قائمة الموقع

الحلقة (5): جراح الإقليم تكشف ظهر المقاومة بغزة

2014-08-23T08:08:29+03:00
(صورة أرشيفية)
الرسالة نت-خاص

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في آخر مؤتمر له إن ثلاث دول تقف مع المقاومة، هي: قطر وإيران وتركيا، وأن بقية العالم العربي "يطرب" لضرب غزة، أو كما قال بالعبارة الصريحة: "لا يألفون المقاومة الفلسطينية".

يضعنا تصريح نتنياهو أمام سؤال كبير من الأهمية بمكان طرحه مع احتدام المعركة في قطاع غزة، وهو: ما الذي فعله المحيط العربي والإسلامي؟، خصوصا إذا ما علمنا أن إسرائيل تخشى تدخل بعض الجهات المحيطة بغزة في الحرب.

كنّا في الماضي نقول إن الجبهة اللبنانية مساندة للمقاومة الفلسطينية، وتتعاطف معها، لكن تبدو الأمور الآن مختلفة، وتحتاج إلى تعرية وحديث في العمق.

عندما بدأت المعركة في غزة وأخذت دائرة النار تتسع، كانت الأعين تنظر إلى المنطقة الشمالية، على أمل أن يحدث هناك تحرك من المقاومة اللبنانية يوازي حجم الهجمة الإسرائيلية ضد القطاع، وعندما نذكر المقاومة اللبنانية فنحن نقصد حزب الله بالاسم، الذي اتضح أنه يفضّل الجبهة السورية على النظر جنوبا.

هذه الجبهة (الشمالية) تخشاها إسرائيل كثيرا، فأي متغير قد يطرأ عليها يمكن أن يؤثر على الهجمة ضد غزة، وتضيف لها كثيرا في هذه المرحلة، لكن إسرائيل إلى الآن ترتاح لسلوك المقاومة اللبنانية حتى اللحظة.

وبالانتقال إلى سوريا، تبدو الفصائل المقاتلة هناك –التي يُنظر إليها على أنها قريبة من فلسطين، وتهتم بالشأن العام الإسلامي-لم تر حجم الخسائر، وحرب الإبادة في غزة. وعلى الرغم من خشية إسرائيل من انفجار هذه الجبهة، إلا أنها مطمئنة إلى أن وضعها مشابه تماما لوضع للجبهة اللبنانية.

تحرك هذه الجبهات مدعوم بموقف سياسي واضح بأن "المقاومة في غزة لن تترك مكشوفة الظهر"، من شأنه أن يجبر إسرائيل على أن تعيد حساباتها جيدا، وأن يحدث تغييرات كبيرة على مسار المعركة في القطاع.

الجبهة الثالثة، هي مصر، التي كان لها موقف مشرف في العدوان الإسرائيلي السابق عام 2012، أيام حكم الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، الذي ساند غزة بقوة في تلك الحرب، وأوفد رئيس وزراءه الدكتور هشام قنديل إلى غزة في ظل القصف وتبادل النيران.

في تلك الحرب، كان مرسي قد هدد إسرائيل بقطع العلاقات المتعلقة بعملية السلام، إذا لم توقف العدوان على غزة، فكان ما أراد، حيث أوقفت إسرائيل إطلاق النار، وانصاعت لشروط المقاومة.

لكن الدبلوماسية المصرية في عهد نظام السيسي الذي انقلب على الرئيس مرسى، واضح أنها قريبة من أهواء إسرائيل، وقريبة من "الرهط العبري" أكثر من "الوجع الفلسطيني"، ويظهر أنها عاجزة "ومتهمة".

متهمة لأنها صدّقت الرواية الإسرائيلية، حين دفع الاحتلال عن نفسه تهمة خرق التهدئة الأولى التي فرضتها القاهرة، بعد مقتل جنود إسرائيليين في غزة، وألصقها بالمقاومة، رغم أن الأخيرة أصدرت بيانا شرحت فيه أن العملية نفذت في غير وقت التهدئة.

