قائمة الموقع

عمالة الأطفال.. تسول مُقنّع لا يحده قانون

2014-05-31T07:45:39+03:00
أطفال يبيعون على أرصفة الشوارع (أرشيف)
الرسالة نت- فادي الحسني

راجت صور عبر مواقع التواصل الاجتماعي لطفل من غزة ينام على مفترقات الطرق، ما استدعى البحث عنه والالتقاء به عند مفترق طرق رئيس غرب المدينة. هناك كان الطفل يحمل علبة العلكة في يده ويوزع دموعه ونحيبه على المارة دون معرفة سر هذا البكاء، اقتربت "الرسالة نت" فجأة وتوددت اليه لأجل القبول بالإفصاح عن حكايته، غير انه امتنع حتى ظننا أنه "ابكم".

غادرنا المكان نهارا وعدنا في وقت لاحق من الليل، فوجدنا الطفل ذاته نائما فوق لوح خشبي على الرصيف، محتضنا بين يديه علبة العلكة، لما حاولنا افاقته اشاح بيده رافضا، وعاد مكملا نومه، فاكتفينا بالتقاط صور له لأجل تقديمها الى الجهات المسؤولة عن رعاية الأطفال في قطاع غزة على مختلف مسمياتها الرسمية والاهلية.

هذا الطفل وغيره العشرات ممن نزلوا الى الشوارع قسرا لأجل العمل، ماتزال الجهات الرسمية ترفض توصيف واقعهم بالظاهرة، على اعتبار أن نتائج مسح القوى العاملة عام 2012، التي خلص اليها المركز الفلسطيني للإحصاء، أظهرت أن نسبة الأطفال في الفئة العمرية 10-17 سنة العاملين، سواء بأجر أو بدون، بلغت 4.1% من إجمالي عدد الأطفال: 5.8% في الضفة الغربية، و1.5% في قطاع غزة.

في المقابل ترى جهات أهلية قائمة على مشروع محاربة عمالة الأطفال أن الأرقام الكامنة أضعاف المعلنة، وترفض وصف القضية بأنها مجرد "حالات".

"

الشرطة: أطفال استغلهم مروجو مخدرات وآخرون سرقوا تحت قناع العمل

"

بين هذا وذاك، سلكت "الرسالة نت"، طريقا نحو البحث عن دواعي عمل هؤلاء الاطفال، والوقوف على حجم الخلل الذي يؤدي إلى تزايد اعدادهم خصوصا مع بدء العطلة الصيفية، حيث تشهد تدفقا للأطفال العاملين نحو المفترقات الرئيسية و ورش العمل.

مفارقة

المفارقة انه لم يكن من الصعب البحث عن الأطفال الباعة سواء كانوا ذكورا ام اناثا، في مجتمع بلغت فيه نسبة الفقر 39% والبطالة40% وفق احصاءات صادرة عن مركز حماية لحقوق الانسان، حيث لا يخلو ركن في متنزه او شاطئ من اطفال لا يملون التودد للزبائن بلغة "رزقني"، و "اجبر عني"، بشكل أقرب الى التسول المقنع، ما يجعل هؤلاء عرضة للاستغلال والابتزاز، وفريسة سائغة للمجرمين والخارجين عن القانون.

لقد اجرينا هذا التحقيق في وقت يؤدي فيه طلاب المراحل الابتدائية والاعدادية الاختبارات النهائية، غير أن اجواء الدراسة لم تقطع اقدام الاطفال العاملين من الشوارع والمتنزهات.

جلسة قصيرة في متنزه (الجندي المجهول) وسط مدينة غزة على سبيل المثال، كافية للكشف عن حجم الاطفال الذين يعملون في هذا المتنزه كباعة متجولين، أو كمأجورين بمقابل زهيد.

مصادر مطلعة في مؤسسة الربيع لرعاية الأطفال الأحداث أكدت أن عدد الأطفال العاملين الذي اوقفوا على خلفية قضايا متعددة، منذ بداية العام الى الآن هم ثلاثة أطفال. غير أن بطء الاجراءات الرسمية في الحصول على تصريح لمقابلة هؤلاء الاطفال، حال دون الاصغاء الى مشكلاتهم وتفاصيل قضاياهم.

