من المتوقع أن تعلن، الأسبوع المقبل، تشكيلة الحكومة الفلسطينية الجديدة، حتى تباشر عملها بالتحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني بعد ستة أشهر من انطلاق قطارها، وفق ما اشتمل عليه اتفاق تنفيذ الشاطئ الذي وقع بين حماس وفتح في الثالث والعشرين من ابريل الماضي.
ويتوقع أن تواجه حكومة التكنوقراط التي سيتولى الأكاديمي رامي الحمدالله رئاستها، أشغالا شاقة خلال عمرها الزمني المحدود، وذلك عائد إلى المهمات الصعبة التي ستتكفل بإنجازها ولا سيما المتعلقة بمتابعة ملف الحريات العامة ذات العلاقة بالمعتقلين السياسيين، والحريات الاعلامية- وهو بالمناسبة مازال مستمرا حتى في اوقات تنفيذ الاتفاق- فضلا عن متابعة ملف المصالحة الاجتماعية.
"جمال محيسن : الحكومة الجديدة ستتحمل أعباء نفسها
"
إلى جانب ذلك كله، تبني شرائح كبيرة من المواطنين آمالا عريضة على هذه الحكومة، في جملة من القضايا الرئيسية والحساسة، وكأنها تملك عصا سحرية!، لموضوع الفقر والبطالة، وتوفير فرص عمل وتوظيف الخريجين.
السؤال الذي يبدو مشروعا في هذا التوقيت، هو كيف ستتولى الحكومة الجديدة مسؤولية تهيئة الظروف للانتخابات في ستة أشهر؟، خصوصا وأنها ستصطدم في حدود صلاحياتها مع المواقف التوافقية بين حماس وفتح، فيما يتعلق بكيفية اجرائها في الشتات مثلا.
ويبدو واضحا أن صلاحيات الحكومة فيما يخص الانتخابات ستكون اجرائية، أكثر منه مقررة فيما يخص مشاركة فلسطينيي سوريا في عملية التصويت، فضلا عن مشاركة الفلسطينيين المقيمين في الدول العربية والغربية، ناهيك عن عدم توفر ضمانات لمشاركة أهالي القدس في هذه الانتخابات التي من المقرر أن تؤسس لمرحلة جديدة على صعيد منظمة التحرير بشكل يضمن انخراط حركتي حماس والجهاد الاسلامي.
هذا الملف بتعقيداته، ليس الوحيد الذي ستواجهه حكومة "التكنوقراط"، فهناك تحديات لا تزال غامضة على صعيد توفر التمويل اللازم لتغطية نفقاتها خصوصا رواتب موظفي قطاع غزة والضفة، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار تصريحات جمال محيسن عضو اللجنة التنفيذية لحركة فتح التي قال فيها إن الحكومة الجديدة ستتحمل أعباء نفسها.
فضلا عن ذلك، فإنه لا ضمانة لئلا تنفذ (إسرائيل) عقوباتها الاقتصادية القديمة الجديدة على السلطة بوقف تحويل عائدات الضرائب الى خزينة حكومة "الحمدالله" التي تشكل أكثر من ثلثي اجمالي ايراداتها.
المهمة الأخرى التي تتعلق بهذه الحكومة، هو كسر الحصار المفروض على غزة، والسعي إلى فتح معبر رفح البري، في الوقت الذي ترفض فيه حماس قطعا القبول بإعادة تطبيق اتفاقية المعابر 2005 التي كانت تنص على وجود مراقبين أوروبيين على جانب المصري من المعبر.
السؤال هنا: ماذا لو عاد أبو مازن لتأكيد استعداده للعودة إلى اتفاق 2005 لتطبيقه بحيث يوجد معبر للأفراد وآخر للبضائع بالاتفاق بين السلطة ومصر و(إسرائيل)؟. الاجابة جاءت بشكل غير مباشر على لسان عضو المكتب السياسي موسى ابو مرزوق، في لقاء سابق جمعنا به جدد خلاله رفض حركته القبول بهذا المقترح، على اعتبار أن الاتفاقية عندما وقعت لم تشمل الطرفين المصري والفلسطيني، وإنما كان الطرفان الاساسيان هما (إسرائيل) والاتحاد الأوروبي.
"حماس ترفض القبول بإعادة تطبيق اتفاقية المعابر 2005
"
أضف إلى ذلك كله، مدى قدرة الحكومة على الموازنة في التعامل مع الملف الأمني وحساسيته العالية، على اعتبار ان هناك عقيدتين امنيتين مختلفتين، إحداهما في الضفة تقوم على مبدأ التنسيق الأمني مع الاحتلال، والأخرى في غزة وهي متهمة من المجتمع الدولي بأنها مساندة للمقاومة، علما أنها استطاعت ان تحافظ على مدار سبع سنوات من الانقسام على استقرار الحالة الأمنية.
هذا كله يضع الحكومة الجديدة أمام اختبار حساس، فإما أن تنجح وتتمكن من الوصول بالفلسطينيين الى بر الانتخابات، أو تبقى الأمور معلقة على حبال العراقيل.