خبير اقتصادي: دعم المؤسسات المانحة لا يكفي غزة

غزة/ أمينة زيارة

كثرت في الآونة الأخيرة - خاصة بعد الحرب على قطاع غزة - المؤسسات الدولية المانحة التي تقدم الدعم والمساعدة لأهلنا المشردين والمعوزين، إلا أن خبراء اقتصاديين يتهمونها بعدم التعاطي مع المؤسسات الخاصة كما أن الدعم الذي تقدمه لا يكفي احتياجات المجتمع الغزي الذي يعاني الحصار، فهل لهذه المؤسسات أهداف تجارية في غزة؟ وما المطلوب لتكوين شراكة حقيقة بين الدول المانحة ومؤسسات المجتمع المدني؟ أسئلة عديدة حملتها "الرسالة" للخبير المالي والاقتصادي د. سالم حلس ليجيب عليها.

خيرية تجارية

وقال د. سالم حلس أستاذ التمويل في قسم المحاسبة بكلية التجارة في الجامعة الإسلامية على أن هناك أنواعا للمؤسسات الدولية العاملة في قطاع غزة منها الخيرية كالأمم المتحدة والاونروا وأخرى قدِمت نتيجة الحصار على القطاع وهي محدودة.

ويضيف أن هذه المؤسسات تقدم المنح والمساعدات مشروطة سواء كانت في الجانب السياسي أو الاجتماعي فكل دولة تقدم منحة ما تكون لها أهدافها وتسعى لتحقيقها في البلاد، مضيفاً أن المؤسسات الفلسطينية تحاول أن توظف هذه المنح والمساعدات لتقليص الآثار السلبية لأدنى حد ممكن بحيث يستفيد منها الجميع.

وينوه الخبير المالي إلى أن المؤسسات المانحة غير مستعدة للتعامل مباشرة مع الحكومة بل تتعامل مع مؤسسات المجتمع المدني فهي لا تقدم المساعدات للحكومة لكن يمكن إيجاد آلية بحيث يصبح هناك تنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني والحكومة والوزارات المعنية ليكون هناك عدالة في توزيع هذه المنح.

ويضيف أن هناك شراكة حقيقية بين مؤسسات المجتمع المدني والدول المانحة رغم أنها محدودة، فمن المعلوم أن هذه المنح تأتي عن طريق مؤسسات المجتمع المدني ولكن نأمل أن تلبي احتياجات المجتمع الفلسطيني بحيث لا تخرج عن الإطار الخدماتي للشعب.

ويحذر من أن بعض مؤسسات المجتمع المدني يمكن ان تتعامل مع بعض المؤسسات التي قد تكون مرتبطة بالاحتلال وتقدم خدمات مجانية له.

داعياً إلى وجود شراكة حقيقية مطبقة على ارض الواقع مع المؤسسات المانحة والمجتمع المدني في غزة بحيث تكرس هذه المنح لمساعدة ودعم أهلنا المشردين والمعوزين في غزة سواء لفئة العمال وخلق فرص عمل لهم وتقدم مساعدات مادية أو عينية للشعب.

وبين د. حلس أن هناك زيادة طبيعية في عدد المؤسسات الدولية المانحة لسكان القطاع أو في كمية الأموال التي أتت خاصة بعد الحرب الأخيرة على القطاع فهذه المؤسسات تقوم بدور مهم لسد عجز الحكومة عن توفير الخدمات لأبناء الشعب بالإضافة إلى الدور الذي تلعبه مؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني.

احتياجات الشعب

ويؤكد نائب رئيس الشؤون الإدارية في الجامعة الإسلامية على أهمية أن تقدم مؤسسات المجتمع المدني مشاريع للدول المانحة مبنية على احتياجات الشعب وأولوياته كالبنية التحتية وتوفير الغذاء والدواء، فنحن لا نُلزم هذه الدول على توفير دعم لاحتياجات معينة، في حال أتت بعض المنح يقوم المعنيون بتحويرها لتحقق احتياجات ومطالب سكان القطاع.

وينوه إلى أن بعض الدول المانحة تقدم دعما للمؤسسات والأطفال وطلبة المدارس وتزودهم بالقرطاسية والمساعدات النقدية وهي تساهم في تسيير عجلة الاقتصاد في القطاع.

ويتابع: قد تواجه هذه المشاريع بعقبة الحصار فيتم تحوير الدعم إلى مطالب أخرى في حال وجود حصار وعدم القدرة على إنشاء وترميم ما دمره الاحتلال، ويقول: "الحصار لعب دور كبير في حرف المشاريع عن أولويتنا".

ويواصل: قطاع غزة سقط من حسابات سلطة رام الله والخطة التنموية التي يدعو إليها فياض، فهو يحصل على المساعدات لدعم أهل غزة ولكن لا يصل شيء لعدم وجوه فيها، ويضيف: المنح الاقتصادية من قبل حكومة رام الله مجمدة بسبب الانقسام السياسي، ويبين أن جميع المشاريع التنموية تحكمها حكومة رام الله وتحصل على الأموال والدعم.

ويرى د. حلس أن ادعاءات حكومة رام الله بأن 58% من عائدات السلطة لأهل غزة ليست صحيحة بالمطلق مؤكداً أن المبلغ أقل من ذلك بكثير والدلائل كثيرة كما أن جانبا من الأموال يذهب لجيش من الموظفين العاطلين عن العمل.

ثمن سياسي

وعلى مستوى الحصول على ضمانات من الاحتلال لعدم هدم البنية التحتية التي تدعمها المؤسسات الدولية يقول الخبير الاقتصادي: الضمانات لا تقدم مجاناً بل تكون بمقابل بحيث يتم إعطاء إسرائيل ضمانات الأمن وعدم وجود مقاومة وعدم اندلاع انتفاضة ثالثة مقابل الحصول على ضمان بعدم هدم ما سوف تبنيه السلطة للمشردين في غزة والضفة.

ويجيب على تساؤل هل المساعدات التي تصل إلى غزة كافية؟ وهي تمس أولوياتنا؟، يرد: ما يصل القطاع لا يكفي لجيش المشردين والمعوزين في القطاع بعد الحرب الأخيرة التي خلفت الشهداء والمعاقين والبيوت المدمرة إلا أن هذه المؤسسات تواجه معوقات كثيرة أهمها عدم القدرة على إدخال أصناف المواد الغذائية أو إدخال مواد البناء وإن دخلت تكون بإجراءات معقدة ويتم في النهاية إدخال كميات محدودة فقط لمشاريع التنمية التي تتبناها بعض المؤسسات.

وينوه إلى أن وضع أية خطة اقتصادية من قبل الوزارات المعنية ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع العام والخاص ليس بالأمر السهل، فالاحتلال دمر القطاع الخاص بشكل كامل، لذا لا يمكن أن نضع خطة تنموية للارتقاء بالاقتصاد الفلسطيني في ظل إغلاق المعابر التجارية وتوقف الاستيراد وفرض القيود على حرية التجارة، لذا لن تكون هناك تنمية ما دام الحصار يخنق غزة اقتصادياً، آملاً أن تنفرج الأزمة بصورة كاملة وتعيد الحياة الاقتصادية إلى القطاع وفتح آفاق للاستثمار ومشاريع التنمية من دعم ومنح الدول الأوربية والعربية المانحة.

 

البث المباشر