قائمة الموقع

حرب غزة خلقت فرصة لفرض حل نهائي

2014-08-13T07:36:09+03:00
صواريخ المقاومة (الأرشيف)
غزة-شيماء مرزوق

ارتدادات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة سياسياً وعسكرياً ودبلوماسياً تخطت حدود القطاع، وشغلت الرأي العام الدولي، الذي بات يدرك ان هذا القطاع لا يمكن ان تستمر الحال فيه على ما هو عليه، بعد ثماني سنوات من الحصار، الذي زاده قوة وتأثير بعكس ما كان متوقعا.

العدوان الاخير على غزة، الذي قال الاحتلال صراحة انه تم بالتوافق مع أطراف إقليمية، لم يحقق الهدف المرجو منه بالقضاء على المقاومة، بل على العكس زاد من قوتها وأصبح الجميع يدرك انها عصية على الكسر، وورقة لا يمكن تجاوزها.

ليس هذا فحسب، بل شكل الانتصار الكبير الذي حققته على ارض غزة فرصة تاريخية لفرض حل سياسي شامل للقضية الفلسطينية، خاصة بعد ان توحدت كل المواقف الفصائلية والشعبية الفلسطينية خلف مطالب المقاومة، الى جانب وجود رغبة دولية حقيقية بإنهاء هذا الصراع، الذي يهدد بتفجير المنطقة بالكامل. ولذلك سارعت كل الاطراف الدولية والاقليمية الى التدخل للوصول الى اتفاق لوقف إطلاق النار، بعد ان ايقنت ان الاحتلال مهزوم ومتورط في غزة.

مقبول دولياً

التعتيم الكبير على مباحثات القاهرة الجارية بين الاحتلال والوفد الفلسطيني بوساطة مصرية، لم تخف وجود خطوط دولية عديدة ترغب في التأثير على مسار الاحداث والمفاوضات هناك، التي يرى بعضهم انها فرصة قد لا تتكرر لإنهاء الصراع، والوصول إلى تسوية شاملة. وقد جرى تسريب بعض المعلومات عن وجود صفقة كبيرة يجري بحثها، لذلك تمارس ضغوط هائلة على الفلسطينيين.

المحلل السياسي تيسير محيسن رأى أن الوصول الى حل نهائي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني مطروح الان على طاولة المباحثات في القاهرة، خاصة ان الادارة الامريكية تحدثت بهذا الاتجاه، والطرف المصري لديه ارضية للقبول بهذا التوجه الدولي الذي تقوده اميركا.

وبين انه لا يوجد اي مؤشر على ان الاحتلال الإسرائيلي يمكن ان يقدم ما يحقق هذا الانجاز على مستوى القضية الفلسطينية، خاصة فيما يتعلق بمشروع التسوية الذي تقوده السلطة، موضحاً أن (إسرائيل) لم تبد اي تجاوب او موافقة على بنود كانت اساسا في تعطيل التسوية ووقف المفاوضات بين السلطة و(إسرائيل).

وقال محيسن: "الذي جرى في العدوان الاخير ان سقف القضية الفلسطينية ارتفع كثيرا، والسلطة بالتوافق مع فصائل المقاومة لديها فرصة مهمة للتمسك بالإنجاز الكبير الذي جرى على مستوى المقاومة؛ من أجل تحقيق انجازات سياسية".

وتساءل: "ما هو شكل الانجازات السياسية التي يريدها الفلسطينيون، هل الامر سيركز فقط على متطلبات اغلاق ملف العلاقة مع إسرائيل في إطار مشروع التسوية؟ وهل سيكون متوافقا عليه بين السلطة والمقاومة أم لا؟".

وأكد أن الامر يحتاج إلى بحث داخلي فلسطيني؛ لتحديد كيف يمكن توظيف الانجاز الكبير للمقاومة، مشدداً على ضرورة رفع السقف الفلسطيني ليدمج قضايا لها علاقة بالمشروع الوطني الفلسطيني، وليس فقط قضايا حياتيه متعلقة بغزة وحدها.

