غزة - مها شهوان"الرسالة نت"
فوق سطح منزله الصغير خصص أستاذ اللغة الانجليزية بشير غرفة ليلتقي فيها تلاميذه بعد عصر كل يوم ، ومن ساعة لأخرى تتوافد عليه مجموعات من الطلبة لتلقى الدروس الخصوصية حسب الجدول الذي أعده لهم الأستاذ.
استقبل الأستاذ بشير "الرسالة" فوق سطح منزله قائلا:" ادرس طلاب مرحلة الثانوية في المدرسة ،لكنني اضطر لإعطاء الدروس الخصوصية لتحسين وضعي المادي"،مضيفا انه يعطي الدروس لجميع المراحل ويقسم الطلاب إلى مجموعات حسب المرحلة الدراسية.
وحول سؤال عن المال الذي يتلقاه من الطالب الواحد حاول التهرب من الإجابة لكن بعد إلحاح أجاب :"اخذ من كل مجموعة 200 شيكل بحيث يتقاسمها الطلاب مع بعضهم "،مضيفا أن الطلاب ذو الوضع المادي السيئ يأخذ منه ما يمكن أن يوفره من مال.
وأشار إلى أن الراتب الذي يتلقاه من التعليم بالكاد يستطيع من خلاله سد احتياجات بسيطة ،لافتا إلى أن هناك بعض المدرسين الذين ينظرون إليه بنظرة الحسد كون تخصصهم لا يمكنهم من إعطاء الدروس الخصوصية.
"الرسالة نت" سلطت الضوء للتعرف على مدى احتياج الطالب للدرس الخصوصي لاسيما وان شريحة كبيرة منهم دأبوا على أخذها للحصول على أعلى الدرجات حسب اعتقادهم، بالإضافة إلى التعرف على أهمية البرامج التمكينية التي تعقدها كل من وزارة التربية والتعليم والكتلة الإسلامية للارتقاء بالطلبة بعيدا عن مدرسي الخصوصي .
أولياء الأمور
مدرس اللغة العربية ، رفض ذكر اسمه، يعتبر نفسه متمكنا من المادة التي يلقنها لتلاميذه يقول: "هناك بعض الطلبة أجدهم ليسوا بحاجة إلى الدروس الخصوصية لكن ذويهم يصرون على إعطائهم إياها"، مشيرا إلى انه حينما يتوجه لأولياء الأمور لامتناعه عن إعطاء أبنائهم الدروس لعدم حاجتهم إليها يرفضون ذلك وفي بعض الأحيان يبحثون عن مدرس آخر.
واعتبر مدرس اللغة العربية أن الدروس الخصوصية لمن ليسوا بحاجة لها تعتبر هدرا لوقت الطالب الذي يمكن أن يستغله في مادة أخرى ضعيف بها، مبينا في الوقت ذاته انه يراعي الطلبة في رسوم الدرس الخصوصي لاسيما أبناء حارته وأقاربه والطلبة محدودي الدخل.
أما الحاج الخمسيني أبو احمد فرج ، موظف حكومي، يقول لـ"الرسالة":"لدي خمسة من الأبناء يتلقون الدروس الخصوصية توأمان منهم في الثانوية العامة اخصص لهم من راتبي الشهري مبلغا لتلقي الدروس لاسيما في مادتي الرياضيات واللغة الانجليزية"،موضحا أن ابنه وابنته باتوا يمتنعون عن بعض الدروس الخصوصية ،لاسيما أن البرنامج التمكيني داخل مدارسهم يساعدهم في حل ما يستعصي عليهم من حلول لبعض الأسئلة.
وتمنى الحاج فرج أن يشمل البرنامج التمكيني كافة المراحل الدراسية وذلك لتخفيف المصاريف عن كاهل أولياء الأمور.
الدرس الخصوصي
وأمام مدرسة الزهراء شرق مدينة غزة خرجت الطالبة كريمة إبراهيم من القسم الأدبي قالت مبتسمة:"منذ أن كنت في الصف العاشر أواظب على تلقي الدروس الخصوصية في المواد الضعيفة بها لكنني لم أتحسن كثيرا "،مبينة أنه فور إعلان المدرسة عن البرنامج التمكيني التحقت به واستفادت كثيرا لاسيما في قواعد اللغة العربية.
في حين قالت الطالبة عبير قاسم:"حينما تم الإعلان عن البرنامج لم يلتحق به سوى عدد قليل لكن بعد فترة قصيرة التحق عدد كبير من الطالبات "،موضحة أن المدرسة وزعت البنات إلى مجموعتين لاستيعاب اكبر عدد منهن.
