مع ساعات صباح الأربعاء الماطرة والعاصفة، تجمع عشرات الشبان أمام مستشفى رفيديا في مدينة نابلس شمال الضفة المحتلة، استعدادا لتشييع الاستشهاديين القساميين عماد الزبيدي وماهر حبيشة.
ورغم سوء الأحوال الجوية من جهة، وملاحقات أجهزة السلطة الأمنية التي يعاني منها شباب الضفة من جهة أخرى، إلا أن أقارب الشهيدين وأصدقاءهما ومناصري حركة حماس، أصروا على المشاركة في مسيرة التشييع مرددين الهتافات المشيدة بكتائب القسام وأذرع المقاومة.
وانطلق موكب التشييع من المستشفى باتجاه دوار الشهداء وسط المدينة حيث أقيمت صلاة الجنازة عليهما، وسط زغاريد النسوة وعبارات الترحيب بالشهيدين في مدينتهما، ومن ثم اتجه الموكب سيرا على الأقدام لمواراتهما الثرى في المقبرة الغربية.
وكانت سلطات الاحتلال قد سلمت الشهيدين مساء أمس الثلاثاء لعائلاتهما على المدخل الغربي لمدينة طولكرم، بعد احتجاز جثمانيهما 13 عاما في مقابر الأرقام بعد تنفيذهما عمليات استشهادية داخل الأراضي المحتلة عام 48.
مشاعر مختلطة
ولعودة الشهداء بعد سنوات طويلة مشاعر وحكايات لا يتجرع مرارتها وفرحتها الموجعة، إلا من عايش فراقهم دون نظرة وداع، أو ضريح لهم يؤنس لوعة المشتاق من أحبة الشهيد.
يقول محمد -شقيق الاستشهادي ماهر حبيشة- لـ"الرسالة نت": "طيلة السنوات الماضية كانت لدينا غصة كبيرة جدا لعدم تسلُّم جثمان شقيقي ودفنه في مدينته التي ولد وعاش فيها وأحبها، لكننا اليوم رغم حزننا الكبير الذي تجدد مع عودته، فإن الفرحة في قلوبنا كبيرة(..) الآن أصبح لأخي قبر!".
ويتابع: "اليوم نحن نزف أخي في موكب يليق به، لنواريه الثرى في نابلس، بعد احتجاز جثمانه ثلاثة عشر عاما، شوقنا له لا يحده شيء، أمي وأبي وكل العائلة تشعر أن اليوم انتصار آخر لماهر بعودته إلى مدينته وأهله".
أما عائلة الشهيد عماد الزبيدي ففرحة عودته يشوبها الكثير من الحزن والألم، فقد عاد شهيدها عماد بعد أن فارقت أمه الحياة وهي تنتظر هذا اليوم.
وتعليقًا على ذلك يقول شقيقه جمال (28 عاما) لـ"الرسالة نت" :"توفيت والدتي بعد ثماني سنوات من استشهاد عماد، كانت طيلة تلك السنوات تنتظر اليوم الذي يعود لها عماد وتزور قبره، إلا أن الموت كان أقرب لها من عودة عماد".
ويصيف: "مشاعرنا اليوم مثل كل عوائل الشهداء الذين يتم تسليمهم بعد سنوات من احتجاز جثامينهم في مقابر الأرقام، إلا أن غصة الانقسام تُضاعِف من حالنا"، موضحًا: "مع إجراءات التحضير للجنازة كان الكثير من الشبان متخوفين من حمل الرايات الخضراء أو صور الشهداء لطبيعة الوضع الأمني الذي تعيشه حركة حماس في الضفة".
ويتابع: "نأمل أن تكون عودة الشهداء اليوم وارتقاؤهم بالضفة وغزة يوم أمس شرارة أمل في إحياء الروح الوطنية لأبناء الشعب الفلسطيني وتوحيد صفوفهم، وأن ترتفع معنويات الشبان وتحيي حميتهم الوطنية".
وكان الشهيد عماد الزبيدي قد نفذ عملية استشهادية في كفار سابا بتاريخ 22/4/2001، ضمن العهدة العشرية لكتائب القسام، حيث أوقع في صفوف الاحتلال قتيلين وخمسين جريحا حسب ادعاء العدو، فيما أكدت كتائب القسام أن عدد قتلى العملية وصل لـ27 (إسرائيليا).
بينما ارتقى الاستشهادي ماهر حبيشة في عملية استشهادية نفذها في مدينة حيفا بتاريخ 2/12/2001، أوقع خلالها 16 قتيلا و55 جريحا (إسرائيليا).