قائمة الموقع

نازحو الشجاعية في حضرة "ابن مريم"

2014-07-25T19:07:17+03:00
العائلات النازحة في الكنسية
الرسالة نت - أحمد طلبة

تحولت خشبات ذلك الصليب المعلق أعلى الجرس حتى تقوّست فصار هلالًا احتوى بين انحنائه آلاف المواطنين الذين فرقت شملهم قذائف (إسرائيل) العشوائية.

في أحشاء غزة القديمة.. انتهى المطاف بعائلات نزحت قسرًا مشيًا على أقدامها، وأطفال محمولين على الأكتاف، وآخرون أخذتهم عجلات كراسيهم المتحركة إلى ساحة الكنيسة.

في كنيسة القديس برفيريوس للروم تطوّرت علاقة المسلم بالمسيح، بعد أن فتحت أبوابها أمام النازحين الذين دمرت آلة الحرب مأواهم ولم يبقِ منها سوى فستان ممزق ولعبة ودمار كثير.

كنيسة القديس تتوسط غزة القديمة التي لا تبعد سوى كيلو أمتار عن ساحة الموت في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، والذي لم ينم ساكنوه في الليلة الرابعة عشر من العدوان على غزة.

هنا في زاوية الكنيسة جلست آمنة البغدادي وأفراد عائلتها المكونة من سبعة أفراد كلهم أطفال، تستعير قسطًا من الأمان بعد ليلة غاصّة بالخوف.

آمنة وأولادها لجأوا قسرًا بعد أن ساقتها قدماها الحافيتان إلى كنيسة القديس برفيريوس كونها الأقرب والأكثر أمنًا لكن الحامي هو الله كما تقول.

رحلة نزوحها بدأت بعد أن باغتتها قذائف المدفعية (الإسرائيلية) المتمركزة على حدود غزة الشرقية المحاذية لحي الشجاعية، فأخذت شهادات ميلاد أبنائها وما ملكت يمينها ورحلت.

وارتكبت (إسرائيل) مجزرة بشعة بحق الفلسطينيين بحي الشجاعية، ارتقى على إثرها نحو 75 شهيدًا وأصيب المئات، ولا تزال عائلات بأكملها تحت الأنقاض، يصعب إجلاؤها.

وتقول آمنة لـ "الرسالة نت" إنها لجأت إلى بيت أحد أقاربها ثم غادرت إلى مدرسة تابعة للأونروا، وانتهى بها النزوح إلى الكنيسة، وتضيف: "الكنيسة هي المكان الثالث الذي لجأت إليه".

وكانت الأونروا قد استقبلت أكثر من 90 ألف شخص في نحو 70 مدرسة (مركز إيواء) موزعين على محافظات غزة الخمس، لكن الوكالة تقول إنها تعاني ضعف الإمكانات.

وتتابع البغدادي: "تنقلنا لأكثر من مكان، كل مكان نذهب إليه يقصف. لا أمان في غزة. الكنيسة آمنة لنا وأطفالنا".

وأشارت آمنة إلى أن الكنيسة والعاملين فيها وفّروا الخدمات اللازمة والحاجات لعشرات العائلات التي نزحت إليها، ولم يبخلوا عليهم بشيء.

زوجها يقول: الكنيسة أفضل مكان شعرنا فيه بالأمان بعدما أصيب أطفالنا الخوف الذي انهال علينا جراء قصف المدفعية بصورة عشوائية".

وتابع: "الكنيسة وفّرت الخدمات التي تحتاجها الأسر إضافة إلى الراحة بعد التشتت والتشرد في أكثر من مكان".

ويؤكد أن رجال الدين المسيحيين والقائمين على الكنيسة يعدّون وجبات الإفطار والسحور لكل الذين لجأوا، فالحرب تأتي هذه المرة بشهر رمضان الكريم.

وعائلة فواز النقلة أيضًا نزحت للكنيسة بعد أن نجت من بطش المدفعية. يصف ربَّها الطريق قائلة: "طلعنا والدنيا عتمة، ما سمعنا إلا صوت طيران وانفجارات، وما كنا شايفين إلا دمار".

ويقول وقد بدا خائفًا: "الكنيسة ليست آمنة من القصف، وأي مكان في غزة معرّض لاستهداف. خايف يستهدفوها. اليهود برحموش".

بالفعل.. ما كان يقلق عائلة فواز وغيرها قد حدث. أغارت الطائرات (الإسرائيلية) على الكنيسة، فشردت عشرات العائلات، وأصبح لا مفر من الهروب مجددًا.

القصف أخذ بهم هذه المرة إلى مستشفى الشفاء وسط مدينة غزة، وربما هي الأكثر أمنًا لاسيما مع استمرار القصف الذي خلّف أكثر من 750 شهيدًا فلسطينيًا.

مطران الكنيسة الأرثوذوكسية اليكسيوس يشرف على عملية تقديم المساعدات الإغاثية للأسر النازحة من ملابس وطعام، ويراقب عمليات إيوائهم داخل الكنيسة ويتابع ما ينقصهم.

وقال المطران: "الكنيسة فتحت أبوابها أمام النازحين، ولم تنظر إلى انتمائهم الديني. ونحن نريد مساعدتهم بكل ما بوسعنا لنخفف عنهم ما لحق بهم من تدمير للبيوت".

وأشار إلى أن سكان الشجاعية لجأوا إلى هنا بحثًا عن الأمن والسلام، بعدما تقطعت بهم السبل وشحت الإمكانات، مؤكدًا أن المسيحيين مصرون على مساندة إخوانهم المسلمين في محنتهم.

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00