الأردن يسعى لمنافسة إسرائيل في مستحضرات البحر الميت

الرسالة نت -وكالات

تدخل أملاح البحر الميت، المعروفة بمزاياها العلاجية، في صلب صناعة مستحضرات التجميل التي تهيمن عليها إسرائيل، ويسعى الأردن إلى مزاحمتها في هذا المجال من خلال تنظيم سوقه بشكل أفضل والتركيز على القطاع الطبي.

ويبقى رقم أعمال قطاع مستحضرات التجميل التي تدخل في تركبينها أملاح البحر الميت متواضعا نسبيا في الأردن مع 30 مليون دولار سنويا أي 5ر0% من حجم صادرات المملكة البالغة نحو 6 مليارات دولار، إلا أن السوق الأردنية تحاول منافسة إسرائيل التي خاضت هذا المجال قبل سنوات.

ولم تر هذه الصناعة النور في الأردن إلا في العام عام 1989، مع وجود ما يقارب خمسين شركة ناشطة اليوم في هذا المجال، منها 15 شركة حاضرة في السوق العالمية، وتصدر منتجاتها خاصة الى أسواق جنوب شرق أسيا وأوروبا والشرق الأوسط وأميركا.

ورغم ذلك، تعد المملكة الهاشمية أغنى بالمواد الأولية الخام نظرا الى "شواطئها الموحلة على عكس الشواطئ الصخرية على الجانب الأخر في إسرائيل"، حسبما يقول أسامة قطيشات، رئيس جمعية مصنعي منتجات البحر الميت وصاحب احد اكبر شركات إنتاج مستحضرات التجميل في المملكة "سي برودكت".

وهذا ما حمل إسرائيل على استيراد المواد الأولية من الأردن.

وتمتلك شركة البوتاس الأردنية منذ 40 عاما امتيازا لمائة عام في الساحل الجنوبي للبحر الميت، الأغنى بالمواد الخام، وقد أنشأت شركة "نوميرا" التي تبيع الأملاح العلاجية والمياه المالحة من البحر الميت للمصنعين الأردنيين الذين يعالجون هذه المواد وينتجون منها مستحضرات التجميل.

ويؤكد عيسى الديكي المدير المالي لهذه الشركة لوكالة فرانس برس أن "الهدف هو مساعدة المصنعين وضمان صناعة منتجات ذات جودة عالية".

من جهتها ترى رولا دروزه صاحبة شركة "المستقبل"، التي تعد واحدة من أقدم الشركات المنتجة لمستحضرات البحر الميت، أن "الأمور كانت تسير بشكل جيد حتى العام 1997، حين تم إنشاء شركة نوميرا".

وتضيف "تلقينا ضربة من هذه الشركة من خلال رفع استعار المواد الخام بشكل مفاجئ وقرارها التصدير الى إسرائيل، منافسنا الوحيد".

ويقول يعرب القضاة مدير المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية، وهي مؤسسة أردنية حكومية تهدف الى رفع مستوى الإنتاج وزيادة الصادرات ، "على حد علمنا، فان صادرات المواد الخام الى إسرائيل توقفت منذ عامين، ويجب أن تتوقف".

وبسبب موقعه الجغرافي في منطقة تعد الأكثر انخفاضا في العالم (417 مترا تحت مستوى سطح البحر) بطول يصل الى 50 كيلومترا وعرض 17 كيلومترا، يعتبر البحر الميت من أكثر البحار ملوحة في العالم (33% وهي نسبة تفوق عشر مرات معدل الملح في المحيطات.

وبسبب خصائص أملاحه المعدنية، نال البحر الميت شهرة منذ القدم، حتى آن الأساطير تحدثت عن أن ملكة مصر الشهيرة كليوباترا كانت دائما تستخدم وحوله في المحافظة على جمالها.

ويوضح قطيشات أن "العديد من الدراسات أثبتت فعالية معادن البحر الميت في معالجة أمراض الجلد، مثل الاكزيما وحب الشباب والوقاية منها، بالإضافة إلى فعاليتها في معالجة داء المفاصل".

وأضاف أن "تركيز معادن الماغنيزيوم والبوتاسيوم والصوديوم والكالسيوم في البحر الميت يعطيه فعالية".

ويؤكد قطيشات أهمية السوق المحلية، التي ترتكز أساسا على السياح الأجانب الذين يزورون المملكة وتقدر مبيعاتها بـ10 ملايين دولار، "ما يشكل عملية تصدير غير مباشرة".

وتشكو لمى العباسي، صاحبة شركة "زارا" التي تعد من أهم شركات إنتاج مستحضرات البحر الميت، من "وجود العديد من الشركات التي ليست بالمستوى المطلوب والتي تعطي انطباعا سيئا عن الصناعة الأردنية" في هذا المجال.

ويشاطر عادل القاسم صاحب شركة "ريفاج" المعروفة بإنتاج مستحضرات البحر الميت، العباسي هذا الرأي. ويقول أن "العديد من الشركات تنتج موادا ليست بالمستوى المطلوب".

ويشدد قطيشات على "أهمية وضع نظام رقابة للتأكد من نوعية هذه المنتجات ووجود دعم خارجي من السفارات الأردنية لمساعدة المنتجات الأردنية على منافسة المنتجات الإسرائيلية".

وقدر القضاة الصادرات الإسرائيلية في هذه الصناعة بمئات الملايين من الدولارات، مشيرا الى أن نقص التعاون ما بين الشركات الأردنية احد المشاكل الأساسية.

وأضاف "بما أن إمكانيات هذه الشركات محدودة، فان احد الحلول يكمن في إقامة تعاون فيما بينها وكونسورسيوم من اجل عمليات التصدير".

وقال "أرسلنا إلى عشر شركات تنتج مستحضرات البحر الميت خبراء كي يضعوا لهم خطط عمل، وقدمنا لهم مساعدة مالية كي يتمكنوا من تطبيقها".

وتابع : إذا سارت الأمور بشكل جيد خلال السنوات الخمسة القادمة، قد تصل الصادرات الأردنية من مستحضرات البحر الميت الى 120 مليون دولار.

وأشار القضاة إلى "وجود دراسات طبية ستفتح المجال قريبا لتحويل منتجات البحر الميت الأردنية إلى منتجات طبية، ما سيساهم بمضاعفة الأسعار أربع أو خمس مرات".

وتشير الدراسات الى أن منسوب مياه البحر الميت ينخفض بمقدار متر واحد سنويا بسبب عمليات التبخر.

وبحسب الخبراء إذا لم توضع حلول لهذه المشكلة، فان البحر الميت سيجف بحلول العام 2050.

البث المباشر