قائد الطوفان قائد الطوفان

غزة.. عندما يتحول الثلج إلى "رُكام"

أرشيف
أرشيف

الرسالة نت - محمد الشيخ

غزة كانت وما زالت البقعة الأولى عالميا التي تحرف بوصلة أي حدث يدور حول العالم تجاه قضيتها العادلة.

ولعل آخر ما أثرّت عليه غزة وحرَفته "لا إراديا" نحوها، هو "تحدي الثلج" الذي انتشر في مختلف دول العالم خلال الأسبوع الماضي، فتحول "الثلج" إلى "رمل وركام ودماء".

"تحدي الثلج" نشاط عالمي أطلقه متضامنون مع مرض "التصلب العصبي، وفقدان الإحساس الخارجي (ASL)، يقوم على صب المتضامن الماء البارد المثلج على رأسه، ثم يطالب شخصية ما بالتحدي أو دفع 100 دولار لصندوق رعاية المرضى.

وبعد أن لقي "دلو الثلج" شهرة عالمية واسعة، ذاب الثلج وتحول إلى دماء تحت الركام ورماد فوق الأنقاض نتيجة القصف الإسرائيلي المستمر على سكان قطاع غزة.

ما يحدث في غزة دفع أصحاب الضمائر الحية للوقوف بجانبها ولو بأقل القليل، وليس ببعيد عن غزة نبدأ من "قلب الحدث"، حينما خرج أناس من بين الركام للتضامن مع ذويهم وأصدقائهم ومن أصابه الألم مثلهم.

التركي محمد كايا مدير مؤسسة هيئة الإغاثة التركية في غزة كان من أبرز الشخصيات التي خاضت تحدي "دلو الرمل" تضامناً مع غزة، فوقف وبجانبه أطفال غزة أمام ركام مسجد السوسي مخاطبا العالم الإسلامي والعربي.

وقال كايا خلال مقطع فيديو تحدى فيه أصحاب الضمائر الحية حول العالم: "هنا غزة.. فلسطين.. قلب فلسطين، التي قتلت إسرائيل أطفالها ونساءها بسقوط أطنان من القنابل على رؤوسهم".

ويضيف خلال الفيديو الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماع: "من هنا.. إلى العالم الإسلامي وقادته وعلماء الأمة، هناك رسالة هامة لكم لإفشال لعبة الثلج والماء البارد الخاصة بالصهاينة والعلمانيين بديل عن اللعبة التي أوجدوها".

ويشير كايا إلى الأطفال الذين يجاورونه قائلا: "هؤلاء الأطفال تسقط على رؤوسهم القنابل منذ شهر ونصف، ويبقون تحت الحجارة والأنقاض.. نريد من زعماء العالم الاسلامي وعلمائهم أن يقوموا ويأخذوا دلوا من الرمال ويفرغونه على رؤوسهم على الأقل ليشعروا بما يشعر بهذه هؤلاء المظلومين".

وأثناء ذلك، أمسك كايا بدلو مليء ببقايا من ركام المسجد، وأفرغه على نفسه من رأسه إلى أخمص قدميه، ثم أكمل: "إذا لمن نقف بجانب هؤلاء المسلمين بكل إمكانياتنا فالله عز وجل سيحاسب الزعماء والأئمة والعلماء".

واستغل ناشطون ومتضامنون مع قطاع غزة، الانتشار الواسع لـ"تحدي الثلج" عبر مواقع التواصل الاجتماعي لنقل ما يجري في غزة من مجازر يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي، لكن كل على طريقته الخاصة.

ومن أبرز الناشطين الذين أظهروا تضامنهم مع غزة، الشاب الأردني محمود دروزة –مقدم برنامج ستساند أب كوميدي- الذي أبدى استغرابه الشديد من مدى التفاعل العالمي الرهيب مع مسابقة "تحدي الثلج".

ويقول دروزة: "ما سر الماء البارد الذي يقشر البدن، (...)، واحنا مالنا فيه، كان الأجدر فينا نحس بأطفال غزة، الذين تهدم عليهم بيوتهم".

ويمسك دروزة دلوًا فيه رمل ثم يفرغه على نفسه، مضيفا "هذا الشعور الذي يحس به أطفال غزة، وأتحدى فيه كل من سكب الثلج على نفسه".

مشهد آخر، كان لرجل فلسطيني يعيش في الولايات المتحدة من سكان طولكرم، خرج يتضامن مع غزة من أرض أكبر دولة في العالم تدعم إسرائيل، ليؤكد حبه لوطنه وأبناء شعبه.

ويتحدث الأربعيني خلال الفيديو القصير -لم يتجاوز دقيقة- عن تضامنه ولو بشيء بسيط مع أبناء جلدته في غزة، كي يشعر بما يشعرون به ويتألم لألمهم.

وبالعودة إلى أرض الوطن ومن داخل فلسطين المحتلة التي كان ينتظر منها دورا أكبر مما قدمته لغزة، ولكنها تضامنت ولو بالقليل، فتضامن بعض الشبان من مختلف مدن الضفة المحتلة مع غزة بملء دلاء من الرمل أو المياه المخلوطة بالصبغة الحمراء أو الحصى، ويسكبونها على أنفسهم تضامنا مع أطفال غزة وأهلها، كما يقولون في فيديوهاتهم المنشورة.

ولم يكتفِ المتضامنون بذلك بل أطلقوا وسومًا (هاشتاغ)، أملا بزيادة نشر الفكرة ووصولها إلى أكبر شريحة من الناس ليتعرفوا على معاناة المواطنين بغزة، بصورة بسيطة توصل الفكرة.

ومن بين الوسوم التي انتشرت: #دلو_الرمل، #RemainsBucket، #دلو_الركام، #دلو_الدماء، ويسعى القائمون عليها لترويجها بشكل أوسع خلال الأيام القادمة.

لفتة من الممكن أن تكون أكثر تحديا من "دلو الثلج" العالمي، ويستطيع أي شخص تجربتها ليعيش لحظة سقوط البيوت على رأس ساكنيه لكن بطريقة أخف حدة.

فمن أراد أن يعيش حياة أطفال غزة فليجرب!

البث المباشر