حلمي وما تزال لوعة الفراق وأمل اللقاء يتنازعانها: سيخرج حلمي إن شاء الله ولن يكسروا عزيمتنا واسأل الله تعالى أن يكحل عيني برؤيته خارج السجن قبل وفاتي.