إسرائيل تمارس سياسة العصا والبندقية !

الحكومة الاسرائيلية (أرشيف)
الحكومة الاسرائيلية (أرشيف)

الرسالة نت - محمد بلّور

ليست سياسة "عصا وجزرة" بالطبع فالمزاج كله في "إسرائيل" يتجه نحو ترهيب وتهديد السلطة الفلسطينية التي تظلل الآن فتح وحماس في مصالحة وطنية .

العصا والبندقية وحتى المدفع كلها مشرعة في وجه الفلسطينيين لذا لن تقفز حواجبنا لأعلى ونحن نستمع إلى كل من "نتنياهو وليبرمان وليفني ولبيد وبينيت" حين يشرحون ما يسموه "الحلول البديلة" عند (إسرائيل) بعد تعثر المفاوضات مع السلطة.

إنهم يصوّرون أمامنا "عينة قسوة" سنعيشها وتخالط يومياتنا إذا أعرضنا عن جلسات "التسوية" وتصالحنا مع بعضنا البعض كفلسطينيين.

وتتزايد في الأيام الأخيرة الأطروحات (الإسرائيلية) للعلاقة مع السلطة بعد تعثر المفاوضات على لسان أكثر من مسئول يسعون لفرض الأمر الواقع بإنفاذ مشاريع الاستيطان والتهويد والقضاء على أي حلم لدولة فلسطينية.

أولهم "نتنياهو" الذي يتحدث عن خطوات أحادية الجانب تمس بالطبع الاستيطان، وقد أسماها خطوات بديلة تجاه السلطة في أعقاب فشل المفاوضات وهي فكرة تلقى دعما من اليسار حتى اليمين.

أما وزير الاقتصاد (الإسرائيلي) "بينيت" فجاء بطرح مستغرب تحت اسم "القدس الكبرى عاصمة إسرائيل"، متحدثاً عن هدم "الجدار العنصري" وضم مناطق "سي".

وتقول وزيرة القضاء (الإسرائيلية) تسيبي ليفني إن "مجموعات ممثلة في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي لا تريد تسوية سياسية مع الفلسطينيين وتدفع باتجاه دولة ثنائية القومية".

ودعت "ليفني" قبل يومين إلى عدم الالتفات إلى اقتراح كل من وزير الاقتصاد وزعيم حزب "البيت اليهودي" نفتالي بنيت، ووزير المواصلات "إسرائيل كاتس".

الجو العام

يهددون بمنح السلطة "دولة جزر" في أحسن الأحوال تحيط بها المستوطنات من كافة الجهات، ومصادرة أكثر من 61% من أراضي الضفة مع إبقاء مدن الضفة الكبرى كما غزة محاصرة في كافة مناحي الحياة.

دعونا نعيد رسم اللوحة فالمشهد يحمل تعثر غير مسبوق في "التسوية" في ظل حكومة "مستوطنين" وميلاد "المصالحة الفلسطينية"، وتراجع دعم جزئي من دول الغرب لـ (إسرائيل)، وهذا قد يصبغ المشهد برأي كبار المتطرفين اليهود.

ويؤكد الباحث في الشئون (الإسرائيلية) حاتم أبو زايدة أن الجو العام هو جو فشل التسوية في عهد "ائتلاف يميني" يرفض التعاطي مع الفلسطينيين رغم الضغط الدولي الرامي لعودة المفاوضات".

ويضيف: "بينيت يطرح اليوم بضم معظم الضفة بمساحة 60%، وهي حسب اتفاق أوسلو مناطق تسمى "بي وسي"، وتشمل مستوطنات عمق الضفة وحصر الفلسطينيين في تجمعات سكانية، وهو تفكير جدي كرره نتنياهو حين تحدث عن خطوات أحادية.

استراتيجية الاحتلال كما يرى الباحث أبو زايدة تتمثل فرض الواقع المراد عبر المفاوضات، وما لم يأت بالمفاوضات يفرضه بالقوة، ومن قديم هدفهم حصر الفلسطينيين داخل الجدار واستثناء المستوطنات الكبرى من التسوية.

