قائمة الموقع

ليلة القدر.. برسم المقاومة والدم

2014-07-24T20:22:14+03:00
مسجد قصفته بغزة
غزة- أحمد الكومي

من العلامات المميزة لليلة القدر أن تكون صافية، ساكنة، يعتري المسلم فيها طمأنينة القلب. لكن ماذا لو كانت جميع  الليالي العشر الأواخر من رمضان عكس ذلك؟، كليالي غزة مثلا. يعكر صفوها طائرات إسرائيلية توطَّنت سماءها، ويقتحم سكونها على الدوام أصوات قصف وانفجارات، وتكون الفاتحة قُرأت على الطمأنينة منذ بداية العدوان.

للأسباب السابقة، منعت مساجد غزة، الاعتكاف. ولم يعد يحتاج أهل القطاع أن يتحرَّوا ليلة القدر. فقط، كل ما عليهم أن يرددوا دعاء عائشة في بيوتهم، وأن يملؤوا الوعاء بـ "حسبنا الله ونعم الوكيل"، كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم، عند وقوع الظلم.

كان من المفترض أن تكتظ مساجد غزة بالمصلين هذه الليلة، التي تصادف السابع والعشرين من رمضان، على ما جرت عليه العادة. لكن، ستنطفئ أنوارها هذه الليلة، وتغلق أبوابها فور الانتهاء من صلاة التراويح، لأن روادها صاروا من ضحايا العدوان، فالحفاظ على الأرواح فرض، والاعتكاف في المسجد "سنَّة"؛ ولأجل ذلك كان المنع. بقول الداعية الإسلامي الشيخ سعيد عابد لـ"الرسالة نت".

منذ بدء العمليّة العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزّة في الثامن من يوليو/تموز الجاري، دمّر القصف 40 مسجدا، منها 25 بشكل جزئي، و15 بشكل كامل، وفق إحصائيّة صادرة عن وزارة الأشغال العامة والإسكان. هي سياسة تتبعها (إسرائيل) في كل عدوان. عام 2012، دمّرت 27 مسجدا.

دخلت المساجد بنك أهداف الاحتلال بعد تلويح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقصفها والمستشفيات، حين قال في اليوم السادس للعدوان: "يجب أن ندرك أن العدو يختبئ في مساجد، ويقيم مستودعات للأسلحة والذخيرة في أقبية المستشفيات، وتوجد له قيادات قرب رياض للأطفال"!

المقاومة قالت إن قصف المساجد "يؤكد لنا مسار المعركة العقائدية التي نخوضها مع عدو الله وعدونا". واعتبرت استهداف دور العبادة "انحطاطا أخلاقيا" يتنافى مع كل القيم الدينية للشعوب والأمم المتحضرة.

وبدورها، فإن وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، استنكرت قصف المساجد، واعتبرت ذلك "مؤشرا خطيرا وانتهاكا صارخا لحرمة دور العبادة"، ودعت الأمتين العَربية والإسلامية وأحرار العالم بالتَحرك العاجل من أجل نصرة فلسطين وشعبها ومساجدها ومقدساتها.

ذلك لم يثن الفلسطينيين. أحدهم كتب بعدما قصفت طائرة حربية إسرائيلية مسجد حيِّهم: "قصفوا مساجدنا، دمروها، لكننا سنعبد الله فوق الحجارة أكثر مما كنا نعبده داخل المساجد"!

سيربط الصمت مآذن المساجد هذه الليلة، ستكون حزينة لفراق المصلين، لكنها على يقين أن الظرف أكبر منهم. لن يفوّت الفلسطينيون الليلة، فهم أحوج ما يكون لساعات يُستجاب فيها الدعاء. سيخصصونه للمقاومة، التي تذود عنهم. ورغم ذلك، يدهم الفلسطينيون شعور "الصابر المحتسب"، والواثق بنصر الله.

بالدم، رُسمت ليلة هذا العام، وما زال الشهداء يرتقون ويزداد جرحى العدوان الإسرائيلي، فيما تواصل المقاومة الاعتكاف على الثغور وهي في أحسن أحوالها.

 

 

 

10567359_10152510050131760_879191738_n

اخبار ذات صلة