"

مرشد الطفولة: نقدم دعما للأسر لكنها تصر على تشغيل أطفالها

"

تجدر الاشارة الى أن نسب الأطفال الأحداث عموما آخذة في الازدياد خلال العامين الاخيرين،  وفق الاحصاءات التي نحتفظ بنسخة عنها، فيما يتبين لنا أن الأطفال الأحداث يتركزون في مدينة غزة وتحديدا في الأسر التي لا يعمل اربابها. 

مستهلك الطرح

قد يبدو من وجهة نظر الكثير أن ملف عمالة الاطفال هو ملف مستهلك الطرح وأن من السهولة بمكان التنبؤ بسببه الرئيس وهو: الوضع الاقتصادي المتردي وتزدهر في العطل والاجازات الصيفية، غير أن هناك اسباب كبرى كامنة وراء هذه الظاهرة اكتشفناها في سياق هذا التحقيق، أبرزها جهل أسري وقصور رسمي، حيث أن الاطراف مجتمعة -الأسرة والحكومة- مقصرة, بما يتناقض مع ما نصت عليه مواد قانون الطفل الفلسطيني المتعلقة بدور تلك الأطراف.

نقاش مطول جري في مكتب مسؤول دائرة الأمومة والطفولة في وزارة الشؤون الاجتماعية ايمان عدوان، حول جدوى إثارة موضوع عمالة الأطفال، رغم حصولنا على موافقة خطية من وكيل الوزارة. وتبريرها رفض طرح القضية لقولها إن هناك قضايا اكثر اهمية تخص الطفل بحاجة الى نقاش، لم تستعرضها قبل أن توعز الى مرشد حماية الطفولة محمد الكحلوت للحديث معنا حول الدور المناط بهم كجهة رسمية لحماية الاطفال العاملين.

وقال الكحلوت، إن وزارته تقوم عبر ما يعرف بشبكة حماية الطفولة التي ينضوي تحتها عدد من الوزرات ذات العلاقة، بمساعدة الأطفال العاملين عبر اخراطهم في البرنامج الوطني للحماية الاجتماعية، حتى يستفيدوا من المبالغ المالية المقدمة من الشؤون الاجتماعية، بالإضافة الى الطرود الغذائية التي تقدم لأسرهم إلى جانب منحها تأمينا صحيا، وذلك لتلافي تشغيلهم.

واستدرك الكحلوت قائلا: "رغم هذا القدر من المساعدات التي تقدم للأسر لأجل الحفاظ على مستقبل اطفالها، إلا أن عددا من الاسر التي تعاني التفكك، لاتزال ترى في عمل الأطفال أمرا ضروريا لأجل توفير احتياجاته".

وعّد في الوقت نفسه، النظرة الاجتماعية التي ترى في عمل الاطفال موروثا اجتماعيا ضروريا على اعتبار أنه يصنع من الطفل رجلا في المستقبل يستطيع الاعتماد على ذاته، تسهم في زيادة اعداد الاطفال العاملين، ملمحا كذلك إلى أن معدل الانجاب العالي في الاسر الفلسطينية كان دافعا أيضا وراء عمل الاطفال لأجل تعويض النقص الذي يعانون منه ولا سيما فيما يتعلق بتوفير المصروف اليومي.

أما على صعيد الإناث فاكد أن عددهن اقل بكثير من الذكور، غير أنه اشار الى أن هؤلاء الفتيات سيصبحن عرضة للابتزاز خلال وجودهن في الشارع.

وكانت قد أظهرت نتائج مسح القوى العاملة 2012، أن الطفلات الملتحقات بالمدرسة ويعملن نسبتهن 0.5%، فيما تبلغ نسبة غير الملتحقات بالمدرسة ويعملن 2.8%.