أما المحلل السياسي د.عبد الستار قاسم فيقول إن الاحتلال يسعى الآن لإرباك الموقف الفلسطيني، وربما لتقديم حافز غير مباشر للسلطة في ما يصفه بمفاوضات هزيلة.

وتخدم عودة التسوية (إسرائيل) حسب رؤية المحلل قاسم في اتجاهين: "الأول الاستمرار في سياسة الاستيطان والاعتقالات والتهويد، والثاني إلحاق ضرر كبير بالمجتمع الفلسطيني وتمزيقه اجتماعياً وإحداث انهيار أخلاقي".

أخطر السيناريوهات

اليوم بعد أن أدركوا أن الفقر والحصار اللذان يخنقان الفلسطينيين لا يلغي الطاقة، فعلى الرغم من عدوان الاحتلال وممارساته، إلا أنهم يتحركون لمكافحة الاحتلال.

الآن يضربون حلم الدولة الفلسطينية "تحت الحزام" ويشتتون الأمل، مستفيدين من الوقت والقوة التدميرية التي يمارسونها في كافة أشكال التصعيد والحروب الأخيرة .

ويرى الباحث أبو زايدة أن أخطر ما تسعى له (إسرائيل) الآن ضم مستوطنة "عتصيون" إلى القدس، حيث ستصبح مساحتها 10% من الضفة، وهو مخطط قديم ويدرسون الآن طرح عطاءات للاستيطان ويزيدون من سحب هوايا المقدسيين حتى وصلت مؤخراً 250 هوية.

ويضيف: "الخطير أيضاً مصادرة أراض كبيرة بالضفة، والسيطرة على 61% من المساحة ضمن الخطة الاستراتيجية لسنة 2020، وحصر الفلسطينيين في 39% في 3 مناطق رئيسية من محافظات الخليل ونابلس ورام الله، ضمن 64 كنتون صغير محاط بالأسلاك وطرق التفافية دون مخزون استراتيجي من المياه".

النماذج (الإسرائيلية) قيد الدراسة قديماً وحديثاً تبرز حسب الخطة والظروف، حيث يرى المحلل قاسم أن فشل ترهيب رئيس السلطة يدفع الاحتلال الآن لبلورة خطة جديدة تقدم للسلطة.

ويتابع: "كل تلك الأفكار في ظل فشل التسوية والإغراء لعباس أو إخافته تدرس الآن في المطبخ (الإسرائيلي)، وسيستخلصوا منها في النهاية خطة وأفكار جديدة".

ويحمل "ليبرمان" رؤية تحدث بها أكثر من مرة عن تبادل الأراضي، وتشمل أجزاء من الضفة المحتلة والداخل الفلسطيني، ومخططه أكثر خطراً ويهدد عرب الداخل.

الجدار العنصري

رؤية "بينيت" حول هدم الجدار العنصري تزعج بطبيعة الحال البروفسور في جامعة حيفا "سوفر" الذي أشار على "شارون" ببنائه، فقد جنت (إسرائيل) منه مكاسب أمنية جمّة.

ولا يتوقع الباحث أبو زايدة أن تلقى فكرة هدم الجدار وضم مناطق حسب مخطط "بينيت" آذاناً صاغية، فكثير من مواقف "بينيت" تكون غير معقولة خاصة أن الجدار عزل مناطق الضفة ومنع أخطار أمنية كبيرة .

ويتفق المحلل قاسم مع سابقه بخصوص هدم الجدار، مذكّراً بالعمليات الفدائية التي توقفت كلياً في الداخل المحتل بسبب بناء الجدار العنصري، مشيراً أن الفلسطينيين لم يصلوا حتى الآن لفكرة تتغلب على الجدار.

"هدم الجدار" لن يحظ بموافقة ائتلاف اليمين الحاكم الآن، والذي يحتل 75% من أعضاء الكنيست في حكومة المستوطنين الواقف على رأسها أحزاب "البيت اليهودي-الليكود" .

أما فكرة انسحاب (إسرائيل) من مناطق واسعة بالضفة كما انسحبت بغزة سنة 2005، فهذا خطأ لن تكرره (إسرائيل)، لأن غزة شهدت تنامياً في قوة المقاومة التي أصبحت تهدد أمن الاحتلال.

البث المباشر