قائمة الموقع

حي البستان المقدسي صمود وثبات في خيام

2010-03-13T18:23:00+02:00

القدس المحتلة – لمراسلنا "الرسالة نت"

"مصيرنا هو الشارع وليس لنا إلا الله نلجأ إليه".. تلك الكلمات التي نطق بها المواطن جواد أبو رمّوز أحد سكان حي البستان لا تكاد تصف جزءاً بسيطاً من حالة القلق التي يعيشها أهالي الحي بعد تهديد منازلهم الثمانية والثمانين بالهدم، فتعب العمر وشقاء السنين يكاد يتحول إلى ركام يغطيه غبار الظلم من ممارسات الاحتلال بحق المقدسيين.

 

حي البستان الذي يقع جنوب المسجد الأقصى المبارك في بلدة سلوان، يتعرض لأكبر حملة تهويد صهيونية بأقسى ما يمكن للعقل أن يتصور، فألف وخمسمئة مقدسي سيكون الشارع مصيرهم خلال وقت قريب من أجل إقامة حدائق تلمودية ما هي إلا خرافات يحاول المغتصبون تمريرها لينعم أبناؤهم برغد العيش على حساب أصحاب الأرض الأصليين.

 

أما الحُجة التي لابد للاحتلال تمريرها على العالم فهي عدم ترخيص تلك المنازل، وكي لا يظن البعض أن المقدسيين يخالفون قوانين البناء فإن من الواجب التوضيح بأن الاحتلال يتعمد عرقلة ترخيص المنازل المقدسية، كما أنه يفرض تكاليف باهظة على الفلسطينيين إذا ما أرادوا ترخيص منازلهم، وفي أحيان كثيرة يوقف ترخيصها لسنوات عدة تحت ادعاءات مختلفة، لينتهي الأمر بالمقدسي بين أنياب ظلم الاحتلال وزيف ادعاءاته.

 

وفي هذا يقول المواطن أبو رموز:" كنت أنوي ترخيص المنزل منذ عدة سنوات ولكن الاحتلال عرقل تلك العملية وأجبرني على دفع غرامة مالية باهظة، وعندما أنهيتها قالوا لي بأن البيت غير مرخص وسيقومون بهدمه!".

منازل تاريخية

أما الحجارة المغبرّة القديمة والأعشاب التي نبتت من خلالها معبرة عن سنوات طويلة من التجذر هناك، فلم تشفع لمنزل المواطن حسن الرويضي الذي يشكو حاله بعد قرار هدم بيته التاريخي المشيّد قبل نحو مئتي عام مضت، إضافة إلى قرار هدم المنازل المحيطة به لنفس العائلة المكونة من 40 فرداً.

 

ويقول الرويضي:" نحن أربعون فرداً في المنازل المهددة بالهدم؟ أين سيكون مصيرنا؟ سيكون الشارع مأوانا وليس غريبا عليهم أن يضعونا على الأرصفة كي يستولوا على أرضنا".

 

ويضم حي البستان عدة منازل تاريخية تعود إلى عقود طويلة، ولكن جرافات الاحتلال لا تتوانى لحظة عن تسويتها في الأرض متلذذة بظلم الفلسطينيين والإمعان في قهرهم، حتى باتت سياساته العنصرية آلة لهدم أحلامهم وآمالهم على هذه الأرض، وحول هذا يقول الرويضي:" كنت آملا أن يكبر أحفادي كي أريهم بيتنا التاريخي ويحافظوا على إرثنا العائلي، ولكن يبدو أن الاحتلال قرر قتل هذه الآمال حين سلمنا أوامر الهدم".

أطفال ولكن..

ستة وأربعون دونماً ينوي الاحتلال تسوية ما عليها بالأرض، والأمر اللافت في الحي أن الأطفال يشكلون ما يقارب 70% من سكانه ويعيشون ظروفاً غاية في القسوة بسبب تعمد بلدية الاحتلال تضييق العيش عليهم، فأطفال حي البستان يتجرعون الفقر ونقص الخدمات الأساسية ويتعطشون لحياة كريمة أسوة بأطفال العالم.

 

ولم تزد كلمات الطفل أحمد (6 سنوات) المتكلم إليه إلا حزناً، فيقول:" أنا أحب بيتنا ولا أريد أن يأخذوه أو يهدموه، ويقول أبي إننا سوف ننام في الشارع إذا هدموه.. أريد أن أكبر فيه وأن لا أفقده".

 

وتلك حالهم لا يعكر صفوها إلا احتلال عنصري يريد لهم التهجير على الأقل، فيتبع وسائل خبيثة لتحقيق هذا الهدف عبر حرمان الأطفال من مدارس تحتوي أدنى حد من الأساسيات والانتقاص من الخدمات التي يجب أن يحصلوا عليها في مقابل ما يتم إيصاله للمغتصبين وأطفالهم، ومن ثم  تسليم أوامر هدم لمنازلهم كي ينعم أبناء المغتصبين بحدائق غنّاء.

 

 

لا حياة لمن تنادي

اللجوء إلى المحاكم الدولية ومجلس الأمن والمجتمع الدولي كلها خطوات حاول أهالي الحي القيام بها، ولكن العالم أضحى أذناً صماء وعيناً تغض الطرف عن مجازر الهدم بحق المنازل المقدسية، ويبدو ذلك جلياً في كلمات عضو لجنة الدفاع عن أهالي حي البستان فخري دياب حين قال:" حاولنا اللجوء إلى العالم كله ولكنه لم يستمع إلينا، وللأسف فإن أملنا بالعرب والمسلمين لم يعد موجوداً، فالصمت موقفهم الوحيد وخطابهم ما زال على ما هو رغم تصعيد الاحتلال".

 

ولكن الصمود والثبات على الأرض التي أنجبتهم هو الحل الوحيد أمامهم، فأحلام الاحتلال بإزالتهم من أرضهم يبدو أنها ستبوء بالفشل أمام قوة إرادتهم بعد أن خذلهم العالم أجمع، ويستعد الكثيرون منهم الآن لنسج خيم الصمود كي تبقى فوق ركام منازلهم وصمة عار في جبين كل من لم يسع لإنقاذهم.

 

وليس أجدر هنا إلا التشبث بكلمات أهالي الحي، فيقول المواطن أمجد:" لو هدموا البيت فوق رؤوسنا لن نرحل من حي البستان، هذه أرضنا وأنا لست مستعداً لأضيعها وأسلمها لمن يريد إقامة مستوطنات وحدائق مكانها".. ويقول الرويضي:" نحن أربعون فردا ومستعدون أن نضحي بالأربعين حتى لو هدموا المنزل فوقنا، ولن نرحل".. أما موسى عودة فأضاف:" من الآن نبحث عن خيمة تؤوينا فوق ركام منزلنا، ومخطئ من ظن أننا راحلون أو سيكون التهجير مصيرنا، فعهد 1948 قد ولّى".

 

 

 

اخبار ذات صلة