بينما معتز عطية الطالب في المرحلة الثانوية يقول:"منذ الإجازة الصيفية أواظب على اخذ الدروس الخصوصية بناء على طلب والدي "،معتبرا أنه استفاد كثيرا من الدروس الخصوصية في بعض المواد كالرياضيات والانجليزي.
وأضاف:"حينما سمعت عن البرنامج المساند سارعت بالتسجيل في بعض المواد المطروحة ،إلا أنني لازلت اخذ بعض الدروس الخصوصية في المواد التي اشعر بأن المدرس الخاص يفيدني أكثر من مدرس البرنامج المساند ".
البرنامج التمكيني
وكانت كل من وزارة التربية والتعليم والكتلة الإسلامية أقامتا برامج لتقوية الطلاب بدلا من الدروس الخصوصية التي ترهق جيوب أولياء الأمور.
في هذا السياق تحدث وكيل وزارة التربية والتعليم د. زياد ثابت عن المشروع التمكيني الذي أقامته الوزارة لهذا العام انه جاءا امتدادا للبرنامج الذي أقيم العام الماضي وذلك لإيجاد حلول بديلة عن الدروس الخصوصية.
وأشار إلى أن البرنامج بدعم من اليونسكو حيث يشمل 6 آلاف طالب ينتظمون فيه بعد الدوام المدرسي، موضحا أن البرنامج يشمل المواد الأساسية " اللغة العربية والانجليزية والرياضيات".
وقال ثابت :"البرنامج يشمل الطلاب والطالبات موزعين على المراكز التعليمية في كافة أرجاء القطاع "،كاشفا في الوقت ذاته عن برنامج التعليم المساند المدعوم من الكتلة الإسلامية والذي يشمل 4 آلاف طالب يأخذون حصة سادسة في نفس المدرسة لمدة ست أيام أسبوعياً.
وفيما يتعلق بالطلبة الملتحقين بالبرنامج أضاف :"الطلبة الأكثر احتياجا هم المستهدفون من البرنامج ،لكن لا يفرض على أحد منهم الالتزام"،مبينا انه تم اختيار المدرسين من قبل وزارة التربية بناء على كفاءتهم وقدراتهم .
متوسطو التحصيل
من جهة أخرى ذكر متابع ملف التعليم المساند في الكتلة الإسلامية أبو محمود صالح أن الهدف من تنفيذ فكرة برنامج التعليم المساند هو الحد من الدروس الخصوصية خارج المدرسة وذلك للتخفيف عن أولياء الأمور.
وعن بدء تطبيق برنامج التعليم المساند داخل المدارس قال:"في السنوات السابقة كان العمل في إطار المساجد لكن قررنا العام الحالي العمل داخل المدارس من خلال الاتفاق مع وزارة التعليم والملتقى التربوي"،مشيرا إلى انه تم الاتفاق على إيجاد 25 مركزا موزعين على جميع أنحاء القطاع ليستفيد اكبر عدد من الطلاب.
وأوضح صالح أن البرنامج يستهدف طلبة الثانوية العامة الذكور بقسميها العلمي والأدبي ومدته الزمنية ثمانية أسابيع،لافتا إلى أنهم بصدد استيعاب طلبة الصف العاشر والحادي عشر خلال الأعوام القادمة بالإضافة إلى بعض الصفوف الإعدادية.
وبالنسبة للنجاح الذي حققه البرنامج في الفترة الزمنية الماضية أشار إلى مدة المشروع عبارة عن ثمانية أسابيع وتم قطع أكثر من نصف الفترة بنجاح متفاوت ،مبينا أن هناك إقبال كبير من قبل الطلاب الملتحقين بالبرنامج الذي يصل عددهم إلى 2200 طالب.
وعن الفئة المستهدفة قال صالح:"نسبة كبيرة منهم من متوسطي التحصيل الدراسي الذين ابدوا تجاوبا مع البرنامج مما يبشرنا بتخريج عدد منهم بنسب مميزة"،موضحا أن اختيار المعلمين تم من قبل وزارة التربية والتعليم حسب إمكانياتهم وكفاءاتهم المهنية .
وحث صالح أولياء الأمور على التعاون مع الكتلة الإسلامية ووزارة التربية والتعليم لإنجاح البرنامج لينعكس ايجابيا على التحصيل الدراسي لأبنائهم الطلبة.