في زمن الاختبارات

الحادثة الخطيرة التي صادفتنا في هذا التحقيق، أننا عثرنا عشية اختبارات المرحلة الاعدادية على الطفل (أ. ح) قرب ميناء غزة مع حدود الساعة الثامنة مساءً وهو يحمل صندوقا كرتونيا معلقا على رقبته يحوي بعض أكياس من المسليات (الترمس والفستق)، جاء بها الى هذا المكان ليساعد كما يقول في الانفاق على اسرته المكونة من سبعة افراد، ويتكفل بها اب يعمل في مهنة الانقاذ البحري.

هذا الطفل الذي كان يرتدي (شورت) رغم برودة الاجواء، قال ان والده قد تكاثرت عليه الديون وليس باستطاعته ان يغطي احتياجاتهم المنزلية، وينتظر بشغف استلام الراتب ليغطي المستحقات المتراكمة عليه.

يشير الطفل الذي رفض اخذ مقابل مادي دون شراء أي من معروضاته، الى أن اجواء الاختبارات النهائية لم تمنعه عن العمل هو وشقيقيه اللذين يصغرانه سناً، وإلى أن ذكاءهم يمكنهم من تحقيق معدلات متوسطة (جيد)، رغم عدم التحضير للاختبارات، ولما سألناه كيف يمكنكم تحقيق ذلك؟، قال "بالاعتماد على الغش".

"

التعليم: لا نتمتع بالحماية الكافية التي تؤهلنا لإعادة الأطفال إلى مدارسهم

"

اما عن موقف والده من عمله فيقول (أ. ح) "أبي لا يملك ان يقول لنا لا تعملوا، لأنه لا يستطيع أن يوفر لنا مصروفنا اليومي"، مبينا أنه يحقق في اليوم الواحد ما بين 20- 30 شيكل.

لقد رفض (أ .ح) مرافقته الى البيت الواقع في حي الصبرة بمدينة غزة للاستماع الى وجهة نظر ابيه، بزعم اننا سنتسبب بتعنيفه، ومتذرعا بتأخر الوقت. 

أما الطفل احمد (اسم مستعار) الذي التقيناه على بعد مئات الامتار من سابقه، لم يمتنع عن اعطائنا رقم الهاتف المنزلي لزيارة والدته الأرملة للاطلاع على اسباب عمله وهو لا يزال طالبا في الفصل التاسع.

صباحا هاتفنا الأم وتوجهنا الى منزلها الكائن في منطقة تل الهوى جنوب غزة، فاستقبلتنا هي واحد ابنائها في العقد الثاني، وقد كان باديا عليهما الريبة، غير انها وبعد لحظات بدأت تستعرض اسباب عمل طفلها احمد، قائلة "انه يساهم في الانفاق على الاسرة بجانب شقيقه الذي يتعطل عن العمل بين الحين والاخر"، مؤكدة انه منذ وفاة زوجها قبل اربعة اعوام وهي تحمل هم الاسرة على عاتقها.

وتشير الأم التي جالستنا في أرض زراعية مجاورة لمنزلها تعود ملكيتها للأسرة، إلى أن ما تتلقاه من معونات اغاثية لا يكفي لسد احتياجات اسرتها، علما أنها تتلقى أيضا كفالات نقدية من وزارة الشؤون الاجتماعية. ولما واجهناها بإمكانية الانفاق على الاسرة من خلال ما تتلقاه من دعم بصفتها تعيل ايتاما، دون الحاجة الى تشغيل ابنها، خالفت اقوالها الأولى وردت "هو من يريد العمل".

في هذا الاطار يقول مرشد حماية الطفولة، إن بعض الأسر اعتادت تشغيل اطفالها، وقد قدمنا لهم الدعم الكافي لكنها تصر على تشغيلهم، رافضة ما يقدم لهم من عروض تخص توفير جزء كبير من احتياجات ابنائها.

وعما اذا كانت هناك مآرب اخرى للعائلات التي تشغل اطفالها، قال الكحلوت، هناك عدد محدود من الاطفال تبين أن اسرهم تستغلهم من خلال مساعدتهم في ترويج المخدرات.

