الإعلام (الإسرائيلي).. محاولات فاشلة بالمراوغة

نابلس – الرسالة نت

يعتمد الإعلام "الإسرائيلي" أسلوب التعتيم الإعلامي الكبير على حجم خسائره ونتائج العمليات التي تشنها أذرع المقاومة في قطاع غزة، في محاولة منه لضبط الجبهة الداخلية والحفاظ على تماسك جيشه وشعبه.

إلا أن إعلام المقاومة الذي يوثق العديد من العمليات أجبر إعلام الاحتلال على الاعتراف بالعديد من خسائره البشرية والمادية.

هذا ما أكده مراقبون ومتابعون لتغطية الإعلام "الإسرائيلي" خلال العدوان على غزة، مشيرين إلى أن وسائل الإعلام العبرية لم يعد بمقدورها أن تخفي حجم الخسائر أكثر.

المحلل السياسي والخبير بالشأن الإسرائيلي علاء الريماوي، أشار لوجود ثلاثة أركان يعتمد عليها الإعلام "الإسرائيلي" بتغطيته للعدوان على غزة، أولها يكمن برفع الحالة المعنوية للجبهة الداخلية من خلال إظهار الابتسامات على وجوه المحللين والمذيعين، في محاولة لإظهار أن المعركة تميل لصالح الجيش على الأرض، وخاصة عندما نتحدث عن الأيام الأولى للحرب، وفي ظل كثافة إطلاق الصواريخ على أماكن مهمة خاصة بمناطق جنوب ووسط وشمال الكيان.

ويضيف الريماوي في حديث خاص لـ"الرسالة نت": "أن الإعلام الإسرائيلي بقي يحاول إظهار تماسك الجبهة الداخلية من خلال مقابلات مع كثير من المواطنين والقيادات الإسرائيلية، وكانت في تلك المرحلة هي صورة مجتزأة لم تظهر مساحات واسعة خلال التغطية، فالمناطق التي كان يصوّر فيها كان يسلط فيها على الناس دون التسليط على الأماكن".

ووقع إعلام الاحتلال في دائرة أكاذيب ما كان ينشره الناطق العسكري الإسرائيلي الذي ظل يتحدث في المرحلة الثانية من الحرب بعد اليوم الخامس عن عدد مغاير لما كانت تعلن عنه المقاومة لعدد الصواريخ، ثم بعد ذلك يثبت من خلال الإعلان الإسرائيلي عن المجموع الكلي أن هناك تباينا ما بين ما تطلقه المقاومة الفلسطينية وما يجري على الأرض، وهو ما عده الريماوي البعد الثاني الذي مارسه إعلام الاحتلال في تغطيته للعدوان.

أما البعد الثالث وهو الأهم بنظر المحلل:"أن الإعلام الإسرائيلي تحول لأستوديو عسكري ولم يكن إعلاما محايدا، من خلال استضافة كثير من ضباط الجيش السابقين والحديث دائما عن اليد العليا لإسرائيل، بمعنى أن الإعلام تحول لناطق باسم الجيش أكثر من أنه ينقل الحدث".

وأضاف:"طرأ متغير رابع  بعد اليوم العاشر للعدوان وهو أن الإعلام الإسرائيلي تحول لحالة مهزومة فهناك رواية لا يطمئن لها الإسرائيلي، وبناء على ذلك أصبحت مصداقية إعلامهم على المحك".

وبين الريماوي أن إعلام الاحتلال أصبح ينقل ما يسمى بحصاد المقاومة لإطلاق الصواريخ أو لعملياتها وخاصة بعد العملية التي حدثت في منطقة زيكيم والتي تحدث الناطق العسكري الإسرائيلي ومستويات سياسية إسرائيلية بأنه تم تصفية المقاتلين، وتبين بعد ذلك كذبهم وصدقية ما تتحدث به بيانات المقاومة.

وتابع:"الإعلام الإسرائيلي يحاول تعديل الصورة ونقل رؤيتين، بحيث يتحدث الجيش الإسرائيلي وينقل باقتضاب ما تتحدث به المقاومة ويبقيه تحت الفحص".

واتفق أستاذ الإعلام في جامعة النجاح الوطنية فريد أبو ضهير، مع الريماوي بأن الإعلام الإسرائيلي التزم بسياسة الحكومة المتعلقة بعدم نشر المعلومات الخاصة بالخسائر الإسرائيلية، والتعتيم على سقوط الصواريخ في المناطق الإسرائيلية.

إلا أنه أشار لـ"الرسالة نت" إلى أن الإعلام العبري تحدث بصراحة عن فشل الاستخبارات الإسرائيلية في تقدير قوة حماس والمقاومة، والتخبط في السياسة الإسرائيلية، وحتى مجالات التنسيق مع بعض الأنظمة العربية".

وأضاف أبو ضهير أن إعلام الاحتلال يعمل على تقديم المصلحة الإسرائيلية على مبدأ حرية النشر والتعبير، والوقوف صفا واحدا مع كافة القوى السياسية والاجتماعية في ظروف الحرب، مع إبقاء هامش بسيط لتسريب بعض المعلومات، ولكن هذا لا يخل بالمبدأ العام".

مضيفا:"في الوقت نفسه، يسعى الإعلام الإسرائيلي لمساعدة صانع القرار، والمجتمع، على تصويب المسار، من خلال النقد الصريح والبناء والجريء، والعمل على كشف ما يتعلق بالأخطاء والثغرات في السياسة الإسرائيلية.

