غزة- محمد أبو قمر
تفاجأ الطبيب البيطري د.حامد مصبح بمعانقة حارة من أحد الزبائن بعدما أبلغه أن الماعز التي جلبها للفحص في العيادة البيطرية حامل "معشرة" ، بينما كادت دموع آخر أن تتساقط بعدما تغرغرت في عينه وهو يستجدي الطبيب بعد منتصف الليل لفحص خيل أصيب بنفاخ وكاد أن يموت.
تلك الحالات التي ينظر إليها البعض بعين الغرابة تتردد بشكل يومي على عيادات الطب البيطري المنتشرة في بعض مناطق القطاع، طالبة للعلاج الذي يقي الماعز والدواجن والأبقار من المضاعفات.
أمراض مشتركة
وبينما يجلس الطبيب مصبح في عيادته البيطرية دخل شخص يحمل دجاجة يشتكي من إصابتها بالرشح والهزال، فما كان منه إلا أن يمنحه وصفة طبية "رشتة" تشمل على علاج مناسب ومضادات حيوية.
ويقول مصبح: " الأمراض التي تصيب الحيوانات والدواجن متعددة أبرزها التهابات الضرع الحادة والمزمنة، والطفيليات الجلدية كالجرب، والتهاب الرئتين والشعب الهوائية، والإسهال بأنواعه، وأمراض الجدري والتسمم المعوي والدموي".
وتتشابه بعض الأدوية في علاج الإنسان والحيوان على حد سواء كالبنسلين الذي يعد أقدم وأقوى المضادات الحيوية، بيد أن الاختلاف يكمن في تركيز الأدوية.
ويشير مصبح الى أن الإقبال على العيادات البيطرية لمربي الأغنام ومن ثم الأبقار ويتبعها الدواجن" بياض،ولاحم"، ثم الحمام والأرانب "تربية منزلية".
وتدخل الأدوية الخاصة بالطب البيطري الى قطاع غزة من خلال المعابر التي تسيطر عليها قوات الاحتلال، وتتعدد صناعاتها فمنها الأجنبي وآخر إسرائيلي، والمصنع في الضفة المحتلة.
وتتفاوت الأسعار فتعد الأدوية الإسرائيلية والأجنبية أغلى ثمنا من الضفاوية، مع أنها بذات الجودة في بعض الأحيان حسبما يقول مصبح.
ويضطر الأطباء البيطريون إرسال مالكي الأغنام والدواجن للمختبرات الطبية لإجراء فحوصات مخبرية للتأكد من بعض التحاليل.
كما يتابعون الحيوانات المريضة بمواعيد دقيقة، ويحددون أوقاتا للمراجعة من أجل الاطمئنان على الحالة الصحية لها.
وتعتبر أسعار الأدوية البيطرية زهيدة بالمقارنة مع تلك التي يستخدمها الإنسان، حيث لا يتجاوز أغلى دواء الخمسين شيقلا.
فحص حمل
في العيادة البيطرية يركن الدكتور مصبح جهاز فحص الحمل "التراساوند" المشابه للجهاز الذي يستخدمه الأطباء البشريين.
وأوضح أن ذلك الجهاز مخصص لفحص الحمل، وقال " يلجأ بعض مربي الأغنام للتأكد من حملها "تعشيرها" ويستفيد من ذلك المربين إذا كانوا مقدمين على بيعها، أو إذا كان ينوي ذبح عقيقة ويخشى أن تكون "معشرة".
لكن مصبح قال أن الأبقار يتم فحصها بإدخال اليد في أحشائها الداخلية.
ويشير الى أن ثمن الفحص ما بين ثلاثة الى خمسة شواقل، وفي حال تبين وجود حمل يمنح مالك الحيوان إكرامية "حلوان" للطبيب.
وتختلف فترة حمل الحيوانات، ففترة حمل الأغنام خمسة أشهر، أما الأبقار فتزيد عن التسعة أشهر بقليل، بينما حمل الجمال يمكث اثني عشر شهرا، وتتجاوز فترة حمل الخيل والحمير الأحد عشر شهرا، فيما تقضي الفيلة عامين في الحمل.
ويتعرض الأطباء البيطريون للمخاطر من الحيوانات "الرافصة" كالخيل والحمير والأبقار، حيث يسرد مصبح حادثة كادت أن تفقده الوعي ويقول " في ذات ليلة كانت هناك تحذيرات من اجتياح لقوات الاحتلال والسماء ملبدة بطائرات الاستطلاع، وبحكم سكني بالقرب من الخط الشرقي كان الوضع أكثر خطورة".
وتفاجأ الطبيب الساعة الواحدة ليلا بشخص يريد أن يقله للاطمئنان على خيل تدهورت حالته الصحية، وتابع "خاطرنا رغم الأوضاع الأمنية الصعبة وما أن هممت بحقنه إبرة حتى "رفصني" وكاد أن يغمى علي"، لكنه أكد أنه استعاد عافيته فيما بعد.
زيادة الاهتمام
وتمكن الطبيب من إنقاذ ماعز كانت على وشك الولادة وتعاني من تسمم حمل، مشيرا الى أن كثيرا ما يواجهون أمراض معضلة مع الحيوانات وأحيانا تفقد الحياة.
ويعتقد د.مصبح أن مناطق الطب البيطري أكثر رواجا في المناطق الشرقية لجباليا والشجاعية والزيتون وخانيونس، والمناطق المحررة، وذلك بحسب طبيعتها الريفية.
وكان د. إبراهيم القدرة الوكيل المساعد للمحافظات الجنوبية بوزارة الزراعة قد أكد أن وزارته لديها خطة من أجل النهوض بواقع الثروة الحيوانية في القطاع وتقوية الاقتصاد الوطني الفلسطيني .
وأشار القدرة إلى أن مديريات البيطرة في محافظات القطاع على تواصل مستمر لتقديم الخدمات اللازمة لصحة الحيوان والإنسان وذلك للحيلولة دون انتقال الأمراض المشتركة ، لافتاً الى أن هذا الهدف يقع على كاهل الكادر البيطري في الوزارة من خلال الإرشادات المستمرة.
وأوصى مختصون بضرورة تفعيل الرقابة البيطرية على الأدوية المستخدمة في مزارع الدواجن، وعمل بطاقة مزارع لمربي الثروة الحيوانية، وشددوا على ضرورة إنشاء مستوصفات طبية بيطرية مزودة بكادر بيطري وأجهزة طبية خاصة في جميع المحافظات لتطوير الخدمة للمزارعين ومربي الثروة الحيوانية.