ضحية

وقد ثبت ذلك فعلا، في لقاء سابق جمعنا بالطفل سامي جميل (اسم مستعار) في الرابعة عشرة من عمره، والذي تبين أنه "كبش فداء"، سقط ضحية لأب تاجر مخدرات بعث به إلى أحد الزبائن في محيط سكنه بالمحافظة الشمالية للقطاع لينقل له قطعة "حشيش".

الطفل سامي، الذي اوقف سابقا على خلفية القضية في مؤسسة "الربيع"، ولا يجيد القراءة ولا الكتابة، لم يكن يقوى على رفض مطلب والده اليومي بنقل كميات الحشيش إلى الزبائن، فقد كان والده يكافئه مقابل كل كمية يوصلها بـ"2 شيكل" (نصف دولار)، في حين أن الأب كان يحوز على "100 شيكل" (25 دولار).

في هذا السياق أكد مرشد حماية الطفولة، إن القضايا المشابهة لحالة الطفل سامي، لا تأخذ إطارها القانوني الكامل، وتنتهي عبر الحلول الودية، او كما وصفه بـ"فنجان قهوة".

وقال الكحلوت "للأسف واجهنا حالات جرى استغلالها في المخدرات، واكتشفنا ان ذريعة الآباء هي أن القانون لا يجرم الطفل بالقدر الذي يجرم فيه الاب، اذا ما اكشف امره، لهذا دفعوا بأبنائهم في هذا الوحل، تحت قناع البيع".

في تلك الأثناء عدنا الى جهاز الشرطة للوقوف على عدد الأطفال الضحايا الذين تلبسوا في جناية المخدرات، فأوضح المقدم أيوب ابو شعر المتحدث باسم جهاز الشرطة، عدم توفر احصاءات حول هذا الموضوع، ولكنه اكد وجود بعض الاطفال استغلهم مروجو مخدرات، مشيرا الى أن جهة مكافحة المخدرات لا تزال تواصل عملها في سياق متابعة ومراقبة الأطفال العاملين.

وذهب ابو شعر الى ابعد من ذلك في تأكيده على أن هناك بعض الاطفال يقومون تحت قناع العمل بأعمال مخلة بالنظام كالسرقة، مؤكدا ان جهاز الشرطة أعاد في اكثر من مرة الاطفال المرشدين من العاملين الى منازلهم بعدما عثر عليهم وهم نيام في الشوارع وعلى الارصفة.

وفي الوقت الذي رفض فيه المتحدث باسم الشرطة وصف عمالة الأطفال بالظاهرة، قال انهم حريصون على عدم استغلال هؤلاء الاطفال حتى لا يصبحوا فريسة لأصحاب النفوس الضعيفة.

فيما قال الكحلوت "المشكلة ان القانون مسَن، ولكننا بحاجة الى تطبيقه حتى يأخذ الجاني عقوبته الكاملة"، ويقصد هنا من يستغلون الاطفال.

وأشار الكحلوت إلى أن جملة من القوانين الخاصة بالطفل لا تطبق، وإنه لا يتمتع بالصفة القانونية التي تخوله بإجراء تحقيقات مع أولياء الامور فيما يتعلق بتعنيف ابنائهم او استغلالهم، وقال "اذا وصلتنا شكوى عن حالة اعتداء على طفل فقط نقوم بما نسيمها دراسة حالة، للأسرة فقط ولا نقوم بالتحقيق او الاستجواب"، مرجعا الخلل لجهات تنفيذ القانون التي رفض تسميتها.

عراك

وكنا قد عثرنا في طريقنا خلال عملية البحث عن الأطفال الباعة على ثلاثة أشقاء اكبرهم لم يبلغ 12عاما، كانوا يتنازعون على تقسيم اتعاب بيع البالونات على احد المفترقات الرئيسية في مدينة غزة، وراح احدهم الى ضرب رأس الاخر في الجدار لانتزاع بعض الشواكل منه.

