قائمة الموقع

بعد 66 عامًا .."راحت بلاد وبقيت عادات"

2014-05-15T08:51:16+03:00
العرس الفلسطيني
الرسالة نت – أحمد طلبة

دبكة ودبيكة وطبّال ومجوز غنّى العتابة، وختيار يرنّح موّال ويردوا خلفه الردادة، ورائحة الهيل والقهوة المغلية على نار وقودها خشب من أشجار برتقال يافا، وأهازيج الفرح تنطلق من بيت الشعر.

العرس الفلسطيني البدوي.. هو ذاته لم تتغير طقوسه منذ عام 1948، فقد حمل اللاجئ عاداته وتقاليده قبل مفتاح عودته، وبقي محافظًا عليها ويسقيها بالممارسة خشية أن تموت.

رغم اختفاء معالم الحياة البداوة في قطاع غزة نوعًا ما، إلا أن العائلات ذات الأصول البدوية، لا زالت تحافظ على تقاليدها وطابعها الخاص الذي هاجرت به من بئر السبع، لإحياء احتفالاتها وأفراحها.

دحيّة ويرغول

"السمسمية" و"اليرغول" و"الدِّحِّية" و"المربوعة".. كلها طقوس اتفق عليها البدو منذ أن هُجّروا قبل 66 عامًا وجاؤوا بها إلى غزة، وفي ليلة الزفاف تكون حاضرة، لتنثر عبق الماضي وذكرياته فوق حاضرهم.

إلى جانب "بيت الشعر" لا بد أن يبرك الجمل ويحدق ناظريه كما غيره من الحضور، بحصان يرقص على أنغام صنعتها أصابع مجعّدة تعزف على أوتار صلبة مشدودة على صندوق خشبي تسمى "السمسمية".

ورغم أن "شباب البدو" اقلعوا عن لبس الزي التقليدي، وصبغوا أنفسهم بصبغة الموضة، إلا أنهم لا زالوا يتقنون فن الوقوف في صف "الدحية"، ولسانهم لا يكاد يسكت عن ترديد أبيات الشعر، وأيديهم كذلك.

الثوب الفلاحي

المتأمل في الثوب الفلاحي الفلسطيني على اختلاف أشكاله، لا بد أن يرى برتقال يافا وسور عكا وميناء حيفا وشوارع الرملة، فهي لم تتغير منذ تهجير الفلسطينيين من أراضيهم على أيدي (الإسرائيليين).

واعتادت السيدات في بلداتهن الأصلية قبل الهجرة أن يرتدين ثياباً بسيطة طويلة، عريضة الأكمام منها الأبيض الذي كان يُلبس غالباً في الصيف ومنها الأسود، يفيض بين خيوطها اللون الأزرق.

والبنات في ذلك الوقت كان لهن رونق خاص فكانت الألوان الزاهية والتطريز المتنوع هو بديل عن الألوان التي تفقد صاحبتها البراءة إن وضعت منها، في حين تلجأ السيدات الكبيرات سناً إلى ارتداء الألوان القاتمة والتطريز الذي يملأه الوقار.

وحتى يومنا هذا.. فلا يكاد يخلو عرس أو فعالية في مدرسة فلسطينية من طفلة تتوشح بالثوب الفلاحي، فهي بذلك تبلس تاريخًا يربط جسدها بأرضها، ولا غرابة في أن تتباهى بثوبها أمام صديقاتها.

وذهب بعض مصممي الأزياء الفلسطينيين مؤخرًا نحو تجديد الثوب الفلاحي، ومواكبته مع أزياء الموضة العالمية، من خلال قصّات وألوان متنوعة، وقد لاقى رواجًا كبيرًا في الأوساط الفلسطينية والعربية وحتى العالمية.

المثل الشعبي

"من طين بلادك .. ليّس ع خدادك".. "اللي يطلع من ثوبه يعرى".. "الظفر ما بطلع من اللحم"، هي كلها أمثال شعبية لم تندثر أبدًا رغم تتابع النكبات، وتناقلتها الأجيال عبر السنوات الستين الماضية.

الأمثال الشعبية الفلسطينية إرث عريق ونتاج اجتماعي قديم جديد، يحيي عملية متواصلة من التطور والتغيير الحاصلين، بما في ذلك ذبول أمثال وموتها وازدهار أمثال أخرى بل ظهور أمثال جديدة.

وللمثل حكاية.. فمنها من استمدت قصة من حادثة واقعية أو حكاية أو نكتة شعبية، ومنها ما اقتبس عن الفصحى بنصه أو بشيء من التغيير الطفيف، أو استمد من التراث الأدبي الشعبي، ومنها أيضًا ما هو مستمد من الأغاني الشعبية,  ناهيكم عن أمثال تحمل بصمات معتقدات قديمة جداً.

ولا يكاد يخلو حديث اللاجئين في مناطق اللجوء الخمس، من تطعيمه بالأمثال الشعبية، حتى بعد مرور وقت طويل على النكبة، معتبرين أنها جزء أصيل يعبر عن أصالة الإنسان الفلسطيني وعراقته.

اخبار ذات صلة