مزارعو الحدود.. لقمة عيش مغموسة بالدم

أراضي زراعية
أراضي زراعية

الرسالة نت - مراسلنا

مع فجر كل يوم، يبدأ المزارع أبو ياسر القرا رحلة المخاطرة لجلب لقمة عيش يفصلها عن الموت طلقة طائشة من جندي (إسرائيلي) رابض في ثكنته العسكرية الجاثمة على الحدود الشرقية لقطاع غزة.

لا تبعد أرض أبو ياسر عن الشريط الحدودي سوى عشرات الأمتار, ولا يمر يوم دون أن تطلق قوات الاحتلال نيرانها الرشاشة اتجاه المزارعين أو تنفذ توغلا محدودا في المناطق الحدودية الشرقية.

ومكن اتفاق التهدئة الذي تم التوصل إليه بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال (الإسرائيلي) برعاية  مصرية المزارعين من الوصول إلى أراضيهم بعدما نص على إلغاء المنطقة العازلة على الحدود الشرقية.

في بداية الاتفاق، تمكن المزارعون من فلاحة أراضيهم وزراعتها, لكن هذا الواقع لم يدم طويلا، فقد تنصل الاحتلال من عهده وخرق اتفاق التهدئة وعاد لعمليات إطلاق النار والتوغلات على الحدود ما أثار حفيظة المزارعين الذين انتشوا لفترة قصيرة بالاتفاق.

ويبرر الاحتلال فرض المنطقة العازلة على الحدود الشرقية للقطاع , أنه إجراء أمني يمنع تسلل المواطنين والمقاومين إلى الشريط الحدودي.

وخلال انشغال ابو ياسر في تصليح خراطيم المياه الموزعة على صفوف المزروعات، قال لـ"الرسالة نت": "قبل أيام أطلقت قوات الاحتلال نيرانها صوبي وأنا أسقي الزرع (...) لولا الله لكنت ميتا, إلا أن واحدة منها أصابت نجله ياسر في يده وأدت إلى إعاقته".

يبدو أن قوات الاحتلال بتوغلاتها وإطلاق النار المتكرر على المزارعين تحاول إعادة فرض المنطقة العازلة لحرمان الآلاف من المزارعين فلاحة أراضيهم ومنعهم من الحصول على قوت يومهم.

وتجثم مقابل أرض التي يفلح فيها أبو ياسر 3 أبراج عسكرية مثبت فوقها أسلحة رشاشة, وعلى مدار الساعة تقوم الجيبات والآليات العسكرية بأعمال دورية على طول الشريط الحدودي.

في كل مرة يتعرض أبو ياسر لإطلاق نار أو تتوغل الآليات العسكرية في المنطقة الحدودية يلجأ إلى منطقة بعيدة توفر له الحماية من نيران وقذائف قوات الاحتلال , إلى حين عودة الهدوء إلى المنطقة.

ويؤكد أن الاحتلال يتعمد إطلاق النار بشكل يومي على المزارعين لثنيهم عن الوصول أراضيهم وفلاحتها, مشددا في ذات الوقت رفضهم الرضوخ لسياسات ومحاولات الاحتلال لاجتثاثهم من المنطقة.

واوضح انه يقيم في مزرعته-عريشا- يلجأ إليها للراحة وقت التعب, منوها الى انه يحتفظ في زاوية من زواياها  بعدد من فوارغ القذائف المدفعية والقذائف الدخانية التي تسقط في أرضه.

ويشير إلى أن جرافات الاحتلال دمرت قبل حجارة السجيل أكثر من 100 دونم مزروعة بمختلف الخضار دون أن يقدم أحد المساعدة له وللمزارعين أمثاله.

وإلى جوار أبو ياسر جلس المزارع وائل الشامي يراقب حركة الآليات على الشريط الحدودي خشية أن يباغتنا جنود الاحتلال بصلية من أسلحتهم الرشاشة المصوبة إلى أراضي المزارعين.

يؤكد الشامي أن لقمة عيشهم باتت مغموسة بالدم، ويضيف "يوميا يطلق الاحتلال النار والقذائف المدفعية والدخانية باتجاهنا"، مشيرا الى ان القذائف تؤدي في أحيان كثيرة إلى اندلاع حرائق في مزروعاتهم.

وناشد الشامي المسؤولين بضرورة تقديم الدعم لتعزيز صمودهم على الحدود في وجه آلة البطش العسكرية (الإسرائيلية) .

مشاريع تخدم المزارعين

بدوره قال وزير الزراعة المهندس على الطرشاوي إن الوزارة ستشرع قريبا بتنفيذ العديد من المشاريع والبرامج الهامة لخدمة المزارعين على الحدود.

وبين الطرشاوي أن المشاريع تشمل شق طرق وتوصيل شبكات مياه وكهرباء إلى تلك المناطق, لافتا إلى أن المشاريع تمولها عدة جهات ومنظمات.

من ناحيته قال الوكيل المساعد للموارد الطبيعية في الوزارة م. صالح بخيت ان "المنطقة الحدودية كانت مستهدفة طوال السنوات العشرة الماضية بفعل المنطقة العازلة لكن ما حققته المقاومة عام 2012 فرض معادلة جديدة وهذا يستوجب من الوزارة توجيه المانحين لدعمها وتنميتها"

وأضاف بخيت في تصريح لـ"الرسالة نت": استطعنا حشد المنظمات والصليب الأحمر ومنظمة الفاو وأمان الماليزية والمنحة القطرية البنك الإسلامي للتنمية ومجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى إسهامات الوزارة لتنفيذ مشاريع انمائية في المناطق الحدودية", متوقعا أن يتم الشروع خلال أسابيع قليلة بتنفيذ مشاريع تخدم مزارعي الحدود.

وبين أن المرحلة الأولى من المشاريع تتضمن تجهيز البنية التحتية كشق طرق ورصف شوارع وإنشاء مجموعة من الآبار وتوفير شبكات مياه وكهرباء, لافتا إلى أن الوزارة ستشرع في نقل المياه من المناطق الغربية "المواصي" إلى المناطق الشرقية التي تعاني من نقص المياه ضمن المرحلة الأولى للمشاريع.

وكشف عن أن إجمالي المشاريع التي ستنفذها الوزارة بالتعاون مع الجهات المانحة ستبلغ 12 مليون دولار لإعادة التنمية في المناطق الحدودية.

البث المباشر