من ناحيته، فإن المحلل السياسي سامر عنبتاوي أكد أن الامر متعلق بالأداء الفلسطيني وفيما لو استثمر الوضع بشكل جيد، وإذا كان اداء الوفد المفاوض موحد، وعلى اجندة واضحة، وفي حدود معينة لا يمكن التنازل عنها سيكون في إطار حل شامل.

وقال: "أما اذا تركت التدخلات الاقليمية والدولية تؤثر على الموقف الفلسطيني، ولم يجر استثمار اللحظة الراهنة بشكل جيد، فستضيع تضحيات غزة"، معتبرا أن ما هو صادر عن الوفد حتى الان جيد، وأن المطلوب وحدة لكل القوى حتى تؤتي هذه المفاوضات ثمارها، وتؤدي إلى حل شامل.

وأضاف: "هناك ابعاد دولية شعبية تؤثر على الموقف الإسرائيلي، بمعنى ان اتهامه بارتكاب جرائم حرب تجعل هذه المسألة مرهقة لحكومة الاحتلال، بينما الضغوط الرسمية دولياً لم تصل إلى الحد المطلوب".

موافقة مبدئية

تكرار الحديث عن التوافق على بعض البنود وتأجيل عدد من القضايا للتفاوض عليها فيما بعد، فتح الباب امام التكهنات بان الامور المؤجلة قد تشكل قضايا الحل النهائي.

في هذا السياق اعتبر المحلل السياسي محيسن أن تأجيل البت في قضايا مصيرية سيكون خطأ كبيرا؛ لان الظرف الان متاح، والمفاوضات جارية، مدعومة بعوامل قوة على الارض وانجازات كبيرة للمقاومة، ويجب ان تترجم على المستوى السياسي بمستوى لا يقل عما هو عليه في الميدان.

وحول الحديث عن الحاجة إلى وقت كافٍ لمناقشة هذه القضايا، في حين ان الاتفاق في القاهرة محكوم بساعات التهدئة التي لم يبق امامها الا اليوم فقط، أكد محيسن أن القضية بحاجة إلى موافقة مبدئية من الاحتلال، ويجري بحث باقي التفاصيل لاحقا.

واشار الى ضرورة وجود ضمانات دولية ووساطات من دولٍ ذات وزن سياسي تستطيع إلزام الاحتلال الإسرائيلي بمناقشة قضايا الحل النهائي.

وفيما يتعلق بالموقف الاميركي وقدرته على تحقيق اختراق في قضايا الصراع، قال محيسن "لا اعتقد ان الادارة الامريكية بشكلها الحالي قادرة على إلزام إسرائيل او الضغط عليها؛ للقبول ببعض الملفات والقضايا التي ترى اسرائيل انها غير جاهزة لدفع استحقاقاتها".

بدوره، فإن المحلل السياسي عنبتاوي رأى أن (إسرائيل) في المرحلة الحالية بين خيارين صعبين، الاول فشل المفاوضات، "وعلى الاحتلال بعدها ان يقوم باجتياح برى، أو استمرار الهجمات الجوية، وفي الحالتين سيكون هناك خسائر بشرية كبيرة، وتصاعد للموقف الدولي المعارض للجرائم الإسرائيلية".

وذكر أن الخيار الثاني يتمثل في القبول بالمطالب الفلسطينية، "بمعنى العودة للمجتمع الإسرائيلي بهزيمة واضحة من خلال الرضوخ لمطالب المقاومة، خاصة بعد ان فشل الاحتلال في تحقيق كل الاهداف التي أعلن عنها قبل واثناء الحرب، وهذا امر صعب لأنه سيشكل انهيارا سياسيا لحكومة نتانياهو".

وشدد عنبتاوي على ضرورة أن يُصرَّ الجانب الفلسطيني على مواقفه؛ لأن الاحتلال –من وجهة نظره-ليس في موقع فرض الشروط كما كان سابقاً، الى جانب أهمية إنشاء تحالفات داخلية فلسطينية واقليمية ودولية لمواجهة الاحتلال.

اخبار ذات صلة