حاولنا فض العراك القائم بين الاشقاء الثلاثة وهم طلبة في المرحلة الابتدائية، ونحن نوثق ذلك بكاميرا الهاتف، ولما حاولنا استيضاح امرهم تبين أنهم يقضون اكثر من سبع ساعات يوميا -أي بعد العودة من المدرسة- في بيع البالونات، ويعودون مع حدود الساعة العاشرة مساء.

هؤلاء الاطفال الذين تتحفظ "الرسالة نت" على اسمائهم، أبناء رجل متعطل عن العمل يقطن في حي الشجاعية شرق غزة، يقولون انه لا يقوى على توفير قوت اسرتهم، لهذا هم يعينوه على تلبية الاحتياجات المنزلية.

الأطفال الثلاثة لو مر بهم مرشد حماية الطفولة في وزارة الشؤون الاجتماعية، لن يقدم لهم حلا يخلصهم من عناء العمل ويعيدهم الى احضان اسرتهم، لدواعي الجهل بثقافة قانون الطفل الفلسطيني، كما يقول الكحلوت.

وقد منحت المادتان (51-56) من قانون الطفل الفلسطيني مرشد حماية الطفولة، صفة الضبط القضائي في مجال تطبيق أحكام القانون، بالإضافة الى استدعاء الطفل والقائم على رعايته للاستماع إلى أقوالهم وردودهم حول الوقائع موضوع الإبلاغ. وإجراء التحقيقات وأخذ التدابير الوقائية الملائمة في شأن الطفل، ويعاقب بغرامة لا تزيد على خمسمائة دينار أردني ولا تقل عن مائتي دينار كل من يمنع مرشد الحماية من القيام بمهامه.

إلا أن هذه النصوص القانونية، بقيت حبيسة الادراج، ولا يعمل بها، وفق تأكيد الكحلوت، مشيرا إلى أن هناك جملة من نصوص القانون معطلة في قطاع غزة نظراً لجهل الاطراف مختلفة بها.

ويسجل المحامي أحمد المصري المختص بالمرافعة في قضايا الأطفال، مأخذا على مواد قانون الطفل الفلسطيني، مؤكدا أن من بين العقبات التي تقف في طريقهم هي تدخل الحلول الودية عبر العرف العشائري.

وأكد المصري أن الحلول الترقيعية بمثابة "صكوك غفران" تمنح للجاني على حساب الضحية، معتبرا أن بعض مواد قانوني الطفل والعقوبات يحمل طابعا قيميا ويفتقد للإلزام.

"

مؤسسة أهلية: نسعى  لتحسين ظروف عملهم وعلى الحكومة تفعيل قانون الطفل

"

المشكلة الأكبر التي اكتشفناها أن وزارة التربية والتعليم بصفتها شاهدة على حجم تسرب طلاب المدارس، لا تملك حق اعادة الأطفال إلى مقاعد الدراسة، حتى وان استغلوا في العمل على نحو يخالف القانون.

التعليم إلزامي

وقد منحت المادة (37) من قانون الطفل الفلسطيني، الحق للأطفال في التعليم المجاني في مدارس الدولة حتى اتمام مرحلة التعليم الثانوي، مشددة على ان التعليم الزامي حتى اتمام مرحلة التعليم الاساسية العليا كحد ادنى، وتتخذ الدولة جميع التدابير المناسبة لمنع التسرب المبكر للأطفال من المدارس.

في هذا الاطار توجهنا الى رئيس قسم الإرشاد والتربية الخاصة في وزارة التعليم ايمن نصر الله، بصفته مندوبا عن وزارته في شبكة حماية الطفولة، فشرح حجم الصعوبة التي يوجهونها في محاولة اعادة الابناء الى مقاعد الدراسة.

وقال نصر الله "نجد صعوبة في اقناع الاهالي بعودة ابنائهم الى المدارس، ولكن البعض يتذرع برسوبهم المتكرر"، مشيرا إلى أن هناك نظرة مجتمعية بضرورة تعليم الابن الراسب لحرفة ما تعينه على المستقبل بدلا من الاستمرار في الدراسة على قاعدة "مكانك سر".

