نساء غزة يقهرن البطالة

غزة - ديانا طبيل "الرسالة نت"

مر الثامن من آذار وما زال واقع المرأة الفلسطينية مؤلما، وقد أثر انتشار البطالة والفقر إلى زيادة عدد النساء اللواتي يعشن تحت خط الفقر، مما دفع المرأة لتوفير مستلزمات الحياة لأسرهن بنفسها.

 

وتغلبت نساء على فقرهن بمهن نسائية بسيطة كصناعة المفتول ،والمعجنات، والمطرزات التراثية ،والأصواف وبعض التحف المنزلية،خلال مشاركتهن في احد المعارض النسائية التي أقيمت على شرف الثامن من آذار كيوم عالمي للمرأة، بهدف الترويج لمنتجاتهن وتجاربهن في تطوير عائلاتهن.

 

"الرسالة نت" التقت مع بعض هؤلاء النساء للتعرف على كيفية نجاحهن في الاعتماد على أنفسهن في توفير لقمة العيش.

 شوط طويل

’أم محمد شحادة " 44 عاماً " واحدة من النساء اللواتي نجحن في توفير دخل ثابت لعائلتها بعد أن عانت لسنوات طويلة من الفقر والعوز الذي أنهك أحلامها ، من خلال جلوسها أمام طبق كبير من الألمنيوم مليء بالدقيق ، لتحوله تدريجيا إلى حبات صغيرة متساوية، وتخرجها من فتحات ’الكربالة’ لتصنع أكلة هي الأكثر شعبية في قطاع غزة: "المفتول".

 

بدأت رحلة أم محمد في صناعة المفتول عام 2002 إثر انقطاع زوجها عن العمل في أراضى 48 بعد اشتداد انتفاضة الأقصى،وإغلاق القطاع، حيث لم تجد أمامها إلا صناعة المفتول، خاصة بعد تلقيها الدعم المعنوي والتدريب المتواصل من بعض المؤسسات النسوية المهتمة بتطوير النساء.

 

واستطاعت أم محمد أن تقطع شوطاً طويلا في مهنتها من خلال أعدها خطة تسويقية لمنتجها، وذلك بالاتفاق مع بعض الجمعيات النسوية، ومن جهة أخرى يساعدها أبناؤها في تسويق أكياس المفتول على المحلات.

ولا تختلف معاناة أم محمد عن معاناة أم عماد عبد الله "39 عاما" والتي وجدت نفسها بين ليلة وضحاها مسئولة عن متطلبات عائلة بأكملها بعد وفاة زوجها، لذا قررت البحث عن مهنة تسند عائلتها في مشوار الحياة .

 

وتقول أم عماد : لم تكن رحلة البحث سهلة فقد عانيت لمرات عديدة من فشل فى التجارب ثم العودة للبحث عن مهنة جديدة. بمساعدة احد الجمعيات النسائية اخترت مهنة صنع التحف الفنية ،خاصة وأنها تمثل جزءا من شخصيتي التي تميل إلى الفن وحب الجمال .

 

وتضيف:" بدأت العمل في منزلي ببعض الأدوات البسيطة التي وفرتها على مدار شهور طويلة ومن ثم أصحبت أشارك في المعارض الفنية التي تقيمها المؤسسات الأهلية والمدارس حتى بات اسمي معروف في هذه المهنة، مما اهلنى للحصول على قرض مشاريع نسائية صغيرة استطعت من خلالها فتح محل لبيع التحف الفنية ليجلس فيه أكبر ابنائى، مما حقق لنا دخلا ثابتا ومستوى معيشيا كريما .

 عمل نسائي

أما هداية عودة " 33 عاما " والتي لم تستطع إكمال دراستها الجامعية بسبب ظروف عائلتها المعيشية الصعبة استطاعت أن تجد فرصتها في عمل نسائي يحقق لها الاستقلال الاقتصادي من خلال صناعة والمعجنات البيتية.

 

وتعمل هداية في إحدى الجمعيات في صناعة المعجنات والبيتزا وبعض المأكولات الشعبية الخاصة بالأفراح، من الساعة السابعة صباحا وحتى الساعة الثانية ظهراً، مقابل 1000 شيكل شهريا، إضافة إلى بعض الكيلوات من والمعجنات أو الأطباق التي يعدونها.

 

أما زميلتها حنان فيبدأ عملها من الساعة السابعة صباحا وحتى الثانية بعد الظهر، حيث تصنع وعشرة أخريات 60 كيلو من المفتول يوميا، مقابل اجر شهري 1000 شيقل، إضافة إلى 5 كيلو من المفتول عند نهاية العمل .

ويذكر في هذا السياق أن العديد من المؤسسات الدولية المانحة لجأت إلى تأسيس برامج لتشغيل ربات البيوت الفقيرات في مجال صناعة المأكولات، ووفرت مشاريع ترعاها جمعيات محلية، بتمويل من تلك المؤسسات، لإعالة الأسر الفقيرة، كما ساهمت تلك المشاريع في رفع قدرة ومهارة هؤلاء النسوة في صناعة المأكولات الشعبية.

 معايير الاختيار

ويتم اختيار النساء العاملات بناء على عوامل ومعايير ثابتة أهمها العوز والحاجة، وعدم وجود مصدر دخل للأسرة، وأن تكون المرأة معيلة لأسرة وتجيد صناعة أي من المهن اليدوية أو المأكولات الشعبية .

 

من جهتها تقول سمية كلوب إحدى منسقات مشاريع التشغيل ضمن برنامج خلق فرص عمل تموله مؤسسة ’ميرسي كور’ أن المشاريع التشغيلية تحافظ على معايير الجودة العالية في صناعة المفتول والمعجنات والأكلات الشعبية والصناعات اليدوية، لافتة إلى أن عملية التصنيع فيما يتعلق بالأطعمة تخضع لمتابعة صحية مستمرة، للتأكد من صلاحية المواد الأولية ونظافة الأدوات والمكان.

 

وأكدت أنه يتم شرح الشروط الصحية الواجب توافرها في القائمات على عملية التصنيع والحرص على النظافة العامة، خاصة فيما يتعلق بتعقيم الأدوات المستخدمة، إضافة إلى توضيح شروط التخزين السليم في أماكن جافة غير رطبة، بعيدة عن الشمس، للمحافظة على الجودة العالية واستمرار بقاء هذا المشروع كمصدر رزق لعشرات الأسر.

 

وتؤكد كلوب إن عشرات الأسر المعدمة والفقيرة أصبحت تعول نفسها بعد التحاق نسائهم في مشاريع تشغيلية مؤقتة أو عبر مساعدتهن في الحصول على قروض مشاريع صغيرة و تدريبهن لفترات طويلة على إعداد المشاريع ودراسة الجدوى ومتطلبات السوق وآليات التسويق والترويج وطرق الحفظ والصناعة ، وما إلى ذلك من فنون يحتاجنها خلال عملهن ، مؤكدة أن 80% من النساء اللواتي تلقين هذه التدريبات وهذه الفرص استطعن أن يخطين الخطوة الأولى باتجاه الاستقلال المادي .

 

البث المباشر