لم تستطع أجهزة المخابرات (الإسرائيلية) والأمنية المتعاونة معها من فك شيفرة المواطن الفلسطيني الذي ينتفض ويقاوم بعد كل جولة من جولات الترهيب والترغيب.
في العام 1987 "فعط" الفلسطيني في وجه (إسرائيل) بعدما ظن الاحتلال أنه تمكن من تدجينه حتى أصبح بلا هوية... اسمه عربي ويتحدث عبري، يعيش في المخيم ويبني المستوطنة، يسمع فريد وأم كلثوم، ويردد أغاني حاييم موشيه، وزوهر أرجوف، وزهافا بن، يعتمر الكوفية ويصفف شعره "نيجرو".
وفي يوم وليلة، "ولعت" بعد الاعتداء الذي نفذه سائق شاحنة صهيوني في ديسمبر1987، ضد سيارة يستقلها عمال استشهد أربعة منهم في مخيم جباليا، يومها صنع الفلسطيني بحجارته انتفاضة دخل بها التاريخ الحديث، وأعاد الاعتبار للكيانية الفلسطينية، والمقاومة الشعبية خلال سبع سنوات من الدم والتضحيات.
ثم تحول المواطن الثائر إلى رجل سلطة، وبدأت مرحلة الترغيب، "والسلطنة"، وعلى مدار سبع سنين نجح الاحتلال وشركاؤه، في تحويل الفدائي إلى مناضل سلمي، وقلموا أظافر من يفكر "بالخرمشة"، ويومها ظهر مصطلح التنسيق الأمني لحماية المشروع الوطني، الذي دفع أريئيل شارون رئيس حكومة الاحتلال آنذاك نحو باحات المسجد الأقصى، معتقدا بنجاح الإخصاء الوطني للإنسان الفلسطيني.
تحول شارون إلى صاعق فجر شرارة انتفاضة الأقصى عام 2000، وتفاجأ العالم بتصاعد الدخان الأسود من شوارع غزة والضفة بل من فلسطين 48، بعدما ظنوا أنهم أخمدوه في أوسلو والى الأبد.
في النهاية قرروا محاصرة وتقسيم الفلسطيني، استفردوا بغزة ووضعوها في العصارة، "ودايتنو" الضفة، عقروا المقاومة، وولدوا الفلسطيني الجديد، ثم نسقوا وتآمروا وتفاوضوا وتنازلوا وبعد أكثر من 7 سنوات انبطاح، ومع كل مرة يمسح الاحتلال بكرامة السلطة أحذية جنوده، يتصدى الرئيس محمود عباس لهم ويقول: "لن أسمح بنشوب انتفاضة ثالثة".
وإذا بالفلسطيني القديم يخرج لهم مجددا من كل حارة وشارع ومغارة وجبل، يلوح بالانتفاضة الثالثة، من غزة حتى المثلث، بعدما تحول جسد الفتى الشهيد محمد أبو خضير إلى شعلة ألهبت غضب الفلسطيني المقهور والمسحوق والقرفان.
عجيب هذا الفلسطيني... لم يستطيعوا فك شيفرته الثورية، بعدما مرروا عليه كل الكلمات السرية والسحرية مثل: الجيش الذي لا يقهر، السلام، التسوية السياسية، التعايش السلمي، الحل النهائي، السلام الاقتصادي.
وبعد كل محاولة يأتيهم الجواب: (ERROR)، (خطأ)، أنصحك لا تكرر المحاولة شيفرة المواطن لا تخضع لنظامكم.