لم تكن العلاقات بين مصر و(إسرائيل) في يوم من الأيام أكثر دفئا مما هي عليه الآن، كما يشهد الكاتب الصهيوني آفي سيخاروف، إلا إن هناك ما يدلل على أن حكومة (تل أبيب) وسلطة الانقلاب قد عقدتا العزم على تطوير هذه العلاقات بشكل متواصل، وبما يخدم في الأساس مصالح الجانب الصهيوني.
فنظراً لتكرار الزيارات التي يقوم بها مسؤولون صهاينة، فإنه بات من الصعب جداً إبقاؤها سرية، كما يرغب الطرفان.
علاوة على ذلك فقد كشف النقاب عن أن اتصالات تليفونية تتم بشكل متواصل بين عبد الفتاح السيسي ووزير الحرب الصهيوني موشيه يعلون وعدد من قادة الأجهزة الاستخبارية (الإسرائيلية).
لكن الحميمية المتعاظمة بين سلطة الانقلاب والنخب الحاكمة في الكيان الصهيوني لا تخفي في الوقت ذاته، قلقاً متزايداً إزاء فرص استقرار الانقلاب وسلطته.
فقد توقع "لواء الأبحاث" في شعبة الاستخبارات العسكرية، الذي يحتكر مهمة إعداد وتقديم التقديرات الإستراتيجية لدوائر صنع القرار في (تل أبيب) أن تشهد مصر نهاية عام 2015 تحولات دراماتيكية نتاج الفشل المتوقع لرهانات المصريين على حكم السيسي وبسبب تعاظم مقاومة جماعة الإخوان المسلمين.
وقالت العقيد رويطال، المسؤولة عن "جبهة مصر" في "لواء الأبحاث" أن تعاظم الأعباء الاقتصادية جراء النمو السكاني المطرد يفاقم الأعباء على كاهل السيسي، مشيرة إلى أن عدد سكان مصر تجاوز 87 مليون، حيث يولد جنين كل 16 ثانية في مصر.
وفي مقابلة أجرتها معها النسخة العبرية لموقع صحيفة "يديعوت أحرنوت" في 24-4-2014 أوضحت رويطال أن تعاظم الأعباء الاقتصادية سيقلص من قدرة حكم العسكر على توفير الخدمات والإغاثة في حال لم يحصل على دعم هائل.
وأعادت رويطال للأذهان حقيقة أن ثورة 25 انطلقت لدواع اقتصادية اجتماعية وليس لعوامل أيديولوجية أو دينية، مشددة على أن هذا الواقع يزيد من أهمية ضخ مساعدات مالية من الخارج لإنجاح "خارطة الطريق"، وضمان الاستقرار في مصر.
واعتبرت رويطال أن أهم مصدر قوة لحكم العسكري يتمثل في قوة البيروقراطية المصرية، مشيرة إلى أن هذا ما مكن العسكر من جعل حالة الاضطرابات التي تشهدها مصر تحت السيطرة.
"في كل ما يتعلق بالمقارنة بين حكم العسكر وحكم جماعة الإخوان المسلمين، فإن (إسرائيل) تفضل بدون تردد حكم العسكر
"
وفي ذات السياق، خلصت ورقة أعدها "مركز أبحاث الأمن القومي" (الإسرائيلي) إلى استنتاج مفاده أنه سيكون من الصعب جداً على السيسي احتواء المقاومة التي يظهرها الإخوان المسلمون، على الرغم من تمتعه بدعم الجيش ومؤسسات الدولة الأخرى.
ونوهت الورقة التي نشرت في عدد 512 من مجلة "مباط عال" التي يصدرها المركز إلى أن القمع لن يفلح في التغلب على حركة ذات جذور اجتماعية عميقة، مثل جماعة الإخوان المسلمين.
وشددت الورقة، التي أعدها البرفسور إفرايم كام، نائب رئيس المركز على أن استقرار نظام حكم العسكر في القاهرة مهم جداً لـ(إسرائيل)، مشيرة إلى أنه ليس من مصلحة (إسرائيل) تواصل مظاهر العنف وعدم الاستقرار التي تؤثر سلباً على تماسك الحكم، علاوة على أن العنف يمكن أن ينتقل إلى (إسرائيل) عبر سيناء.
وجزمت الورقة بأن (إسرائيل) تفضل نظام حكم العسكر على اي نظام حكم آخر، مشيرة إلى تعاظم التعاون الأمني بين (إسرائيل) وسلطة العسكر، خاصة في سيناء، علاوة على استفادة (تل أبيب) من الحرب التي أعلنتها القاهرة على حماس، مشيرة إلى أن حرص سلطة الانقلاب على تدمير الأنفاق أسهم كثيراً في تقليص القوة العسكرية لحماس.
وشددت الورقة على أنه في كل ما يتعلق بالمقارنة بين حكم العسكر وحكم جماعة الإخوان المسلمين، فإن (إسرائيل) تفضل بدون تردد حكم العسكر.
وأضافت الورقة: "صحيح أن حكم الإخوان لم يتجه للمس بقواعد العلاقة مع (إسرائيل)، إلا أن هذا السلوك نابع من قيود الواقع الصعب الذي تحياه مصر، في حين أن الإخوان يرفضون من ناحية أيديولوجية وجود (إسرائيل).
وفي ذات السياق، توقعت أوريت بارلوف، الباحثة البارزة في "مركز أبحاث الأمن القومي" (الإسرائيلي) ألا يتمكن السيسي من اتمام فترته الرئاسية الأولى.
وفي مقابلة أجرتها معه النسخة العبرية لموقع "ألمونتور" بتاريخ 28-4-2014، أشارت بارلوف إلى أن تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية لن تتيح هامش مرونة كبير للسيسي وستعمل على إسقاط حكمه.
وفي ذات السياق، حذر مركز أبحاث مرتبط بدوائر الحكم في (تل أبيب) الغرب من خطورة مخططات الإخوان المسلمين "الهادفة لبناء دولة الخلافة على أنقاض الدول الغربية".
ودعت الدراسة التي نشرها "مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة"، الذي يرأسه دوري غولد، كبير المستشارين السياسيين لرئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو الغرب إلى الوقوف خلف الدول العربية التي تشن حرباً لا هوادة فيها ضد جماعة الإخوان المسلمين.
ودعت الدراسة التي أعدها تسفي مزال، السفير (الإسرائيلي) الأسبق في القاهرة الولايات المتحدة للاقتداء بالدول العربية التي أعلنت عن جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة "إرهابية"، مشيرة إلى أن الحكومات العربية تنظر لهذه الجماعة "كحركة تمثل الإسلام السياسي، تسعى إلى توظيف الدين من أجل إعادة دولة الخلافة حتى باستخدام العنف، مما جعل هذه الجماعة الأم الشرعية لجميع الحركات الإسلامية "الإرهابية"، كما جاء في الورقة.
وزعمت الدراسة التي نشرت بتاريخ 27-4-2014 أن جماعة "الإخوان المسلمين" حرصت على وجه الخصوص على تجنيد عرباً ومسلمين يحملون جنسيات أمريكية وأوروبية من أجل التسلل إلى دوائر الحكم في الدول الغربية والعمل على تدميرها من الداخل، مدعية أنها حققت نتائج في ذلك.