قائمة الموقع

في غزة .. برامج إذاعية هابطة وبلا رقابة

2014-04-26T17:11:26+03:00
(صورة من الأرشيف)
الرسالة نت – مها شهوان

"ألووو مين معي (..) وين هالغيبة يا عاشقة السهر".. ما سبق ورد على لسان مذيع بإحدى الإذاعات المحلية في غزة الذي يقدم برنامجه ساعة الظهيرة، بنبرة صوت تقترب للنساء لجذب العشرات من المراهقين والمراهقات للحديث عن مشاكلهم العاطفية.

فاصل من الأغنيات الهابطة استعرضها بداية برنامجه ومن ثم جاء صوت مراهقة لم يتجاوز عمرها الخامسة عشر قد عادت لتوها من المدرسة، راحت تشكو له مشكلتها العاطفية ومع كل جملة كانت تتفوه بها كان المذيع يتمتم كلمات توحي مدى تعاطفه معها ومن ثم سألها عن برجها الفلكي ليقدم لها نصيحة تحل من خلالها مشكلتها.

لم يتوقف المذيع عند هذا الحد فجاء اتصال آخر حتى سارع بالقول "مين بالقلب قاعد ومتربع؟" ليجيبه المراهق "بنت الجيران"، فيطلب منه الغناء لها وإرسال رسالة عبر الإذاعة علها تسمعه.

وتوجد برامج أخرى تشبه البرنامج السابق تأتي ساعات المساء لذا طرح موقع "الرسالة نت" هذه القضية لمعرفة مدى الرقابة التي تفرضها الجهات المختصة على تلك البرامج، بالإضافة إلى مدى خطورة انتشارها على الشباب والمراهقين.

البرامج الهابطة

ومجرد غياب أشعة الشمس وبدء تقليب موجات FM  يظهر لك صوت مذيع آخر يتلو قصائد بلهجة بدوية تارة وأخرى عامية جميعها تتحدث عن الحب، يشاركه فيها عدد من المستمعين الشباب، فهذا يشكو حياته وتلك تشتكي ذويها جراء منعها من استخدام التكنولوجيا خشية اقامتها علاقات مشبوهة حتى يقدم لها المذيع وبقية المتصلون الحلول لتتخلص من القيود المفروضة عليها.

ورغم الإقبال على مثل تلك البرامج، الا أنه يوجد عدد كبير من فئة الشباب يرفضون تلك البرامج ويصفونها بالهابطة.

الشاب مصطفى محمود (28 عاما) اعترض عبر صفحته الفيسبوك على أحد البرامج قائلا: "  حينما كنت أقلب بالمذياع استوقفني صوت مذيع يتحدث بطريقة دلع مع الفتيات ويصف لهن حياتهن المستقبلية من خلال قراءة الأبراج وتاريخ الميلاد".

وتابع: "لم يكتف المذيع عند هذا الحد فكان يطلب من الفتيات الغناء معه على الهواء ومن ثم تقول له الفتاة أنا بحبك يا .. "، موضحا أنه يخشى على أخواته سماع تلك البرامج.

وتساءل الشاب عن دور وزارة الاعلام في متابعة تلك البرامج الهابطة التي تعمل على نشر أفكار شاذة لا تتناسب مع القيم المجتمعية، داعيا الجهات المختصة لمراقبة وتحصين المجتمع والشباب من تلك الأفكار الغربية.

في المقابل تنتظر الفتاة  أسماء (17عاما) برنامجها المفضل الذي تستمع إليه بعد عودتها من المدرسة وتشارك به لتهدي صديقاتها التحيات وبعض الأغنيات كما روت.

وذكرت أنها تتصل على البرنامج دون علم ذويها خشية العقاب، مشيرة إلى أن تلك البرامج لا حرج فيها كونها ترفه عن الشباب.

