غزة _ لميس الهمص "الرسالة نت"
اتكأ السائق الأربعيني "م.ح" على سيارته في الموقف القريب من مشفى الشفاء تحت أشعة الشمس في انتظار دوره في تحميل الركاب بعد أن أثقل كاهله الانتظار ، وأخذ يراقب من بعيد المشاجرة التي دارت بين السائقين على أدوارهم.
ويشتكي سائقو الأجرة على شرطة المرور ومتعهدو المواقف بالإضافة لبلدية غزة لتقصيرهم في تنظيم المواقف، وتقديم الخدمات، ومتابعة سيارات الملاكي التي تخطف ركابهم .
شكوى السائقين
وقد اشتكى عدد من السائقين "للرسالة" من مواقف تتعهدها بعض العائلات دون تكليف من البلدية كموقف العيون، وأول الجلاء وتصبح كالأمر الواقع لابتزاز السائقين.
وبملامح لا تفارقها علامات الإرهاق والتعب، قال أحدهم رفض ذكر اسمه: "أعمل على الخط منذ ثلاثين عاما، فيأتي الشرطي وهو في سن أبنائنا ويتطاول علينا بالألفاظ حتى عند سحب أوراقنا يرفض ذكر اسمه للاستدلال عليها لإعادتها بالرغم من أن ذلك من حقنا".
ويتابع: كما أنه يلزمنا بالموقف وإذا خرجنا عنه بأمتار أخذ أوراقنا لكن سائقي الأجرة من نوع ملاكي يجولون حول الموقف ويخطفون ركابنا دون أي تدخل من أفراد الشرطة.
وطالب السائقين بوضع إشارة موقف رسمي على الموقف القريب من مشفى الشفاء كونه ممنوح لمتعهد يجبي عليه أموالا، لكن وضعه الآن غير قانوني.
ويرى أن أفراد الشرطة يجب عليهم أن يكونوا حاصلين على الثانوية العامة كحد أدنى علاوة على دورات تدريبية لمعرفة كيفية التعامل مع السائقين.
وتزاحم سيارات الأجرة الصغيرة التي تتسع لأربعة ركاب المخصصة للعمل في الخطوط الداخلية، بالإضافة إلى السيارات الخصوصية "الملاكي"، سيارات الأجرة المرخص لها العمل على الخطوط الخارجية للمدن، مما تسبب بحالة سخط في صفوف السائقين.
محسوبية
موضوع متعهدي المواقف بدا موضوعا يخشى العديد من السائقين الخوض فيه خوفا على أرزاقهم كما قالوا فبعضهم تجنب الحديث حول الموضوع وبعدهم تعالى على خوفه لكن فضل جميعهم عدم ذكر أسمائهم، السائق (ل.م) تحدث عن سيطرة إحدى العائلات على موقف العيون وأول الجلاء بشكل غير رسمي علاوة على فرضهم أجرة على كل سيارة بمقدار 3 شواكل دون تقديم أية خدمات للسائقين.
السائق ج/م وبغصة حارة قال: "مواقف السيارات بدت كالإرث الذي يوزع على المتعهدين تدخل فيها العديد من المحسوبيات والواسطة في الالتزام بالدور والدفع ،علاوة على بعض المناكفات خصوصا عند الخروج للتحميل خارج مدينة غزة فنتعرض للتهميش من متعهدي المواقف في المناطق الجنوبية لحساب "أصحاب المنطقة ".
وبين السائقون أن ظلما كبيرا يقع عليهم بسبب سائقي الملاكي الذي لا يمنعون من دخول منطقة الجامعات بالإضافة" للساحة بينما يحرمون هم من ذلك ، مشيرين إلى أن المواطنين يفضلون سيارات الأربعة راكب على الستة لسرعتها في التحميل فعند منعها لن يجد المواطنون مفرا من الركوب في سيارات الأجرة.
وبحسب السائق أبو علي فإن هناك ندرة في الخدمات داخل المواقف فلا وجود للمعرشات أو دورات المياه، بالرغم من فرض مبلغ على كل نقلة دون أية استفادة من جانب السائقين، مبينا أنهم منعوا من استعمال دورات مياه مستشفى الشفاء فباتوا مضطرين للعودة لمنازلهم لقضاء الحاجة حتى وإن بعدت أو التوجه لأقرب مسجد في المنطقة، محملا متعهدي المواقف والبلدية مسؤولية هذا الخلل .
"الرسالة " بدورها حاولت الحديث مع أكثر من مواطن من الذين يعملون كمندوبين لمتعهد الموقف خلال جولتها على مواقف غزة إلا أن جميعهم رفض الحديث .
نحتاج بدائل
من جهته ذكر المهندس رفيق مكي رئيس بلدية غزة أن المواقف يعلن عنها في الجرائد لكن العدد الذي يتقدم لتعهدها هو قليل جدا ونتيجة للخبرة فإن المتعهد يتكرر في كل مرة ، مبينا أنه خلال الفترة القريبة سيتم الإعلان عن مناقصة جديدة لتعهد المواقف ومن يدفع الثمن الأعلى هو من يتولى شأن الموقف "
وتحدث عن بطاقات تمنح لمتعهدي المواقف للعمل من خلالها وأي إخلال في التسعيرة على السائقين التوجه بشكواهم للبلدية.
