قائد الطوفان قائد الطوفان

أمن السلطة والاحتلال.."كتفا إلى كتف"!

التنسيق الامني بين السلطة واسرائيل (أرشيف)
التنسيق الامني بين السلطة واسرائيل (أرشيف)

الرسالة نت- أحمد الكومي

بتبرم واضح، استقبل الفلسطينيون موقفي السلطة وحركة فتح بشأن اختفاء ثلاثة جنود "إسرائيليين" في مدينة الخليل، الذي جاء عكس الشعور الفلسطيني العام. فبينما تعتقد السلطة أن التنسيق الأمني "خدمة للوطن" يراه منتقدوها "خيانة عظمى له".

وفي غمرة الارتباك (الإسرائيلي) بُعيد اكتشاف اختفاء الجنود الثلاثة، خرج عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد المدني ليعرب عن "عميق أمل السلطة بعودة الجنود إلى أسرهم بسلام". وأكد أن الأجهزة الأمنية في الضفة "لن تدخر أي جهد يساعد في العثور على (الإسرائيليين) الثلاثة"، كما جاء في البيان الصحفي عنه.

وتفاخر المدني -وهو رئيس اللجنة الفلسطينية للتواصل مع المجتمع (الإسرائيلي)- بأن السلطة سبق وأعادت عشرات (الإسرائيليين) الذين دخلوا بالخطأ أو عن قصد الى مناطقها، وسلمتهم سالمين الى الجهات (الإسرائيلية) المعنية، "ليس منة منها على أحد وليس استجابة لضغوط أو مطالبات (إسرائيلية) متنوعة، بل التزاما فلسطينيا عاليا بالأخلاق والقيم الانسانية التي تقدم حياة البشر فوق أي اعتبار آخر"، على حد قوله!

أعقبت تصريحات المدني، أوامر أصدرها رئيس السلطة محمود عباس للأجهزة الأمنية "بالتعاون الكامل مع الجيش (الإسرائيلي) وتسهيل مهامه، وأيضا اعتقال عناصر تابعة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي في مدينة الخليل، في سبيل العثور على الجنود الثلاثة.

الأوامر وصلت قادة الأجهزة الأمنية سريعا، وعبّر عن ذلك المراسل العسكري للإذاعة العبرية بقوله "الأجهزة الفلسطينية في الضفة تعمل كتفا إلى كتف مع الجيش (الإسرائيلي)، وبموازاة ذلك نقل موقع "واللا" العبري على لسان مسؤول أمني فلسطيني أن أجهزة أمن السلطة نقلت لـ(إسرائيل) أسماء فلسطينيين مطلوبين منذ فترة يشتبه بضلوعهم في عملية خطف مستوطنين!

تحركات ميدانية واضحة

الميدان الذي التقت فيه السلطة و(إسرائيل) اليوم متمثلا في البحث عن جنود تعرضوا للأسر بالضفة، أعاد للأذهان الدور الذي لعبته الأولى في تسليم خلية "صوريف" القسامية التي شكّلت عملياتها النوعية جدلا واسعا في صفوف أجهزة المخابرات (الإسرائيلية)، ولغزا محيرا لقوة عملياتها ونوعيتها المحكمة عسكريا وأمنيا، كان أكثرها إيلاما عملية خطف الجندي (الإسرائيلي) ناخشون فاكسمان عام 1994.

ورغم أن التحركات الميدانية للسلطة واضحة، والأوامر لها صريحة بشأن أي نشاط يخالف النظرية الأمنية مع الاحتلال (الإسرائيلي)، إلا أن أمين مقبول أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح قال لـ"الرسالة" إنه "لا علم له بأن السلطة وعدت بالبحث عن الجنود المختفين".

واستشهد مقبول بتصريحات عدنان الضميري المتحدث باسم الأجهزة الأمنية بالضفة لوكالة معا حين قال "إن السلطة ليست مسؤولة عن أمن المستوطنين"، لكن التحركات على الأرض تنافي ما تحدث به الضميري تماما، بعد أن أخبرتنا مصادر في الضفة أن اجتماعا أمنيا عُقد في الخليل بُعيد العملية، جمع قادة أجهزة أمن السلطة مع إسرائيليين (للتعاون) بشأن أسر الجنود الثلاثة.

أما عن موقف فتح من عملية الخليل، فاختزله مقبول في قوله: "إن كان الجنود مخطوفين، فهذا رد على التنكيل والتعذيب ضد الأسرى"، بما يخالف اللغة التي تحدث بها المدني عضو مركزية الحركة.

عبدالله عبدالله عضو ثوري فتح جمع بين الموقفين حين قال لـ"الرسالة": "نحن غير معنيين بسلامة (الإسرائيليين) ومستقبلهم، لكن نريد أن نوازن بين ذلك وحماية شعبنا من تبعات الحادث"، وفسّر ذلك بقوله: "نتحاشى انفجار الألغام في وجوهنا".

وعلّق عبدالله على أوامر عباس بتقديم تسهيلات للاحتلال: "الجيش (الإسرائيلي) لا ينظر إلى تسهيلاتنا الأمنية، هو يدخل رام الله في منتصف الظهر".

اعتقالات مسعورة

من وجهة نظر الأسير المحرر توفيق أبو نعيم ورئيس جمعية واعد للأسرى والمحررين فإن التنسيق الأمني "أمر طبيعي" لالتزام السلطة باتفاقية تسوية، جعلها مطالبة بملاحقة كل من يمس الأمن (الإسرائيلي)، وأعطى (إسرائيل) حق العمل الأمني بالأراضي المحتلة في أي وقت تشاء، وبموجبه اعتقلت حوالي 70 شخصا من الضفة ينتمون لحركة حماس، بعدما وجّه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أصابع الاتهام لها في عملية الخليل.

حماس حذّرت (إسرائيل) من مغبة هذه الاعتقالات "المسعورة"، واعتبرتها تصعيدا خطيرا. وأكدت أيضا أنّ من حق الشعب الفلسطيني القابع تحت الاحتلال أن يدافع عن نفسه بالوسائل كافة، الأمر الذي يضعه في مواجهة أجهزة أمن السلطة التي ترفض كل أشكال المقاومة ضد الاحتلال، وهو ما حذّر منه مراقبون من أن التنسيق الأمني "يضع الفلسطيني في مواجهة الفلسطيني" !

البث المباشر