قاطعتها الحديث صديقتها سهى عبد الحكيم قائلة : "استمعت البرنامج مرتين وفي الثالثة جاء والدي ووبخني وأغلق المذياع وهددني بالعقاب إن عدت لسماع البرنامج مرة ثانية".

المسئولية الاجتماعية

أمين وافي أستاذ الإعلام بالجامعة الاسلامية قال :" البرامج الهابطة تأتي في إطار المنافسة والبحث عن جمهور واسع (..) وبعض الإذاعات تعمل في غياب استراتيجيات الإعلام المحلية وتسلل أشخاص لا علاقة لهم بالمهنة"، مشيرا إلى أن انتشار تلك البرامج أثّر على الذوق العام للجمهور والجانب العقائدي.

ولفت إلى أن وظيفة وسائل الإعلام تتمثل في إطار المسئولية الاجتماعية لذا لا يجوز لأي وسيلة التغريد خارج السرب وعليها معالجة المواضيع بطريقة معقولة، مشيرا إلى أنه لا يمكن إنكار تلبية رغبات الجمهور لكن في حدود ملائمتها لمنظومة عادات المجتمع .

وبحسب وافي فإن تقليد البرامج العربية والغربية لابد أن يكون برؤية تتفق مع قيم المجتمع الفلسطيني المحافظ وبصورة ممنهجة، منوها إلى عدم وجود مسوغ قانوني لعملية الرقابة مما يجعل بعض الإذاعات تتهاون في طرح برامج دون قيمة .

وفيما يتعلق بإيقاف تلك البرامج يقول:" الخطوة مبتورة وسيثار حولها كم كبير من الجدل قد تستغله بعض الجهات لأهداف مشبوهة، لذا من حق الجهات المسئولة مناداة تلك الإذاعات ودعوتها الى الإلتزام بمواثيق الشرف عبر ورشات وندوات تجمعهم"، متابعا: "في حال تخلفت إحدى الإذاعات يجب على الجهات المختصة التدخل والعمل وفق القانون".

وعن المطلوب تنفيذه من الجهات المختصة للحد من البرامج الهابطة أضاف وافي: "على المختصين العمل لإنشاء اتحاد للإذاعات تحكمه العديد من المواثيق التي تشكل الإطار ضمن الاذاعات المختلفة".

من ناحيته, فقد تحدث سلامة معروف مدير المكتب الاعلامي الحكومي أن الرقابة غير موجودة على أداء وسائل الاعلام بالمفهوم الحرفي لغياب جهاز رقابي لمتابعة المحتوى، موضحا في الوقت ذاته أن الإذاعات المحلية تزودهم بالخطة البرامجية ويتم الاطلاع عليها وحال كانت تتناسب مع قيم المجتمع يتم الموافقة عليها.

وحول دورهم في متابعة البرامج الهابطة قال: "حال قدمت شكوى ضد أحد البرامج يتم تنبيه المؤسسة الاعلامية وفي حال عدم استجابتها نتخذ الإجراءات القانونية اللازمة" مستذكرا أنهم أوقفوا برنامجا يتحدث عن الأبراج وبعض الأفكار التي لا تتناسب مع الرأي العام بعد أن وجهوا تنبيها لمدير الإذاعة الذي عمل على إصلاح الأمر.

وأوضح معروف أنهم سعوا ليكون هناك اتحاد للإذاعات المحلية في غزة تحكمه العديد من المواثيق التي تشكل إطار ضمان للإذاعات المختلفة، لافتا إلى أن القرار تم تأجيله لاعتبارات عدة, منها الظروف التي تمر بها غزة .

يذكر أن عدد الإذاعات العاملة في القطاع وصل إلى 22 إذاعة إف إم تعمل بتوجهات مختلفة .

وفي ظل غياب الدور الرقابي على مضمون البرامج الهابطة المقدمة عبر الاذاعات المحلية يكمن دور الأهالي في متابعة أبنائهم لاسيما المراهقين للحفاظ عليهم من البرامج التي تفسد عقولهم وتحرف تفكيرهم.

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00