القاهرة – الرسالة نت
كشف عدد من الباحثين وأساتذة الإعلام عن صور وأساليب الاختراق الصهيوني لوسائل الإعلام العربية المقروءة والمسموعة والمرئية، وحذَّرت أبحاثهم- التي نوقشت في المؤتمر العلمي الثاني، أمس الإثنين، بكلية الإعلام جامعة القاهرة تحت عنوان "الإعلام واللغة العربية" تحت شعار "لغتنا هويتنا"- من مخاطر هذا الاختراق، وطالبت توصيات تلك البحوث بضرورة الاهتمام باللغة العربية، وتأصيل العمل بها في مختلف وسائل الإعلام، كأحد أهم الحصون الذي يهدف العدو الصهيوني إلى تغييبها للنيل من هويتنا.
وتوصَّلت دراسة د. محمود حمدي عبد القوي، مدرس بقسم الإعلام بآداب المنيا- بعنوان "اتجاهات محرري الشئون الخارجية في الصحف المصرية.. نحو بناء دليل مفاهيمي لقضية الصراع العربي- الإسرائيلي"- إلى أن الكيان الصهيوني ومناصريه وحلفاءه على امتداد خريطة العالم نجحوا إلى حدٍّ كبيرٍ في استغلال ثورة المعلومات والاتصالات الحديثة في ترويج أفكار وتسويق سياساتها، رغم كل ما تحمله من روح عدوانية وتطرُّف عنصري وسياسي، فإذا بها تفرض مواقف على الرأي العام العالمي في معظم الأحيان، عن طريق الكذب وتزييف الوقائع وتزوير الحقائق، فتقلب الحق باطلاً والباطل حقًّا، بينما ظل العرب في موقف الدفاع عن النفس أحيانًا، وفي موقف الساكت السلبي أحيانًا أخرى.
كما توصلت الدراسة إلى أن أخطر ما فعله الكيان الصهيوني هو اختراقه كثيرًا من أجهزة الإعلام وخصوصًا الصحف وشبكات التليفزيون، بما في ذلك بعض الصحف والتليفزيونات العربية، واستخدم في ذلك أساليب ملتوية كثيرة ووسائل احترافية خادعة؛ لكي يصل إلى القارئ والمشاهد والمستمع العربي في كل مكان حتى تهتزَّ قناعاته، وتنكسر إرادته، وتتخاذل شجاعته، ويتراجع تصميمه على تحرير فلسطين من العدو الغاصب.
وأضافت الدراسة أن الصهيونية لجأت إلى دسِّ العديد من المصطلحات والمفاهيم في لغة الإعلام العالمي؛ تزييفًا للواقع، وتزويرًا للتاريخ، وسرقةً للموروثات، وسارع معظم الإعلام العربي إلى نقلها دون تمحيص، ودراسة ومراجعة؛ الأمر الذي شوَّه تاريخ الصراع العربي الصهيوني.
بينما حذَّر الدكتور سامي الشريف، عميد كلية الإعلام بالجامعة الحديثة- في دراسة له بعنوان "دور الفضائيات العربية واللغة الفصحى.. دعم أم تهديد؟!"- من انتشار اللغة العامية والدارجة على حساب اللغة العربية الفصحى، وأشار إلى أن هناك معوِّقاتٍ تعاني منها الفضائيات العربية لاستخدام اللغة العربية الفصحى في برامجها وموادها، وطالب باعتماد اللغة العربية الفصحى في إنتاج مسلسلات، وبرامج ومواد درامية لإعادة الاعتبار الإعلامي لها في وسائل الإعلام العربية.
وطالبت الدكتورة مروى ياسين، المدرس بقسم الإذاعة بالجامعة الحديثة، بعمل مرصد لغوي إعلامي لتحسين الأداء اللغوي، عبر تقديم دروس تقوية إلزامية للإعلاميين، وضرورة وجود دائرة من المراجعين المدقِّقين اللغويين ذوي الأهلية، يتابعون نشرات الأخبار والبرامج والأعمال المترجمة؛ من أجل تصويب ما يرد فيها من أغلاط، ولفت أنظار المسئولين عنها مباشرةً، وأن يتبنَّى الإعلام العربي اللغة الفصيحة الميسَّرة مادةً لبرامجه، وخاصةً ما يُبث للأطفال والشباب.
وتناولت دراسة الدكتور محمد منصور هيبة، مدرس بقسم الصحافة بإعلام القاهرة، دور كليات الإعلام وأقسامها بالجامعات المصرية في التأهيل اللغوي؛ حيث توصَّلت إلى أن أزمة اللغة العربية تجسَّدت منذ تعدُّد قنوات ممارستها، فانحدر الأداء إلى "درك" مخيف؛ إذ بدأت وسائل الإعلام تروِّج للعديد من الأخطاء التي تصطدم بقواعد اللغة الصحيحة وأصولها، لدرجة يمكن معها القول إن هذه الممارسات بلغت حدَّ ارتكاب الخطايا اللغوية لدرجة مفزعة.
وقال منصور إن الجدل المثار حول ضرورة تبسيط اللغة وأصولها قاد إلى ما يمكن أن نطلق عليه "أزمة لغة"؛ ذلك أن الصراع المفتعل وغير المبرَّر بين العامية والفصحى من ناحية والعربية والأجنبية من ناحية أخرى، ثم مجادلة القوى ذات النفوذ الخارجي الهيمنة في إطار ثقافة العولمة، استنادًا إلى نفوذها السياسي.. كل هذه العوامل أفضت إلى أن دخلت اللغة العربية في مأزق حقيقي لا بد من البحث في أسبابه ودوافعه، وسبل تجاوزه حفاظًا على ذاتيتنا وهويتنا، خاصةً أن سلاح الكونية الثقافية الغازية إنما هو اللغة، مؤكدًا أن وسائل الإعلام تمثل إحدى أهم الثغور التي اخترقت منها لغتنا العربية، وربما ضاعت مع ممارساتها معالم اللغة الصحيحة.
وواصل منصور: كما أن هناك ما هو أسبق من الممارسات الإعلامية وخطرها على اللغة، ويتمثل ذلك فيما تقوم به المؤسسات الأكاديمية القائمة أصلاً على إعداد خريجين للعمل في وسائل الإعلام المختلفة، والطرق التي تتبعها كليات الإعلام وأقسامها المختلفة في تدريس مقررات اللغة العربية لطلابها.
المصدر : اخوان اون لاين