سلم رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية كرسيّ حكمه طوعاً، معلناً تنفس الصعداء بإزاحة مسؤولية ضخمة جداً كانت تثقل كاهله، وقد تحملها مع وزرائه وحكومته وشعبه لأكثر من 8 سنوات متواصلة.
هنية الذي يغادر الحكم اليوم كان أصغر رئيس وزراء فلسطيني يتقلد هذا المنصب، حيث كان عمره لا يتجاوز (43 عاماً) لحظة تقلده المنصب، واليوم يغادره وهو في ريعان عطائه وشبابه طوعاً من أجل شعبه ومصلحته كما ردد في كل المحافل في أيام حكمه الأخيرة.
هنية اللاجئ
تسلم هنية مقاليد الحكم كرئيس للوزراء وأصر أن يبقى بيته كما هو قبل وبعد حكمه في مخيم الشاطئ، واليوم أيضاً يسلم حكمه وهو يسكن مخيم الشاطئ بين جيرانه، هو لاجئ من جورة عسقلان التي لا تبعد عن غزة إلا كيلومترات معدودة، ولطالما افتخر بهذا اللقب وافتخر ببلدته الأصلية.
وُلد هنية في مخيم الشاطئ عام 1963، وتربى فيه، وتلقى تعليمه في مدارسه، وتزوج فيه، وأنجب 13 من الأبناء، وأتم دراسته الثانوية في معهد الأزهر الديني بغزة، كما أتم دراسته الجامعية في كلية التربية- قسم اللغة العربية بالجامعة الإسلامية.
محطات واعتقالات
التحق هنية بالعمل في الكتلة الإسلامية الذراع الطلابي لحركة حماس، منذ الالتحاق بالجامعة الإسلامية سنة 1981م، وأصبح عضوا في مجلس الطلاب بالجامعة الإسلامية عام 83/1984م، إلى أن ترأس مجلس الطلاب فيها عام 85/1986م.
عاش هنية كغيره من أبناء شعبه حياة الأسر والاعتقال، فقد اعتقل لأكثر من 3 مرات، تُوجت بإبعاده إلى مرج الزهور، فقد تم اعتقاله في المرة الأولى لمدة 18 يوما، ثم ستة شهور إداري، ثم 3 سنوات متواصلة، إلى أن تم إبعاده بصحبة 400 قيادي من حماس والجهاد إلى مرج الزهور في الجنوب اللبناني لمدة سنة بتاريخ 17/12/1992.
مناصب
فاز هنية، بعضوية المجلس التشريعي عام 2006، كما تقلد أمانة سر مجلس أمناء الجامعة الإسلامية سابقا، وتقلد أيضاً منصب مدير الشؤون الإدارية في الجامعة الإسلامية سابقا، ومدير الشؤون الأكاديمية في الجامعة الإسلامية سابقا، كما كان عضوا بمجلس أمناء الجامعة الإسلامية سابقا.
وانضم هنية إلى لجنة الحوار العليا لحركة حماس مع الفصائل الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، كما كان ممثلاً في لجنة المتابعة العليا للانتفاضة عن حركة حماس.
وترأس أبو العبد، مدير مكتب الشيخ أحمد ياسين، وتدرج إلى أن أصبح عضواً في القيادة السياسية للحركة، وعضواً في الهيئة الإدارية العليا للجمعية الإسلامية سابقا، ورئيساً لنادي الجمعية الإسلامية بغزة لمدة عشر سنوات تقريباً.
في الانتخابات الأخيرة الداخلية لحركة المقاومة الإسلامية، انتخبت قيادة الحركة هنية نائبا لرئيس المكتب السياسي، وأصبح يمثل علماً ورمزاً كبيراً للحركة في قطاع غزة.
وتعرض هنية لمحاولات اغتيال صهيونية عديدة، كان أبرزها عندما كان في زيارة للدكتور مروان أبو راس القيادي في الحركة بصحبة الشيخ أحمد ياسين في عام 2003، إلا أنه نجا منها بأعجوبة.
كما تعرض هنية لمحاولة اغتيال من قبل أجهزة فتح الأمنية إبان حكمه أثناء عودته عبر معبر رفح قبل أحداث يونيو/ حزيران 2007، حيث أدت تلك المحاولة إلى استشهاد مرافقه الشخصي عبد الرحمن نصار الذي حماه بجسده آنذاك.
الأكثر احتراما
حظي رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية بقبول واسع بين فئات الشعب الفلسطيني المختلفة، لما يتميز به من مواقف تتنوع بين الشدة في الحق والثوابت، واللين في المصالحة وتقبل الآخر.
وقد ظهر ذلك من خلال مواقف متعددة كان أبرزها سعيه لتحقيق المصالحة بكافة السبل ومهما كلف الثمن دون المساس بالثوابت والمقاومة، فقد ردد مؤخراً أن المصالحة لا تعني المساس بالمقاومة، وأكد أنها لن تكون بديلاً عنها أيضاً.