وأخيرا بعد سبع سنوات عجاف اجتمع قادة الفصائل داخل بيت رئيس الوزراء إسماعيل هنية في مخيم الشاطئ للتوقيع على اتفاق المصالحة والالتزام بتنفيذ بنودهـا الذي جاء ضمنها تشكيل حكومة توافقية دون برنامج سياسي مدتها ستة شهور بمهام محددة.
مختصون في الشأن السياسي اعتبروا تشكيل الحكومة من رئيس السلطة محمود عباس دون برنامج سياسي، أمر طبيعي ولا يعني تبنيها آراءه الحزبية ، داعين إلى ضرورة إعادة تشكيل منظمة التحرير كونها تمثل فلسطيني الداخل والخارج.
القضايا السياسية
الحكومة التوافقية المقبلة محكوم عليها بفترة زمنية فهي تأتي بعد الانقسام السياسي وسيكون أبرز مهامها تنفيذ بنود المصالحة، لذا فإن تلك المدة لا تمنحها الحديث عن أي برنامج سياسي ويفترض أن يبقى الأخير في إطار الفصائل والرئيس ، بينما الحكومة وظيفتها خدماتية.
المحلل السياسي أسعد أبو شرخ يرى أن "تشكيل حكومة دون برنامج سياسي جاء كمخرج لجميع الأطراف السياسية كي لا يلوم أحد الفصائل الأخرى وتقع المسئولية كاملة على الرئيس عباس ، لافتا إلى أن تعيين أي حكومة يجب أن يوافق التشريعي على برنامجها.
في حين يقول عصام شاور الكاتب السياسي: "الحكومات بشكل عام ليس لها برامج سياسية فهي غير مجبورة أن تخضع لذلك "، مبينا أنه من الضروري قيام الحكومة التوافقية بالدور المنوط لها.
ووجود حكومة دون برنامج سياسي يعني ترك معالجة القضايا السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، يضيف أبو شرخ "من المفترض قبل تنفيذ أي خطوة بناء منظمة التحرير كونها تمثل فلسطيني الداخل والخارج وتحدد استراتيجية التعامل مع المفاوضات".
وتابع " الغرب و(إسرائيل) لا يريدون إعادة هيكليتها كونها ستغير برامج معالجة القضية كافة وسيكون خيارها المقاومة لاسيما بعد انضمام حركتي حماس والجهاد الاسلامي إليها".
أما شاور يقول: "حسب وجهة نظري سيتم تأجيل إعادة بناء هيكل المنظمة خوفا من أن تكون السيادة فيها للتنظيمات الاسلامية الأمر الذي سيغير مجرى الأمور كافة، لاسيما ما يتعلق باتفاقية أوسلو"، موضحا أن المنظمة لن تتمكن من معالجة أي قضية في الوقت الراهن طالما لم يعاد بناؤها من جديد.
يذكر أنه في مايو 2005 تم الاتفاق على إعادة هيكلة بناء منظمة التحرير وإدخال حركتي حماس والجهاد الاسلامية إلا أن ذلك القرار لم يكتب له النجاح منذ ذلك الوقت.
البرنامج السياسي
وعباس هو المسؤول عن تشكيل الحكومة المؤقتة فيما اعتبر البعض أن برنامجه واضح كونه من وقع اتفاقية أوسلو ولازال يفاوض المحتل.
وحول ذلك يبين شاور أن تشكيل عباس للحكومة لا يعني إلزامها الاعتراف بالاتفاقيات السياسية، مبينا أن الحكومات لا تمثل الدول في الاعترافات السياسية، وعباس يتحدث باسمه كرئيس ولم يجبر حكومة الحمد الله الاعتراف بأي اتفاقية.
أما المحلل أبو شرخ أوضح أن تشكيل عباس للحكومة دليل على أن الجميع يريد إدارة أزمة وليس ايجاد حل للوضع الفلسطيني المخنوق، معتقدا أنهم يريدون المناورة في هذه المرحلة للخروج من المأزق.
ومن المؤكد فإن وجود عباس أساسي في تشكيل الحكومة التوافقية كونها لم تبنَ على آراء حزبية، وسيمارس دوره على صعيد التوافق.
وكانت حركتا فتح وحماس أكدتا على أن برنامج حكومة الوفاق المرتقبة سيخلو من البرنامج السياسي والقضايا الخلافية بين الحركتين، وأبدت كل من الحركتين حرصا شديدا على تجنب الحديث عن الخلافات أو القضايا الجدلية، لكن محللين اعتبروا أن الصمت أو غض الطرف لا يعني تغييرا في المواقف، محذرين من الاصطدام بألغام الواقع السياسي عند التطبيق.
من ناحيته أكد القيادي في حركة حماس صلاح البردويل أن الحكومة المقبلة هي "حكومة توافق وطني وليست حكومة فلان أو علان" ، مشيرا إلى أن الحكومة المنتظرة لا علاقة لها بالقضايا السياسية، ومهامها محددة في اتفاقات المصالحة، ومنها المصالحة المجتمعية والتحضير للانتخابات وإعادة إعمار ورفع الحصار عن غزة.
وأوضح أن الجميع اتفق على مناقشة القضايا السياسية في أروقة منظمة التحرير والإطار القيادي للمنظمة عندما يجتمع، مشددا على أن الجميع دخل في شراكة سياسية ووحدة وطنية "وليس مناسبا أن نتحدث عن برنامج فتح أو حماس الآن(...) ولا داعي للخوض في الجدليات".
أما عضو اللجنة المركزية لحركة فتح جمال محيسن قال إن الموضوع السياسي بيد منظمة التحرير وليس بيد الحكومة، موضحا أن المنظمة اعترفت عند توقيع اتفاق أوسلو بـ"إسرائيل" واعترف الجانب "الإسرائيلي" بالمنظمة.
وأضاف محيسن :"برنامج الحكومة المقبلة يتعلق بحياة المواطنين اليومية، وليس المطلوب منها أو من حركة حماس أو فتح الاعتراف بـ"إسرائيل"، مؤكدا أن برنامج الحكومة لا يتناقض مع برنامج منظمة التحرير.
وخلص إلى أن غض حماس الطرف عن الحكومة أو بعض القضايا المتعلقة بها أو بملف المصالحة لا يعني تغييرا في مواقفها، بقدر ما يعني أنها تختار الصمت.