"رغم الخسائر والدمار إلا أننا سنكمل العمل وننهض بالاقتصاد" بهذه الكلمات بدأ التاجر تامر الوادية صاحب شركة الوادية للألبان والأجبان، والذي تدمر مصنعه خلال الحرب الجارية على غزة منذ 36 يومًا.
وقال الوادية لـ"الرسالة نت": "حجم الخسائر كبير جدًا، فمصنعي الذي يقع بالشجاعية أُبيد عن بكرة أبيه، في ظل المجزرة التي ارتكبت بحق أهلنا".
وذكر الوادية أنه لم يتمكنوا من حصر الأضرار -حتى نشر التقرير- بسبب عدم انتهاء الحرب على غزة، مشيرًا إلى أن الخسائر التي لحقت بمصنعه الكبير تقدر بملايين الدولارات.
وأوضح أنها ليست المرة الأولى التي يُدمّر فيها الاحتلال مصنعه، مشدّدًا على أنه سيعيد بنائه وسيستمر في تصنيع المنتج المحلي للنهوض بالاقتصاد الوطني.
وبلغ عدد المصانع العاملة في قطاع غزة قبل بدء العدوان نحو 2695 منشأة موزعة على مختلف القطاعات الانتاجية، وتعمل هذه المصانع بمتوسط طاقة انتاجية تبلغ 50% من طاقتها الانتاجية الكلية نتيجة للحصار، وتُشغّل قرابة 31 ألف عامل.
خسائر بالملايين
وبدوره قدّر الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية حصيلة الأضرار التي تعرض لها القطاع الصناعي في غزة نتيجة العدوان (الاسرائيلي) المستمر منذ 36 يومًا، بـ50 مليون دولار.
وبحسب الإحصائية التي أصدرها الاتحاد فإن عدد المصانع التي دُمرت كليًا وجزئيًا فاقت الـ 150 مصنعًا، الأمر الذي أدى لتسريح آلاف العمال.
وقال علي الحايك، نائب رئيس الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية، إن آلة الحرب (الاسرائيلية) تعمدت تدمير البنية التحتية للاقتصاد الوطني الفلسطيني من خلال استهدافها بشكل مباشر للمصانع التي لم تشكل خطرًا أمنيًا على الاحتلال.
وأكد الحايك أن محاولات الاحتلال المستمرة لتدمير الاقتصاد في غزة يهدف لإبقاء الاقتصاد الفلسطيني تبعي لنظيره (الاسرائيلي).
وأوضح أن القطاع الصناعي في غزة عانى سابقا من تدهور كبير بسبب الضربات المتلاحقة حيث شهد حربين سابقتين تسببتا في تدمير واسع النطاق للبنية التحتية لكثير من المنشآت الصناعية.
وأشار الحايك إلى أنه خلال الحروب الثلاثة التي تعرض لها القطاع يتعمّد الاحتلال باستهداف المصانع ذات القطاعات الصناعات الانشائية في غزة، ما يظهر محاولة الاحتلال منع وتعطيل أي عملية تنموية اقتصادية.
ودعا نائب رئيس الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية التجار الفلسطينيين لمقاطعة البضائع (الاسرائيلية)، وتعزيز شراء المنتج الوطني.
وطالب الحايك، المؤسسات الدولية للإسراع في العمل على اعادة اعمار القطاع الصناعي لما له من أهمية رافعة للاقتصاد الفلسطيني، وقدرة عالية على تشغيل الأيدي العاملة في ظل ما يعانيه قطاع غزة من أزمة بطالة كبيرة.
تدمير الاقتصاد
الدكتور مفيد الحساينة وزير الأشغال العامة والإسكان في حكومة التوافق، من جانبه قدّر الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الفلسطيني نتيجة الحرب الجارية على غزة بأكثر من 4 مليار دولار أمريكي، شاملة الخسائر الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة.
وذكر الحساينة أن تلك الخسائر جرى رصدها بعد مرور أكثر من شهر على الحرب، مشيرا إلى أن الناتج المحلي لقطاع غزة توقف بالكامل خلال تلك الفترة.
ووفق أرقام صادرة عن وزارة العمل الأسبوع الماضي، بلغت نسبة البطالة في غزة خلال شهر يوليو/تموز الماضي 55% ، وهي أعلى نسبة يسجلها قطاع غزة على الإطلاق.
ويرى اقتصاديون أن (إسرائيل) تعمدت تدمير كل حجر ومصنع ومنشأة في غزة بهدف تعويض اقتصادها المدمر بفعل صواريخ المقاومة، كون أن المواد الخام ومواد إعادة الاعمار التي يدفعها الممولون الدوليون تأتي عن طريقها، ومن مصانعها.
ويرى الحسن بكر المتخصص في الشأن الاقتصادي أن استهداف الاحتلال للبنية التحتية للاقتصاد الفلسطيني يأتي كوسيلة ضغط على الفلسطينيين لتركيعهم واستمرار تبعية الاقتصاد الفلسطيني لنظيره (الاسرائيلي).
وقال بكر في حديث لـ"الرسالة نت": "استهدف الاحتلال خلال الحرب الجارية منشآت اقتصادية مهمة تتبع للقطاع الخاص ولم تشكل أي خطر أمني على الاحتلال"، مشيرًا إلى أن القصف تركّز على مصانع حيوية رئيسية تشغّل عددا كبيرا من العاملين.
وشدّد على ضرورة توفير ضمانات دولية بعدم اعادة استهداف الاحتلال للمصانع بعد اعمارها، لافتًا إلى أن الاحتلال استخدم الحصار الاقتصادي كأحد أدوات الحرب الاقتصادية، وعزّزها الآن بضرب المصانع وتدميرها.