قائد الطوفان قائد الطوفان

جرحى ومرضى غزة بنابلس: نحن بين أهلنا

نابلس- الرسالة نت

في شق الوطن الآخر، ترتسم لوحة الحب الوحدة بين القطاع والضفة، ليس فقط هناك حيث نقاط التماس وتقديم الأرواح قربانا للحرية المنشودة ونصرة لأهالي القطاع، ففي أروقة المستشفيات بالضفة، ستجد وجها آخر لذلك الحب.

ومع اشتداد أيام العدوان، وتواصلها، استقبلت عدد من مستشفيات الضفة والقدس جرحى من قطاع غزة، كخطوة تضامنية أعلنت عنها المستشفيات في بداية العدوان دعما لأهل القطاع وتعبيرا على التضامن معهم بكافة الوسائل.

في مستشفى النجاح الوطني الجامعي في مدينة نابلس، وصلت الجريحة المسنة فاطمة العويدات من قطاع غزة، بعد أن أصيبت بكسر في الترقوة والقفص الصدري والحوض، جراء انهيار منزلها عليها بعد قصفه من طائرات الاحتلال.

وجود الحاجة فاطمة في نابلس، كان بمثابة طوق تمسك به أهل المدينة ليعبروا من خلاله عن تضامنهم ووقوفهم مع أهلهم في غزة، حيث أضحت غرفتها في المستشفى لا تخلوا من الزائرين والمتضامنين من مواطنين ومسئولين ومؤسسات.

عبلة، ابنه الحاجة فاطمة، والتي ترافقها في رحلة العلاج، تحدثت لـ"الرسالة نت" عما حلّ بهم في الرابع عشر من الشهر الجاري، حين قصف منزلهم في منطقة المغازي في غزة.

وقالت عبلة:"أطلقت طائرات الاحتلال صاروخا تحذيريا على منزلنا وقت الفجر، وفيما كنا نهم بالخروج وإخلاء المنزل حتى لحق الصاروخ الثاني بالبيت وهدم فوق رؤوسنا".

تصمت عبلة أمام عبراتها، وكأنها ترى أمامها تلك اللحظات، وتضيف:"أصيبت أمي وأصبت أنا وابني ياسر (14 عاما) وشقيقاي برضوض، واستشهدت اختي لحظتها".

تتابع:"أمي لا تعلم عن استشهاد أختي، قلنا لها أنها في غيبوبة، ولا تتمكن من الحديث معك، نحن نخشى عليها من هذا الخبر، فنسبة السكر مرتفعة بشكل كبير لديها".

وعن وجودها في نابلس تقول عبلة:"أهل نابلس لم يشعرونا أننا غادرنا غزة، الكل حولنا هنا ومعنا طيلة الوقت، لكن لا بد من القلق والخوف على مصير عائلتي هناك، خاصة بعد هدم المنزل ونزوحنا من المنطقة".

بصوت مرتجف وكلمات اختلطت بالدموع، رفعت الحاجة فاطمة يديها للسماء وقالت:"ربنا ينتقم من إسرائيل وكل من يشد على يدها (...) بيتنا دمر وأولادي تصاوبوا وبنتي بالمستشفى".

دموع وهواجس الخوف والقلق المتزايد على أهلها هناك هما رفيقا عبلة وأمها خلال رحلة العلاج في الضفة، فهي دائمة الاتصال بابنها وشقيقها، للاطمئنان عليهم، خاصة وأن أخبار القصف لا تتوقف أبدا.

تلك هي حال مرضى قطاع غزة، والذين يتواجد 25 منهم في مستشفيات مدينة نابلس منذ ما قبل بدء العدوان.

أبو جهاد شعبان يرافق ابنة شقيقه المصابة بالسرطان، يقف على باب غرفتها، يتبادل أطراف الحديث مع المرافقين الآخرين الذين جاؤوا من غزة، كل منهم يروي ما يعرفه عن أهله وما حل بهم خلال الحرب.

يقول أبو جهاد لـ"الرسالة نت":"نتصل على الأهل هناك باستمرار، عائلتي تسكن في بيت لاهيا، قصفت بعض المناطق القريبة، لكن الكل بخير".

ويضيف:"لا أحد من مرضى غزة ومرافقيهم يشعر بغربة أو بعد عن الأهل، فأهل نابلس أهلنا ولا فرق بين الضفة وغزة".

وأنهى أربعة مرضى علاجهم في المستشفى، إلا أن قوات الاحتلال منعتهم من دخول غزة، فعادوا لنابلس وقد تم تأمين السكن لهم في أحد الفنادق، بمتابعة من إدارة المستشفى والجهات الرسمية وأهل الخير.

أما الشاب محمد بركة (19 عاما)، والمصاب بالسرطان، فيرقد في المستشفى الجامعي في نابلس منذ شهر، برفقة والده.

دخلت "الرسالة نت" على غرفة محمد، فكان هو ذات المشهد في باقي غرف مرضى غزة، عيون لا تفارق شاشة التلفاز، ومكالمات هاتفية واتصال دائم بأهلهم في غزة للاطمئنان عليهم.

يقول محمد لـ"الرسالة نت":"هدم منزلنا في خانيونس، ورحلت عائلتي من هناك، لكن وعلى الرغم من ذلك هم يتصلون بها دائما ومعنوياتهم عالية جدا".

يقاطعه والده حماد ويقول:"البيت وأرواحنا فداء للمقاومة، البيت يعوض، وما يهمنا أن تبقى المقاومة صامدة ومستمرة".

وخلال تواجد الرسالة في غرف مرضى غزة، كانت الوفود الشبابية والرسمية لا تنقطع، حيث تجوب غرف المستشفى لزيارتهم والاطمئنان عليهم، والتعبير عن وقوف أهل الضفة جنبا لجنب مع قطاع غزة.

مدير العلاقات العامة في المستشفى الجامعي، حسن قمحية، أشار إلى أن إدارة المستشفى أعلنت عن استعدادها لاستقبال الجرحى من قطاع غزة منذ بدء العدوان، إلا أن الاحتلال يمنع معظم الحالات من الوصول.

وأضاف في حديثه لـ"الرسالة نت":"هذا أقل ما يمكن أن نقدمه لأهلنا في غزة، ونأمل أن يتم السماح لمزيد من الحالات بالوصول لنابلس ومستشفيات الضفة الغربية، خاصة وأن مستشفيات القطاع تعاني نقصا حادا بالمستلزمات الطبية".

وأشار قمحية إلى أن العشرات من المواطنين يتوافدون يوميا لزيارة الجريحة فاطمة وباقي المرضى، في حين تم فتح حساب خاص للتبرعات المالية لجرحى القطاع والتي وصلت للمستشفى بشكل كبير.

وتنتظر إدارة مستشفى النجاح موافقة الجانب الإسرائيلي لدخول حالات أخرى من جرحى العدوان على غزة، حسب قمحية.

البث المباشر