قائمة الموقع

عائلة أبو الهيجا.. طفلنا يموت.. من يوفر له الحليب؟

2009-09-01T14:37:00+03:00

الرسالة نت- وكالات

بهجة لم تكتمل، سرقها المرض من عيني والديه.. لم تمض أيام على دموع الفرحة التي ذرفها والده عندما حضنه إلى صدره وقبلت أمه جبينه الصغير، حتى بات هاجس الخوف من فقدانه واقعا يلاحق عائلته.

مرض استرق سويعات فرح عائلة أبو الهيجا من قرية اليامون قضاء مدينة جنين، فبعد سنوات من الانتظار لقدوم أخ يساند طفلتهم نادين، ولد محمد ضياء الدين أبو الهيجا وحمل بين أضلعه الرقيقة خلل جيني في تركيب الإنزيم المسؤول عن إفراز الهرمونات في جسده الصغير، وحرم والديه من أمل أضاء به حياتهم.

 

حالة صعبة

لم تبخل تماضر أبو الهيجا (أم محمد) بالدموع عندما روت معاناة ابنها الصغير " كان عمر محمد حينها أسبوعين عندما أعلمتنا الطبيبة بان هناك خللا في تركيبة دمه ونصحتنا بمراجعة المستشفى، فقد بدى على وجهه علامات بثور صغيرة وتورم في قدميه، فتوجهت به إلى المستشفى وعند تحليل دمه تبين وجود ارتفاع كبير في نسبة الدهنيات حيث بلغت 8 آلاف، وفي الجسد الطبيعي في عمره 150 فقط".

"حالة صعبة وخطيرة- تقول والدة الطفل- هذا ما شخصه الأطباء في مستشفى جنين، مضت عشرة أيام في المستشفى كانت حالة محمد تسوء، لم اعلم كيف أتصرف وأين اذهب، كانت دموعي لا تفارقني".

وتتابع تماضر (25 عاما)، بعد محاولات عدة واتصالات مع جمعيات خيرية في فلسطين المحتلة عام 48 استطعت الحصول على تصريح وتوجهت إلى مستشفى "رمبم" في مدينة حيفا، كانت الصدمة كبيرة عندما أعلموني أن طفلي مرضه نادر وهناك أربع حالات فقط بفلسطين مصابون بالمرض.

وذكرت تماضر " لم أتخيل يوما أن ابني في هذا الوضع الخطير، فقد شبه أطباؤه المرض بالأفعى التي تنسل إلى جسد الإنسان دون أن يشعر بها، وطلب مني الأطباء أن لا ارضعه لأنه بحاجة إلى حليب نباتي خاص لا يوجد منه بالضفة الغربية، تكلفة العبوة منه 200 شيكل، وبالأسبوع بحاجة إلى ثلاث علب تكلفتها بالشهر 2400 شيكل" (الدولار = 3.8 شيكل تقريبا).

وذكرت والدة محمد، أن طفلها يتناول طعاما مسلوقا وطعام بزيت خاص تكلفة العبوة منه 130 شيكل ويحتاج لاثنتين بالشهر، ويجب أن يأكل نوع من السمك الطازج سعر الكيلو 90 شيكل ويحتاج إلى 2 كيلو بالشهر.

تكلفة كبيرة وعالية لا اقدر عليها أنا وعائلتي-كما أشارت تماضر- بالإضافة إلى علاجه بالمستشفى ومصاريف التنقل، فالكشفية وحدها 300 شيكل وتحليل الدم الذي يجرى له كل ثلاثة شهور 500 شيكل.

 

لا قدرة عليها

وأوضح ضياء الدين أبو الهيجا والد الطفل محمد  الوضع المعيشي لأسرته " اعمل عامل، أي عمل يتاح لي أقوم به، أحاول جاهدا أن احصل على أكثر من عمل، وما أتقاضاه من عملي يكفي فقط مصروف لحليب محمد وكثير من المرات استدين أنا وزوجتي من اجل إطعامه، وأعيش مع عائلتي، آكل واشرب معهم ولولا ذلك لمتنا من الجوع".

