علامات استفهام كثيرة ولدت من رحم قرار مصر حظر حماس ومصادرة أنشطتها، أبرزها تتعلق بمستقبل العلاقة بينهما ومصير ضيوف القاهرة من الحركة أو غيرها.
موسى أبو مرزوق، الرجل الأبرز في حماس الذي يقيم في مصر حتى اليوم وبعد القرار، ويعتبره مراقبون "شعرة معاوية" بين الحركة والقاهرة، و"خط رجعة" إن كُتب للعلاقات الحياة مرة أخرى.
تصدّر اسم أبو مرزوق الإعلام حديثا بعد حديثه عن رفض السلطات المصرية تجديد تصريح إقامته ومرافقيه في القاهرة، الذي انتهى رسميا منذ أشهر، وهو أمر صرّح به أبو مرزوق شخصيا عدة مرات، لكنه رغم ذلك توقع أن يبقى في القاهرة في الوقت الحالي.
حماس نفت أن يكون أبو مرزوق قد تعرض لأي ضغط لمغادرة البلاد، لكن الخبر ونفيه أعطى شرعية السؤال عما بعد حظر الحركة، ومصير ضيوف القاهرة، وملفات فلسطينية تشرف عليها مصر، أهمها المصالحة.
وهنا، اعتبر مصدر في قيادة الإخوان المسلمين بمصر لـ"الرسالة نت" أن تسريب مثل هذه الأخبار التي تتعلق بإقامة أبو مرزوق تهدف لإرسال رسائل إلى حماس بأن قادتها غير مرغوب بهم في القاهرة !
لكنه أكد أن القاهرة لن تقدم على إخطار ضيوفها من حماس بالمغادرة "لأن الحاجة تفرض وجود تعاون، في النواحي الأمنية على الأقل"، وفق قوله.
وأبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة هو القيادي الوحيد الذي استضافته القاهرة بعد خروج حماس من سوريا، وقد أعلن في وقت سابق أن السلطات المصرية لم تجدد إقامته منذ عزل الرئيس مرسي، في حين لجأ قادة المكتب السياسي الآخرين من بينهم رئيس المكتب خالد مشعل للعيش في قطر.
وأكد المصدر أن "وجود حماس في مصر الآن يقتصر على شخص أو اثنين فقط لأهدافٍ تتعلق بالتنسيق المصري-الفلسطيني، وهذا الأمر لن يتوقف سواء كان في مصر انقلاب أم خلاف بين القيادة المصرية الحالية وحماس في غزة".
ولا يرى المصدر إمكانية أن تواصل القاهرة الإشراف على ملف المصالحة، وبرر ذلك بفقد حماس ثقتها بالموقف المصري، وهو السبب الذي دفع حسن يوسف القيادي في حماس إلى التصريح بأن حركته "قد تتجه إلى البحث عن راعٍ جديد للمصالحة".
وكان يوسف اعتبر في تصريح سابق لـ"الرسالة نت" أن مصر أطلقت بقرارها حظر حماس "الرصاص على ملف المصالحة"، مع ضرورة الإشارة إلى أن أبو مرزوق هو المشرف على لجنة الحوار مع حركة فتح.
وغسْل القاهرة يدها من المصالحة بقرار حظر حماس، يضع الأخيرة -برأي مراقبين- أمام خيارين: إما المصالحة مع حركة فتح على أرض فلسطينية, أو تعطيلها. إلا أن حماس ارتأت التأني بعد أن "جرّ" قرار حظرها قيادة السلطة الفلسطينية وفتح إلى مربع الخصومة معها، وتصريحات المتحدثين باسمهما ومشاركتهم في "حفلات الردح" ضد الحركة، تؤكد ذلك.
"إقامة قادة حماس" أبرز موضوع سلّطت وسائل الإعلام الضوء عليه، خاصة أن الأخبار التي تحدثت عن إقامة أبو مرزوق تزامنت مع رفع خالد مشعل رئيس المكتب السياسي طلبا للأمير القطري عبر مدير المخابرات غانم خليفة غانم الكبيسي، بمغادرة الدوحة.
وبرر مشعل ذلك لتجنيب قطر الضغوط من السعودية والإمارات بضرورة تخلي الدوحة عن حركة حماس والتوقف عن دعمها ماليا، وعدم السماح لرئيس وأعضاء المكتب السياسي للحركة بالإقامة فيها، إلا أن رد الأمير تميم كان بالرفض.
تزامن الأحداث يؤكد على وجود ضغوط إقليمية على حماس، ويكشف وجود تناغم بين المواقف المصرية والخليجية بشأن الحركة، وهو ما أكده المصدر في قيادة الإخوان لـ"الرسالة نت".
وقال المصدر: "نعم بالتأكيد، هناك تناغم بين الموقفين المصري والخليجي، لكن الوضع يختلف بالنسبة لقادة حماس في قطر (..) الدوحة أصبحت أكثر عنادا للموقفين السعودي والإماراتي، وهو ما يؤيد بصورة أكبر حماس والمعارضين للانقلاب في مصر".
الدكتور عدنان أبو عامر الكاتب والمحلل السياسي، رأى بدوره أن موقف حماس في الدوحة يأتي لتخفيف الضغط عن حليفتها قطر "التي احتضنتها بعد شعورها أنها بموقف صعب"، أما بشأن موقفها من القاهرة، فقال "إن حماس في غزة لا تملك حاليا الوقت الكثير لتمضي بسياسة الانتظار الإيجابي منذ انقلاب مصر، فأفق العلاقة معها ينتقل من سيء لأسوأ، وليس من بشائر"!
جدير بالذكر أن رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية كان قد هاتف أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وأكد له الأخير مواصلة بلاده دعم الفلسطينيين. ونقل هنية عن حمد قوله: "قطر من الدول التي لن تبدل ولن تغير مواقفها نحو الشعب الفلسطيني وستواصل دعمها ومشاريعها". أما القيادة المصرية الحالية فتواصل رفضها فتح قنوات اتصال مع حماس على الصعيد السياسي، وتكتفي بالصعيدين الأمني والإنساني، رغم أن شهرا كاملا مر على إغلاق معبر رفح البري!