نظرًا لخوفهم من إمكانية انهيار مفاوضات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة خلال الأيام المقبلة، تقيّم السلطة الفلسطينية خياراتها، التي تقول إنها تتراوح من الدعوة إلى مقاطعة "إسرائيل" دوليًا إلى تنظيم مظاهرات جماعية إلى السعي وراء مزيد من الاعتراف في الأمم المتحدة.
ومن بين الإمكانيات الأكثر خطورة- أو التهديدات، مثلما يراها الإسرائيليون– أن يحاول الفلسطينيون رفع دعوى قضائية ضد "إسرائيل" في المحكمة الجنائية الدولية، بدعوى أن الجيش "الإسرائيلي" ارتكب جرائم حرب في الضفة المحتلة.
والواقع أنه حتى إذا استمرت المفاوضات لبضعة أشهر، فإن الكثير من الناشطين الفلسطينيين يعتقدون أن مآلها هو الفشل في نهاية المطاف.
ويقولون: إن الوقت قد حان لاعتماد مخطط فلسطيني بديل. بيد أن الذهاب إلى لاهاي سيمثل خطوة تنم عن اليأس؛ ثم إنه من غير المؤكد تماما ما إن كان الفلسطينيون سيُمنحون حق التقاضي أمام محاكم عالمية، ناهيك عن أن يتم النظر في ما يدفعون به من ادعاءات.
ومع ذلك، فقد أثار التهديد بالذهاب إلى لاهاي قلق الحكومة "الإسرائيلية"، التي من شبه المؤكد أنها سترد على ذلك بخطوات انتقامية. كما أن من شأن مثل هذه الخطوة أيضا أن تغضب الولايات المتحدة أقرب حلفاء إسرائيل.
والحال أن السلطة الفلسطينية تعتمد على مليارات الدولارات المخصصة لدعم الميزانية والمساعدات الإنسانية التي تقدمها لها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من أجل بقائها واستمرارها.
حنان عشراوي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية المكلفة بجمع الخيارات التي يمكن للزعماء الفلسطينيين أن يتبعوها حال فشل مفاوضات السلام، تقول في هذا السياق: "هذا الأمر سيكون شبيها بانفجار قنبلة ذرية".
وتزامنًا مع زيارات الدبلوماسيون الأميركيون المكوكية بين رام الله والقدس في مسعى لتمديد المفاوضات التي من المقرر أن تنتهي في التاسع والعشرين من أبريل، يشدد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على أنه لن يوافق على مواصلة المفاوضات حتى يتم الإفراج عن دفعة أخيرة من الأسرى الفلسطينيين- تضم 26 أسيرا - مثلما تم الوعد بذلك سلفا.
أما رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتانياهو فقال خلال اجتماع وزاري لأعضاء حزبه الليكود يوم الأحد الماضي: إن الأمر إما سينتهي بتسوية أو سينهار، مضيفا أن الصورة ستتضح في غضون بضعة أيام.
ووفق الجدول الزمني الذي رعته الولايات المتحدة وتمت الموافقة عليه الصيف الماضي، فإنه من المفترض أن يتم إطلاق سراح آخر دفعة من الأسرى الفلسطينيين الـ104 خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي.
لكن نتنياهو يريد وعدا من عباس باستمرار مفاوضات السلام قبل الإفراج عن الأسرى، الذين يقضون جميعهم عقوبات طويلة بعد أن أدينوا بقتل إسرائيليين.
وفي المقابل، فإن عباس قال لمساعديه ودبلوماسييه: "إذا انتهت المفاوضات، فإنه سيتعين على إسرائيل والولايات المتحدة أن تتعامل مع من سيخلفه".
وبينما يتفاوض الطرفان، وعد عباس بعدم السعي وراء اعتراف أكبر في الأمم المتحدة، التي حصل فيها الفلسطينيون على وضع دولة مراقبة غير عضو في 2012.
وكانت العضوية الكاملة في الأمم المتحدة قد عُرقلت في 2011؛ لكن الدبلوماسيين الأميركيين حذروا "إسرائيل" من عدم مقدرة أمريكا عرقلة مزيد من الخطوات الفلسطينية في الأمم المتحدة، خاصة حال انهيار المفاوضات الحالية.
وأكمل مجموعة من الخبراء الأكاديميين مؤخرا دراسة دامت ستة شهور تبحث ما ستؤول إليه الأمور حال قيام السلطة الفلسطينية بحل نفسها أو انهيارها عقب فشل المفاوضات.
الدراسة التي أفرج عنها المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، تحت عنوان "اليوم التالي"، تتوقع أن يتسبب حل السلطة الفلسطينية في اضطرابات لاقتصاد الضفة المحتلة– مع عدم دفع الرواتب وإفلاس البنوك– وأن يؤدي إلى ارتفاع حالة الفوضى والتسيب وعودة إلى الأيام التي كانت تعيث فيها "المليشيات" فسادا في الأرض، سواء تجاه الفلسطينيين أو "الإسرائيليين".
ويذكر هنا أن الزعماء الفلسطينيين كانوا قد هددوا في الماضي بحل السلطة الفلسطينية، التي أسست قبل عقدين من الزمن في أعقاب اتفاقات أوسلو، وترك الإسرائيليين يحكمون المنطقة بشكل مباشر.
بيد أن السلطة الفلسطينية يمكن أن تنهار أيضا حال ذهب الفلسطينيون إلى لاهاي والأمم المتحدة وردّت "إسرائيل" على ذلك بحجز المال وأشكال أخرى من الدعم.
وحسب حنان عشراوي، فإن السؤال الذي يطرحه الكثير من الفلسطينيين اليوم هو ما إن كانت مفاوضات السلام "ستنتهي على نحو محبط".
وتقول عضو منظمة التحرير الفلسطينية في هذا الصدد: "إذا حُمِّلنا المسؤولية وكانت ثمة تدابير خارجية ضدنا وانهارت السلطة الفلسطينية، فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى سيطرة حماس على الضفة أو خضوع المنطقة لنفوذ زعماء الحرب"، مضيفة: "إن الناس هنا يملكون الأسلحة".
واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس