يقلب الشاب محمد سلمان المتزوج حديثًا, ألبوم صور فرحه الذي لم يمض عليه سوى 27 يومًا, لعله يخرجه من الأجواء العصيبة التي دخلت بها مدينة الخليل جنوب الضفة المحتلة، جراء عملية الاجتياح التي تشرع بها قوات الاحتلال الإسرائيلي عقب اختفاء الجنود الثلاثة.
وعلى حين غرة , فٌتح باب منزل الشاب الذي بني حديثًا على مصراعيه نتيجة عبوة صغيرة وضعتها قوة احتلالية مقتحمة, من ثم دخلوا إلى منزل العريسين الذي تحول إلى كومة من الخردة, ليكون شهر عسله لا مذاق له.
محمد الذي يعمل محاسبًا في إحدى المؤسسات في المنطقة, يروي قصته لـ "الرسالة نت", بعد أن دمرت قوات الاحتلال منزله الحديث. يقول الشاب الذي دخل في منتصف عقده الثاني: "لا أعلم لماذا دمر الاحتلال منزلي(..), لم أرتكب أي شيء لأنال هذا العذاب".
وأنفق الشاب كل ما يملك من المال على بناء منزله ووضع أثاثه الموجود فيه الذي تغيرت معالمه بعد مداهمة الاحتلال له.
ومنذ عشرة أيام وحتى صياغة هذا التقرير, تشرع قوات الاحتلال بعمليات اعتقال وهدم وتدمير لمنازل المواطنين في الضفة المحتلة، وعلى رأسها مناطق في مدينة رام الله وأخرى في الخليل وأيضًا أحياء في نابلس.
وتوصلت " الرسالة نت" إلى عائلة المواطن أكرم القواسمي في الخليل أيضا، التي دهمتها قوات الاحتلال بعدما أدوا جميعهم صلاة الفجر, ودمرت باب المنزل وأصابت ابنهم البكر الشاب نور بعيار ناري قبل أن تعتقله, وتكسر الأثاث ونوافذ البيت.
سيطر الرعب والخوف على من كان في المنزل وتقول زوجة القواسمي "أم نور": "بعد انتهائنا من صلاة الفجر سمعنا صوت انفجار, ودخان كثيف طاف أرجاء المنزل, ارتعبنا كثيرًا".
عائلة القواسمي المكونة من 8 أفراد غالبيتهم من الإناث, هي ضحية أخرى لقوات الاحتلال الإسرائيلية من هجمتهم الشرسة التي يشرعون بها منذ اختفاء المستوطنين الثلاثة.
وانتقالًا من مدينة الخليل إلى نابلس والتي تعاني هي الأخرى من تلك الهجمات الهمجية, تعرض منزل المواطن الخمسيني يوسف صرصور إلى تدمير بالكامل والذي تحول فعلًا إلى كومة من الخردة.
كان المواطن يوسف عائدًا من منجرته قبل انحدار قرص الشمس إلى المغيب, ليجد بناته الستة وزوجته جالسين أمام باب المنزل المدمر وعذابات الخوف والحسرة تملأ قلوبهم.
يقول الخمسيني: "حين الاحتلال اقتحم المنزل سرق كل الأموال الموجودة فيه، ولم يترك شيئا إلا بسرقته أو تدميره".
ولم تقتصر تلك الهجمة فقط على منازل المواطنين بالضفة المحتلة بل طالت أيضًا مؤسسات إنسانية ومدارس حكومية وصرافات عملة, وبنوك ومحلات تجارية وغيرها.
واليوم سلمت قوات الاحتلال إخطارًا بهدم منزل الأسير المحرر والمعتقل حاليا زياد عواد الذي يتهمه الاحتلال بالوقوف وراء تنفيذ عملية قتل ضابط "إسرائيلي" قرب بلدة ترقوميا غرب الخليل، بعد الكشف عن تنفيذه عملية قتل ضابط الاستخبارات "باروخ مزراحي" قبل أشهر.
وأمهلت قوات الاحتلال عائلة عواد 48 ساعة لهدم المنزل والخروج منه.
وما زالت قوات الاحتلال تواصل حملتها المسعورة ضد أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة القدس المحتلة، وكان آخرها اقتحام منزل الأسير المحرر سامر العيساوي مساء اليوم في القدس والعبث بمحتوياته واعتقاله مجددا.
وبهذه الشهادات الحية من مواطنين عانوا ويعانون الأمرّين في الشطر الآخر من الوطن، لا تنتهي معاناة الفلسطينيين، في انتظار فرج الله لتخفيف ما يتعرضون له في هذه الأيام.