تحريض على القتل

وبالعودة لحديث الريماوي، فأشار إلى أن الصورة العامة للتغطية في الإعلام الإسرائيلي اتخذت جانبا تحريضيا، وقال:"وسائل الإعلام الإسرائيلي انتقلت من الوسط كالقناة الثانية والعاشرة ويديعوت أحرنوت ومعاريف، لحالة التحريض على المس بالمدنيين الفلسطينيين".

"أحادية الرؤية" هي إحدى ملامح التغطية الإعلامية الإسرائيلية للمعركة، هذا ما أشار إليه الريماوي كبعد آخر للصورة العامة لتغطيته، لافتا إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تعمد للتعبئة السياسية والعسكرية الأحادية دون أن تأخذ الرواية الأخرى من تنوع المشارب من المجتمع الإسرائيلي.

وحول انعكاس تناول الإعلام الإسرائيلي للعدوان، رأى المحاضر أبو ضهير، أن الإعلام الإسرائيلي يسعى لتقوية جبهته الداخلية، مضيفا:"هو لا يقوم بذلك إلا جزئيا، وذلك بسبب التعتيم أولا، وهو الأمر الذي يدركه المواطن الإسرائيلي، والنقد الصريح للفشل الإسرائيلي، وهو ما يضيف مخاوف لدى المواطن".

ولفت إلى أن تركيز الإعلام الإسرائيلي على معلومات دقيقة فيما يتعلق بدقة الضربات، والنجاحات التي يحققها الجيش، فإنه يُدخل شيئا من الطمأنينة في قلوب الإسرائيليين، وإن كان بدرجة محدودة مقارنة بالأخبار والمعلومات والتحليلات السلبية.

من ناحيته، ومن خلال تتبعه للإعلام الإسرائيلي خلال الحروب الثلاثة على غزة، وانتفاضة الأقصى والوضع الحالي بالضفة، أشار علاء الريماوي إلى أنه يمكن قراءة انعكاس ما يطرحه الإعلام الإسرائيلي على المجتمع، من خلال زوايا عدة، أولها أن المواطن الإسرائيلي كان يعتمد بالسابق على وسيلة أنباء واحدة، هي القناة الأولى التي كانت تزود المجتمع الإسرائيلي بكافة المعلومات.

وتابع:"الآن انتقل المجتمع لفضاء أوسع، في صفحاتهم على موقع التواصل الاجتماعي هناك نقل للمعلومة من عدة مصادر، حتى موقع القسام باللغة العبرية أصبح أكثر انتشارا، ويدخل عليه الإسرائيليون يوميا، أيضا النقل عن قناة الأقصى بشكل كبير، وهذا أمر غير مسبوق بإدارة المعركة الإعلامية".

إثارة إعلامية قسامية

وأشار الريماوي إلى أن كتائب القسام صنعت حالة إثارة حقيقية في إدارة المعركة الإعلامية وهذا ما جذب نظر الإعلام والمواطن الإسرائيلي الذي بات يبحث عن صورة مغايرة عما يبثه الإعلام الإسرائيلي في ظل عدم وجود أي إنجاز عسكري للاحتلال.

وتابع بالقول :"المعركة الآن بين الجيش الإسرائيلي وكتائب القسام تدور على صمود الجبهة الداخلية وتماسكها، وقد اعتمدت كتائب القسام الرسائل المباشرة للإسرائيليين من خلال هواتفهم المحمولة، واختراق تردد القناة العاشرة، إضافة لاعتمادها على إظهار الصور وانجازات الكتائب باللغة العبرية".

وأضاف:"هذا عندما ينقله الإعلام الإسرائيلي خلق حالة من الشك والحوار بالمجتمع الإسرائيلي، انتقل لدائرة الفعل الإخباري، لذلك أخرجت قيادة الجبهة الداخلية قرارا بمنع رفع أي صور أو أخبار على شبكة التواصل الاجتماعي لأن ذلك يمس بمعنويات المجتمع الإسرائيلي وأصبح يحاكم من يقوم بذلك".

وحول حديثه عن الرقابة العسكرية على الإعلام، أشار الريماوي إلى أن الجيش الإسرائيلي أصبح لديه ماكنة إعلامية تنقل الخبر للإعلام الإسرائيلي وتطلب من وسائل الإعلام تناول موضوع معين ومناقشته.

موضحا بالقول أن :"هذا يتم رصده وملاحظته لدى متابعة أكثر من 15 وسيلة إعلام إسرائيلية ما بين موقع ووكالة، أربع قنوات تلفزيونية و6 إذاعات يكون بثها موحدا لموضوع واحد، لذلك من الواضح أن العملية الإعلامية الإسرائيلية تدار عبر القوالب الجاهزة من الجيش الإسرائيلي، هذا ما يعبر عنه أيضا شح المعلومات".

وبين الريماوي أنه تم رصد صور يتناقلها الجيش "الإسرائيلي" عن قصفه لقطاع غزة، ولديه ما يقرب 25 صورة عن القصف الصاروخي من المناطق الإسرائيلية لسقوط الصواريخ، في حين أن إسرائيل اعترفت أن أكثر من 1300 صاروخ سقطت في مناطق إسرائيلية، نجحت القبة بإسقاط 25% منها، "وعندما نتحدث عن 25 صورة فقط، هذا يعني أننا أمام حجب كامل للصور وحجم التغطية والرقابة وإدارة المعركة الإعلامية العاجزة داخل الإعلام والمجتمع الإسرائيليين".

البث المباشر