قائمة الموقع

ما تخشاه (إسرائيل) في التصعيد على غزة

2014-07-07T07:25:50+03:00
اجتماع الكابينيت الاسرائيلي (الأرشيف)
د. صالح النعامي

شهدت الاجتماعات الطارئة التي عقدتها الحكومة (الإسرائيلية) المصغرة لشؤون الأمن خلال الأسبوع الماضي لمناقشة طابع الردود العسكرية ضد حركة حماس في أعقاب الكشف عن جثث المستوطنين الثلاثة، ورداً على تواصل إطلاق الصواريخ خلافات عميقة بين وزراء متحمسين لشن عمل عسكري واسع على القطاع، وآخرين يرون أن مثل هذا التطور سيفضي إلى نتائج عكسية.

ونظراً لحدة الخلافات، فقد تقرر عدم الحسم وإجراء مزيد من المشاورات.

ويتضح أن وزير الاقتصاد نفتالي بنات، زعيم حزب "البيت اليهودي"، كان على رأس المطالبين بعملية عسكرية "كبيرة وجذرية" في القطاع، في حين حذر عدد من الوزراء، أبرزهم وزير المالية يئير لبيد، زعيم حزب "ييش عتيد"، من عملية قد تورط (إسرائيل) في مواجهة مفتوحة، بما يفضي إلى تدهور مكانتها الدولية.

لقد دعا "الصقور" في ائتلاف نتنياهو الحاكم إلى تصفية القيادات السياسية لحركة حماس في القطاع وتوظيف العثور على جثث المستوطنين في تبرير ضرب البنية العسكرية للحركة، ولا سيما مخزونها من الصواريخ.

وقد كرر وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان موقفه الداعي لإعادة احتلال قطاع غزة بالكامل و"اجتثاث" حركة حماس.

إن ما يحفز دافعية بعض الوزراء الصهاينة لشن عملية كبيرة ضد غزة هو اعتقادهم أنها ضرورة لترميم قوة الردع في مواجهة المقاومة الفلسطينية، علاوة على أنهم يؤمنون أن البيئة الإقليمية والدولية تسمح لـ(إسرائيل) باستنفاد خياراتها العسكرية في مواجهة حماس.

وبكل تأكيد هناك اعتبارات السياسة الداخلية، حيث أن الرأي العام (الإسرائيلي) يمارس حالياً ضغوطاً كبيرة على دوائر صنع القرار في (تل أبيب) للقيام برد موجع على حركة حماس، وهذا ما يدفع وزراء اليمين المتطرف في الحكومة تحديداً لمراكمة نقاط سياسية من خلال تبني المواقف المتشددة.

وفي المقابل، فإن الوزراء المطالبين برد "معتدل" يرون أن رداً عسكرياً واسعاً على القطاع سيمس بالجبهة الداخلية (الإسرائيلية) وسيفضي إلى تدهور مكانة (إسرائيل) الدولية والإقليمية.

في الوقت ذاته، فإن (إسرائيل) لم تتمكن من إثبات أية علاقة بين خطف المستوطنين وقيادة حركة حماس في قطاع غزة، مما يفقد أية حملة عسكرية على قطاع غزة الشرعية الدولية، ويجعل (تل أبيب) في مواجهة حملات تنديد وشجب كبيرة.

ويرى الوزراء المعارضون أن هذا التصعيد سيجعل (إسرائيل) عرضة للقصف بمئات الصواريخ، التي يصل مداها شمال (تل أبيب) والقدس، علاوة على أن الأمر قد يفضي إلى تداعيات إقليمية خطيرة.

"

الإجراءات العقابية العشوائية لا تسهم في تحقيق الردع، ولا تضمن عدم تكرار عمليات الخطف، كما عملية ضد غزة قد تورط (إسرائيل) في مواجهة مفتوحة، بما يفضي إلى تدهور مكانتها الدولية

"

ويذكر أنه وفق تقرير صادر عن "لواء الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية" (الإسرائيلية)، فإن حركة حماس تملك مئات الصواريخ القادرة للوصول إلى شمال (تل أبيب)، مع العلم أن القيادي في حركة حماس محمود الزهار قد صرح مؤخراً أن لدى حركته صواريخ بإمكانها الوصول إلى أية نقطة داخل (إسرائيل).

ويؤيد الجنرال عاموس يادلين، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" ومدير "مركز أبحاث الأمن القومي" (الإسرائيلي) موقف الوزراء "المعتدلين"، حيث يرى أن أي عمل عسكري يجب أن يهدف إلى تحقيق غايتين مهمتين، وهما: المنع والردع.

ويؤكد يادلين أن الإجراءات العقابية العشوائية لا تسهم في تحقيق الردع، ولا تضمن عدم تكرار عمليات الخطف.

على كل الأحوال، يبدو أن أهم عامل يدفع (إسرائيل) للتريث والحذر حقيقة إدراكها أن عملا عسكريا كبيرا ضد غزة سيؤثر سلباً على قبول الدول العظمى مواقف (تل أبيب) من مستقبل البرنامج النووي الإيراني.

وتخشى نخب الحكم في (تل أبيب) أن تسهم تغطية وسائل الإعلام وقنوات التلفزة العالمية ونقلها صور المدنيين الفلسطينيين الذين يسقطون قتلى وجرحى في عمليات (إسرائيل) العسكرية في القطاع، وما قد يعقبه من تفاعلات وحراك سيصب لصالح قبول حجج إيران.

في الوقت ذاته، يخشون في (تل أبيب) أن يسهم التصعيد على غزة في مد حركات المقاطعة العالمية ضد (إسرائيل) بمزيد من الوقود، خاصة أنها قد حققت نجاحات كبيرة في الآونة الأخيرة.

من هنا، فإن الوزراء "المعتدلين" يطالبون بحصر الردود على قتل المستوطنين الثلاثة في الضفة الغربية ومحاولة تحقيق هدف سياسي إستراتيجي يتمثل في الضغط على رئيس السلطة محمود عباس بإسدال الستار على اتفاق المصالحة مع حركة حماس، مع العلم أن الهدف (الإسرائيلي) من إبطال اتفاق المصالحة الفلسطينية هو حرمان عباس من القدرة على التحرك في المحافل الدولية، حيث سيسهل على (إسرائيل) حينها الزعم بأنه لا يمثل الشعب الفلسطيني، بل يمثل جزءاً فقط، مما يفقده الأهلية للتحدث باسم الفلسطينيين في هذه المحافل.

اخبار ذات صلة
مَا زلتِ لِي عِشْقاً
2017-01-16T14:45:10+02:00
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00