قائمة الموقع

لم يشنق أحد في جيبه مال.. المصالحة المجتمعية هل تمتلك رصيدا ؟

2014-05-14T18:06:10+03:00
المصالحة المجتمعية هل تمتلك رصيدا ؟
الرسالة نت- فادي الحسني

من يسمع صوتا ينادي بالمصالحة المجتمعية وسط معمعة الحوار السياسي بين حركتي حماس وفتح؟، فهي تكاد تكون ميتة إكلينيكيا امام ملفات اخرى كبحث تشكيل الحكومة والتوافق على موعد الانتخابات.

لا يمكن القول ان السياسيين لا يلقون بالاً لهذه المصالحة المتعلقة بأرواح ضحايا الاقتتال الداخلي، ولكنهم يرهنون فتح ملفها بورود حوالات مالية عربية، في وقت مازال فيه العرب منشغلين في ترتيب اوراقهم بعد موجة اضطراب ضربت مقاعد الحكام.

بذلك يبدو الفرقاء "حماس وفتح" وكأنهم وضعوا العربة امام الحصان في ظل حالة الانشغال العربي تحديدا بتعقيدات الازمتين السورية والمصرية.

ويتضح ايضا أن السياسيين ألقوا بملف المصالحة المجتمعية الفلسطينية على الرف، نظرا لأن قيمة الارصدة التي يحتاجها فتح مشروع كهذا تقدر بـ"ملياري دولار"، وبالتالي يتساءلون (أي السياسيون) ومنهم القيادي في حماس صلاح البردويل: من يملك ان يمد الفلسطينيين بهذا المبلغ في هذا الوقت تحديدا؟.

في حين ترى جهات قيادية عليا في حركة فتح، رفضت الكشف عن اسمها، أن بعض الدول الخليجية تجتهد في دفع المال لزيادة فجوة الخلافات الفلسطينية الداخلية.

تجمد اللجنة المتعلقة بالمصالحة المجتمعية المنبثقة عن حوارات القاهرة 2009 نشاطها الى حين تشكيل حكومة، على اعتبار ان الحكومة ستذلل اشكالات الحصول على الاموال من الدول والجهات التي اعلنت عزمها على دفع الاحتياجات الفلسطينية، وهو ما كان قد صرح به في وقت سابق رئيس اللجنة والقيادي في حركة فتح ابراهيم ابو النجا.

عموما إن أمر تقديم ملفات اخرى على المصالحة المجتمعية وان لم يتوفر المال الكافي للبدء في تنفيذها، لا يمكن من وجهة نظر مراقبين، أن يقلل من اهميتها أمام ملفات سياسية اخرى معقدة كالحكومة مثلا، خصوصا اذا ما علمنا أن أهالي عشرات الضحايا لم يصفحوا عن قتلة ابنائهم الذين ارتقوا على خلفية سياسية.

انطلاقا من اهمية ملف كهذا وتجنبا لعادات الأخذ بالثأر أو الانتقام، دعا مثقفون وسياسيون أصغت اليهم "الرسالة نت" الى ضرورة الشروع بالمصالحة المجتمعية بالتزامن مع ملفات سياسية اخرى كملف الانتخابات والحكومة والملف الامني ايضا.

ذلك حتى لا يبدو أمر القبول بالمال بالنسبة لأهالي الضحايا وكأنه عضّ على الجراح، خاصة أن هناك حاجة ماسة لإنهاء تداعيات أحداث الاقتتال التي وقعت في حزيران/ يونيو لعام 2007 مثل تطييب النفوس وإعطاء الحقوق.

واحد من أولئك السياسيين والمثقفين هو وليد المدلل أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية، الذي اعتبر المصالحة المجتمعية جزءا أساسيا من المصالحة السياسية "وبدونها وبدون الدعم الشعبي، ستبقى المصالحة السياسية واهنة وليس لها رصيد".

وقال المدلل "المسألة فيها كثير من التعقيدات (...) المصالحة السياسية يمكن أن تنتهي بعقد مؤتمر ولكن المصالحة المجتمعية بحاجة إلى مسامحة وتحميل الجهات المعنية المسؤولية عما جرى، ودفع الديات والأخذ بالقصاص".

بيد أن المحلل السياسي خليل شاهين من الضفة الغربية قال "إن المصالحة المجتمعية تتطلب معالجة تداعيات الانقسام، خاصة في قضايا الدم والاعتقال السياسي وإعادة فتح الجمعيات الخيرية المغلقة وتعزيز أجواء الحريات العامة"، مطالبا بتعزيز التسامح وعدم إغفال البعد العشائري.

وقد تبدو المسألة متعلقة بضحايا الاقتتال الداخلي (7-14 حزيران 2007) والبالغ عددهم 161 ضحية وفق توثيقات المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، علما أن عشرات اخرين قتلوا في مواجهات سبقت تلك الفترة، إضافة إلى آلاف حالات الاعتقال السياسي والتعذيب والفصل الوظيفي لسبب الانتماء السياسي.

عموما، حجم ضحايا الانقسام، يضع السياسيين الذين يؤمنون بالمثل الروسي القائل "لم يشنق أحد و في جيبه مال"، أمام مسؤولية كبيرة فالمصالحة المجتمعية تتطلب تحريك رجالات الصلح لتطهير النفوس قبل ارسال الحوالات الخارجية، لأن المال وحده لا يمكن أن يصلح ما افسده الدم.

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00