وبصوت حزين يكمل ضياء الدين حديثه، لقد حاولنا عدة مرات التوجه إلى الجمعيات ولكن محاولاتنا باءت بالفشل، ولقد توجهت زوجتي إلى الشؤون الاجتماعية بجنين ولكن ردهم كان قاسي، وتوجهنا إلى الصحة ولكن أيضا تم رفض طلبنا من اجل تامين محمد صحيا بحجة عدم توفر الأدوية واستطاعة التامين تغطيتها.

ويتابع بالقول :آخر محاولة كانت بنشر مناشدة بالصحف المحلية من اجل حليب طفلنا، استجاب لنا الرئيس وصرف مصروف حليب الطفل لمدة 9 شهور، ولكن ذلك لم يدم طويلا، محمد بحاجة إلى حليب وطعام خاص به طوال فترة حياته حتى يبلغ الثامنة عشر من عمره، وزودتنا الصحة بـ53 علبة حليب، كان ذلك عندما بلغ السنة والنص من عمره، ومن وقتها لم تصلنا أي مساعدة.

يضيف وقلبه يعتصر ألما، محمد بلغ من العمر اليوم سنتين وثمانية شهور، ومعاناتنا كل يوم عن يوم تكبر أكثر، عندما أراه يضحك ويلعب حولي اضحك واشعر بسعادة غامرة ولكن تلك اللحظات يتخللها خوفي من فقدانه بعدما أكرمني الله به بعد كل تلك السنوات.

 كان الحديث بين والدي الطفل محمد متنقلا بين الحزن والدموع وتارة أخرى بين صوت محمد الذي تحدثنا معه بكلمات متلعثمة طلب من والدته العصير.

محمد ذو الملامح البريئة وبعينه البنيتين كان يتنقل باعثا فرحة بين زوايا غرف البيت، يلهو مع أخته نادين يمسك بشعرها تارة وتارة أخرى يبكي لأنه لا يستطيع الحصول على قطعة الحلوى.

وعن ذلك تشير والدته " نقف عاجزين أنا وزوجي عند طلبات محمد، فهو طفل بريء تراوده نفسه على قطعة حلوى، ولكن مرضه يمنعه من ذلك، وما بيدي حيلة".

 

عبء كبير

 

وعن الصعوبات تقول أم محمد زوجي يتقاضى 360 شيكل فقط، لا تكفي حق الحليب لمحمد، ناهيك عن مصاريف الوصول إلى المستشفى ومصاريف الأكل، الحال صعبة، علينا ديون متراكمة، وفي فصل الشتاء يزداد الوضع سوءا مع محمد وتصيبه حالة من الاختناق وصعوبة في التنفس.

وتقول تماضر، عائلة زوجي كبيرة فهي مكونة من 10 أفراد، رغم أننا نثقل عليهم بالأكل والشرب، ولكن ما باليد حيلة، مهما تم مساعدتنا من الأقارب ولكن المصروف اكبر، لان وضعنا يشبه بعضه البعض، والوضع المعيشي لا يسمح بالمساعدة.

كانت الدموع تنهمر من أم محمد كلما تذكر كلمات الأطباء لها " أن طفلها لن تشعر به وهو يموت، فالموت فجأة قد يكون من نصيبه بأي لحظة، فأي شخص ينظر إلى محمد لا يعتقد انه مريض، فوجهه السمح وعينيه الواسعتين وضحكته العذبة كفيلة بان تشفي المريض نفسه، ولكن هذا غير كافي، فمرض ابني لا عوارض له، وخوفي من فقدانه يزداد يوما بعد يوم بقلة الوضع المالي الذي نعيشه".

ورغم ذلك أحاول أن أعيش تلك اللحظات بكل أمل- كما أشارت والدة الطفل- ونحاول أن نتناسى مرض محمد حتى لا يتسلل اليأس والإحباط إلى قلوبنا، فالشافي هو الله، وكل شيء بقدرة الخالق، وهو من أعطانا وهو من يأخذ.

ويذكر الأطباء المشرفون على حالة محمد، أنه ناتج عن خلل جيني نتيجة خلل في تركيب الأنزيم المسئول عن إفراز الدهنيات، مما  يجعل المريض عرضة للجلطات وأمراض القلب والكبد والطحال

 المصدر : شبكة اخباريات

 

اخبار ذات صلة