وحول موقف النصر بين مكي أنه فوض به مؤقتا للمتعهد لإداراته حتى تحسين أواضع المواقف وإيجاد أراضي بديلة لها لتصبح جميعها رسمية.
وبين أن البلدية تقوم بدور رقابي على المواقف لكن لم تقدم لها أي من الشكاوى حول تلك المواقف، لافتا إلى أن موضوع الخدمات مقترن بالمساحة المخصصة للموقف والتي تعد غير كافية.
وبين أن البلدية بحاجة لأراض لتغيير أماكن المواقف وإبعادها من وسط الشوارع وتوفير خدمات مناسبة بداخلها ، مشيرا إلى أن المواقف الموجودة عشوائية ومؤقتة للتسهيل على المواطنين لكن عند إيجاد أراضي سيتم نقلها وتزويدها بالخدمات اللازمة .
قرار جريء
بدوره قال المهندس سعيد عمار مدير دائرة الهندسة والسلامة المرورية بوزارة النقل والمواصلات:"موضوع المواقف هو ملف شائك بين البلديات والنقل والمواصلات، وهناك العديد من الشكاوى التي نحاول حلها".
وتابع "وجهنا عشرات الكتب للعاملين في شرطة المرور، ندعوهم لضرورة حماية السائقين الملتزمين بالمواقف الرسمية، والسائقون قابلوا وزير المواصلات أكثر من مرة، ورفعوا شكاوى للمجلس التشريعي، وللشرطة، ولكن لا حياة لمن تنادي".
وتحدث عن وجود سائقين يطلق عليهم مصطلح "القشاشين" يخربون خلال العمل على السائقين الملتزمين والمخلصين في مهنتهم، داعياً لضرورة مقاومة هؤلاء المخالفين للقانون.
وذكر أنهم في الوزارة حتى الآن لم تقدم لها أي شكاوى ضد متعهدي المواقف، مطالبا السائقين المتضررين من المتعهدين بالتوجه للوزارة لحل مشكلاتهم.
وبين عمار أن موقف الشفا وجد بسياسة الأمر الواقع في مكان لا يصلح لأن يكون موقفا للسيارات، مستغربا وجود موقف بالقرب من مشفى ليعيق حركة سيارات الإسعاف.
وطالب عمار بقرار جريء يزيل كل المواقف المخالفة من وسط الشوارع ونقلها لأماكن مخصصة تحوي خدمات ومعرشات .
متابعة الملاكي
من جهته ذكر المقدم إسحق عابد أن هناك عده جهات رقابية على عمل أفراد شرطة المرور كونهم ليسوا ملائكة وهناك بعض الأخطاء التي يرتكبونها ، لافتا إلى وجود بعض السائقين لا يلتزم بالقوانين أو بأدنى الآداب.
ولفت إلى أن أفراد الشرطة لن يوقفوا سائق السيارة إلا إذا بدت منه بعض المخالفات فلا توجد عداوات شخصية بين أفراد الشرطة والسائقين.
وبحسب إسحق فأن أوامر مشددة أعطيت لأفراد شرطة المرور مؤخرا لمتابعة سائقي الملاكي ومنعهم من أخذ الركاب حول المواقف الرسمية ، مما سبب تذمرا واسعا بين أصحاب تلك السيارات .
وأكد أنهم بصدد إزالة أي مواقف خاصة توضع من قبل السائقين خارج إطار المواقف الرسمية كالموقف الذي يحاول السائقون فرضه في منطقة الرمال، منوها إلى أنه لا يعقل أن ينتظر السائقون داخل الموقف لساعات طويلة وتأتي سيارة من خارج الموقف وتخطف ركابه.
وشدد على أن أفراد شرطة المرور جميعهم يخضعون لدورات ولديهم مؤهلات علمية لا تقل عن الثانوية العامة كما أن الكثير منهم يحمل شهادة الحقوق.
وطالب إسحق أي سائق يتعرض لأي تجاوزات ممن أفراد المرور بالتوجه بشكوى وسيتم التعامل معها بكل مهنية ، مبينا أن هناك العديد من الجولات المدنية التي يقوم بها لمراقبة عمل أفرد شرطة المرور.
وعن شكوى السائقين من "المحاصيم" التي توضع بشكل عشوائي في الشوارع دون أية إشارات فيما يعرضهم للاصطدام بها وخاصة في الليل ذكر أن ذلك الوضع هو مؤقت نظرا للظروف الأمنية داخل القطاع وهي لا تتعلق فقط بأفراد شرطة المرور وستحل قريباً.
ويبقى السائق هو المتضرر الأكبر من الوضع القائم حتى إشعار آخر أو بإيجاد حلول جذرية لمشاكله.