وبعدها، أعطت المقاومة الفلسطينية 5 أيام للتهدئة، وسبقتها فترتين، كانت إسرائيل ترصد أرض المعركة، وتحاول أن تفهم ما يجري من تعقيدات بسبب غياب الأهداف الكبيرة، وفشل الاستخبارات الاسرائيلية طيلة 40 يوما من المعركة، لكن بعد أن اقتربت الأمور من دائرة الحل والتوقيع على صيغة ما، خرجت إسرائيل تدعي أن 3 صواريخ أُطلقت من غزة على بئر السبع، فصدقت مصر ولم تتخذ موقفا عندما أعلن الوفد الاسرائيلي عودته احتجاجًا على الصواريخ.

وتبين بعد ذلك، أن وراء هذا غدرا لاغتيال القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، ورغم فشل المحاولة لم تخرج الرئاسة المصرية أو أي أحد من النظام المصري ليدين محاولة الاغتيال، والمجزرة الانسانية التي وقعت بحق المدنيين. وهذا يدفعنا للقول: "أي وسيط هذا؟ تُنتهك هدنته التي يشرف عليها، ثم تستخف إسرائيل بوجوده ومبادراته، وتستخف بأدائه، وتضعه في دائرة الاتهام، ثم لا يرد ولا يتحدث ولا يجيب، وهذا شيء غير مألوف".

أما بشأن الأردن، فالنظام هناك له القدرة على تحريك اتجاهات القرار، لاعتبارات مهمة تتعلق بطبيعة اتفاق السلام الموقع مع إسرائيل.

الأردن مسؤولة عن إضعاف الضفة الغربية المحتلة والقدس، وترك ملف الأقصى للتقسيم الزماني، من خلال استفراد إسرائيل في الضفة، تنهش وتعيد الاعتبار للاستيطان غير المسبوق.

بإمكان الأردن التأثير على المزاج الإسرائيلي وأن تضغط عبر ثلاث وسائل: أولها أن يكون لها كلمة واضحة بشأن علاقاتها مع إسرائيل فيما يتعلق باتفاق السلام، والثاني، أن تتحرك دبلوماسيتها بشكل واضح فيما يتعلق بملف الأقصى، والثالث، الحراك الشعبي، الذي لم يصل رغم كثرته إلى الذروة، فالجموع الأردنية المتعاطفة بإمكانها أن تضغط على المستوى السياسي لنجدة غزة.

الجبهة الخامسة في الإقليم، هي السلطة الفلسطينية ممثلة بحركة فتح وميدانها الضفة الغربية، التي تبدو صامتة رغم وجود 36 حالة اشتباك فيها، ولم تغدو بعد "حالة مؤثرة".

إن حركة فتح الأكثر تنظيما في الضفة بسبب حيوية وجودها هناك، على خلاف بقية الفصائل التي تعيش تحت الضرب والملاحقة، ويبدو أن فتح لم تتخذ قرارا بنصرة غزة، فهي لم تشترك في المسيرات المناصرة للمقاومة في القطاع، ولم تبادر لقيادة الشارع الفلسطيني باتجاه نقاط الاحتكاك مع الاحتلال الإسرائيلي.

إلى الآن، الدبلوماسية الفلسطينية عاجزة، ولم تتحرك بالشكل الجدّي، وهي التي كانت حتى اليوم الخامس عشر للعدوان، تدير حالة اتهام للمقاومة في غزة.

يتضح لنا إذن، أن جراح الإقليم كشفت ظهر المقاومة في غزة، التي تقاتل وتنجز في الميدان لوحدها، ورغم ذلك، فإنه كلما استمرت المقاومة على الأرض كلما تعرّت جبهات وأوساط عربية متآمرة.

للإستماع للحلقة إضغط هنا

اخبار ذات صلة