لم يُكن في مخيلة أشد المتشائمين من عشاق فريق برشلونة الإسباني أن النادي الكاتالوني سيخرج "خالي الوفاض" من كل البطولات المحلية والقارية التي كان يُنافس عليها هذا الموسم.
برشلونة أنهى واحدا من أسوأ مواسمه في العقد الأخير لبطولة الدوري الإسباني لكرة القدم؛ إن لم يكن الأسوأ فعلا في السنوات القليلة الماضية، إذ جُرد من لقب الدوري لمصلحة أتلتيكو مدريد، كما ودّع منافسات بطولة دوري أبطال أوروبا، من الدور ربع النهائي للمرة الأولى منذ سبع سنوات، وذلك بعد هزيمته أمام الفريق نفسه، فيما خسر أمام غريمه ريال مدريد في نهائي كأس ملك إسبانيا (1-2).
وعانى فريق "البلوغرانا" منذ بداية الموسم من سلسلة من الانتكاسات المتتالية التي أفقدته هيبته وهزت كيانه؛ لذا كان لزاما الوقوف على أسباب انهيار برشلونة الإسباني.
غياب الصفقات
رغم المشاكل الدفاعية التي عانى منها "البارسا" العام الماضي تحت قيادة مدربه الأسبق فيلانوفا، ولا سيّما في المباراة التي تلقى فيها خسارة فادحة على يد بطل النسخة الأخيرة لبطولة دوري أبطال أوروبا نادي بايرن ميونخ بسباعية نظيفة في إجمالي نتيجة لقاءي الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا، إلا أن النادي الكاتالوني فشل في التعاقد مع أحد المدافعين، ليكون البديل المثالي لقائد الفريق كارلوس بويول عند رحيله أو في حال إصابته، وفي ظل تراجع مستوى بعض لاعبيه في الآونة الأخيرة، على غرار جيرارد بيكيه.
واكتفى مجلس إدارة النادي بالتعاقد مع البرازيلي نيمار دا سيلفا، الذي كان إيجابياً دون شك للبارسا لإيجاد مزيد من الحلول الهجومية وتخفيف العبء عن نجم الفريق الأول، الأرجنتيني ليونيل ميسي، إلا أنها لم تكن أولوية بالنسبة إلى الفريق الذي لا يزال يعاني ثغرا دفاعية كبيرة حتى الآن.
الهزّات القضائية
أما الضلع الأهم في السقوط الكتالوني هذا الموسم، فيعود إلى تعرض النادي لمجموعة من الهزات القضائية التي أثرت سلبا على سمعته، ففي سبتمبر/أيلول الماضي اضطر نجم الفريق، واللاعب الأفضل في العالم خلال أعوام (2009-2012)، ليونيل ميسي، للدفاع عن نفسه أمام القضاء الإسباني الذي اتهمه هو ووالده بالتهرب من الضرائب بقيمة 4 ملايين يورو عن أعوام 2007 و2008 و2009.
أما في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، فقرر رئيس نادي برشلونة السابق، ساندرو روسيل، تقديم استقالته من منصبه بعد اجتماع عاجل لمجلس إدارة ناديه، إثر فتح القضاء الإسباني تحقيقا معه بشأن التلاعب وإخفاء أموال في صفقة التعاقد مع المهاجم البرازيلي نيمار من سانتوس الصيف الماضي، ليُوجه ضربة أخرى للنادي الكاتالوني.
تراجع أداء ميسي
لا يختلف اثنان على أن تراجع أداء فريق برشلونة الهجومي مُؤخرا يرتبط ارتباطا وثيقا بتراجع مستوى نجمه الأول، الأرجنتيني ليونيل ميسي، والذي لم يظهر هذا الموسم -على غير العادة- في المواعيد الكبرى، بفعل الإصابات المتكررة، وتفكيره في بطولة كأس العالم المقبلة التي سيخوضها مع منتخب بلاده على حساب مشاركته مع ناديه الكاتالوني.
وتعرض ميسي لانتقادات لاذعة في الصحف الإسبانية بعد أدائه الباهت هذا الموسم مع فريقه الكاتالوني، إذ أكدت صحيفة "ماركا" الإسبانية في وقت سابق، أن اللاعب الأرجنتيني لم يعد مرعبا مثلما كان يحدث في المواسم القليلة الماضية، لافتة إلى أن الإصابة التي لحقت به على مستوى الفخذ اليسرى أثرت سلبت على مردوده في المباريات الأخيرة لفريق "البلوغرانا".
عقوبة "الفيفا"
ثمة سبب آخر أثر كثيرا في مسيرة النادي هذا الموسم، فقد أصدر الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" قرارا يقضي بحرمان نادي برشلونة من إجراء تعاقدات لمدة موسم كامل؛ وذلك بسبب مخالفته للوائح الانتقالات المتعلقة باللاعبين تحت "سن 18 عاما".
وانتهك برشلونة البند الرئيسي المتعلق بحماية القاصرين في سياق الانتقالات الدولية من المادة 19، من نظام مطابقة الانتقالات، بعد مشاركة 10 لاعبين من فئة تحت سن (18 عاما)، على مدى فترات مختلفة بين عامي 2009 و 2013، وهو الأمر يُخالف القوانين والأعراف الدولية.
وأمهل الاتحاد الدولي، نادي برشلونة، مدة "90 يوما" لتقديم استئناف ضد القرار، وتسوية وضع اللاعبين الناشئين المعنيين بالأمر، وهو ما حدث تماما بعد ذلك، بعدما قرر "الفيفا" تعليق عقوبة منع النادي الكاتالوني من إجراء تعاقدات إثر تقدم الأخير بطلب استئناف.
وفاة فيلانوفا
عقب أقل من عام على استقالته من تدريب نادي برشلونة، تُوفي المدرب السابق للنادي الكاتالوني، فيلانوفا، عن عمر يناهز "45 عاما" بعد صراع دام سنتين ونصف السنة مع سرطان في الغدة اللعابية، ليضاعف أحزان ناديه، وليدق المسمار الأخير في نعش "البلوغرانا" هذا الموسم.
وترك فيلانوفا الفريق الأول بسبب تدهور حالته الصحية صيف العام الماضي، وذلك بعد عاما واحد بالتمام والكمال على رأس الجهاز الفني للفريق، قاده خلالها لتحقيق إنجاز لا ينسى، حيث تُوج برشلونة باللقب بعدما حصد 100 نقطة، قبل أن يودع الحياة بعد صراع مرير مع المرض.