وتعد المصاريف الدراسية، بالنسبة لبعض العائلات خسارة مباشرة (رسوم الدراسة والملابس والكتب) وغير مباشرة (خسارة دخل عمل الأولاد المفترض)؛ الأمر الذي يجعل من ذهاب الأطفال إلى المدرسة عبئًا ثقيلًا بالنسبة للوالدين؛ فضلا عن أن الأطفال يمكن أن لا يلتحقوا بالمدرسة أصلا، وقد يتسربون منها لأسباب متعددة.

غير ان رئيس قسم الارشاد في التعليم، اشار الى أكثر ما يقلقهم ويثير انزعاجهم هو حرمان الاهالي لأطفالهم المجتهدين من اكمال مسيرتهم التعليمية، والالتحاق بالعمل، مؤكدا أن جل ما يمكن ان يقدموه لهؤلاء الاطفال هو "التدخل بالحل الودي من خلال المرشدين التربويين الذين ينظمون زيارات للمنازل لتعبئة استمارة تسرب".

وعن دور وزارة التربية والتعليم في اجبار الاهل على اعادة ابنائهم لاستكمال التعليم، قال "نحن لا نتمتع بالحماية، فقط نتدخل بالشكل الودي، لأن دور مرشد التعليم يقتصر على داخل حدود المدرسة لا خارجها".

وأشار نصر الله إلى أن الدور الاكبر يقع على عاتق الوزارات الاخرى، "ونكتفى بتحويل الحالات الى وزارة الشؤون الاجتماعية للتعامل معها" كما قال.

وإذا كان اصحاب اليد الطولى لا يستطيعون تنفيذ القانون، فإن دور المؤسسات الاهلية المعنية بعمالة الأطفال، سيظل بالتأكيد محدود جداً إزاء محاربة هذه المشكلة.

لكن الفارق الوحيد بين النظرتين الرسمية والاهلية في التعامل مع عمالة الاطفال، هو أن القطاع الاهلي العامل على محاربة العمالة، لا يزال يرى فيها انها "ظاهرة"، في الوقت الذي تقول فيه مسؤولة دائرة الأمومة والطفولة بوزارة الشؤون الاجتماعية "عدوان" انها مجرد حالات.

وتشير منسقة مشروع محاربة عمالة الاطفال في جمعية الأمل، الى أن دورهم محصور في تسليط الضوء على ما اسمتها "الظاهرة"، و التوعية من مخاطرها والقوانين الخاصة بالأطفال.

وتشير عدوان الى المشروع الذي يعكفون على  تنفيذه بشراكة مع مؤسسات اخرى، سيقومون بحملات دعم ومناصرة لحماية الاطفال، مؤكدة محاولاتهم الحثيثة لملاحقة الحالات عبر مختصين تربويين ونفسيين، لأجل تقديم الدعم النفسي اللازم لهؤلاء الاطفال.

وشددت على ضرورة الضغط على الحكومة لأجل تفعيل القانون الخاص بالطفل، مؤكدة سعيهم للعمل على تحسين ظروف عمل الاطفال ما فوق سن 15 عاما، وتوفير شروط الأمن والسلامة الواجب توافرها في الورش التي يعمل فيها هؤلاء الاطفال.

"

جملة من نصوص قانون الطفل معطلة لجهل الأطراف بها

"

وقالت منسقة مشروع محاربة عمالة الاطفال "إن هناك اطفال عرضة للابتزاز جراء التسول المقنع، بالإضافة الى ان هناك انتهاك لحق الطفل، والمسؤول عن ذلك هو الفقر بداية ثم عادات المجتمع وثقافته خصوص تلك الاسر التي اعتادت على الكابونات والمساعدات والتي لا تكترث لمغادرة ابنائها مقاعد الدراسة".

وإلى أن يطبق القانون الخاص بهم سيظل الأطفال يعملون تحت اشعة الشمس الحارقة دون تحرك الأطراف المعنية، لنشل هؤلاء من مستقنع خطر لا احد يضمن أن يحولهم في المستقبل الى مجرمين، لاسيما اذا ما تعرضوا لاستغلال بشع!.

اخبار ذات صلة