أطفال غزة.. صدمات نفسية ممتدة

الرسالة نت – بهاء بعلوشة

بدلاً من أن يعيشوا حياة هادئة بريئة مثل سائر أطفال العالم، يعيش أطفال غزة الآن مشاعر من القلق والفزع بفعل أعمال القصف والعدوان الذي يشهده القطاع, لاسيما أن أعمال العنف تلك تستهدف المنشآت المدنية التي يقطنها النساء والأطفال، وهو ما له تأثير سلبي على نفسية الأطفال قد تمتد معهم إلى مراحل حياتهم العمرية المختلفة.

دراسة استقصائية أجرتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، أظهرت أن الحرب الإسرائيلية ألقت بظلالها على الأطفال الفلسطينيين في غزة حيث بات معظمهم يعاني من صدمة نفسية شديدة جرّاء الحرب.

وأشارت الدراسة إلى أن الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة يعانون من موجات غضب وخوف وصعوبة في التركيز ومشاكل نفسية أخرى تسبّب بها العدوان العسكري الهمجي الإسرائيلي الأخير على غزة.

وبحسب النتائج الأولية للدراسة الأممية، فإن أكثر من تسعين في المائة من أطفال غزة يخافون من الأصوات الصاخبة التي تشبه أصوات انفجارات الصواريخ والغارات التي اعتاد جيش الاحتلال أن يطلقها على قطاع غزة خلال جولة التصعيد الأخيرة، وحوالي ستين في المائة ممّن هم دون سن الثانية عشرة تراودهم كوابيس وأحلام مزعجة أثناء النوم، وكذلك أكثر من ثلاثة أرباع الأطفال ضمن الفئة العمرية (13 حتى 17 عاماً) يعانون من ذات المشاكل.

شهادات بريئة

الطفل محمد الكفارنة 12 عاما من سكان مدينة بيت حانون والذي قصف بيته، يقول "في الليل اسمعنا صوت قصف قوي عند بيتنا وطلعنا بسرعة من البيت وبعد دقائق دمروا بيتنا وجيراننا تصاوبوا من غير ذنب"

وأضاف: "أنا لا أستطيع النوم لأني أخاف من الليل ولا أستطيع الخروج من المنزل خوفا من أن أموت، أتابع التلفزيون وأشاهد الأطفال يقتلون وهم يلعبون، كل يوم بتخيل أني سأموت".

وتقول أم محمد أن ابنها ما زال يتلقى العلاج النفسي وعلاج بعض الجروح التي أصيب بها جراء قصف البيت".

أما الطفل أحمد مسعود من بلدة جباليا وعمره 10 أعوام، فقد تعرض لصدمة نفسية صعبة بسبب استشهاد والده وهدم منزلهم بالكامل، ويقول: "عندما تطلب مني أمي أن أذهب إلى الدكان أرفض وبشدة حتى لا يكون مصيري مثل الأطفال الذين كانوا يلعبون في الشارع وقتلهم الاحتلال، أريد أن أحيا بسلام وأمان وحرية، لا أحب الظلام أريد أن أعود إلى بيتي ومدرستي".

من جانبه أوضح المختص النفسي إسماعيل أبو ركاب، أن العنف الذي يتعرض له أطفال غزة يصيبهم بصدمة شديدة, وتظهر أعراضه واضحة على هيئة كوابيس أثناء النوم مصحوبة بالخوف والقلق الشديد  والاكتئاب واسترجاع لكل مشاهد الحرب، وهو ما يزيد من حالة الفزع والخوف من حدوث تلك الحرب مجددا .

 وقال: تظهر أعراض نفسية أخرى على الطفل مثل قضم الأظافر وفقدان الشهية والنشاط وعدم القدرة على اللعب مع تدهور التحصيل الدراسي، فذكريات الحرب قد تترك أثارًا طويلة المدى تؤثر سلبًا على الطفل إلى أن يصبح رجلاً لو لم تتم معالجتها وتهيئة الطفل نفسيًا قبل العدوان وأثنائه وبعده.

نصائح لأمهات الأطفال

وقال المختص النفسي أبو ركاب: إن الأطفال في تلك الحالة يحتاجون لعلاج فردي لأن كل طفل يختلف عن الآخر والعلاج النفسي هو إنساني بحت, وكل طفل يختلف عن الآخر باختلاف الأساليب التي يجب التعامل من خلالها في العلاج والظروف المناسبة له.

وأشار إلى واجب الأم أن تزرع في أبنائها الطمأنينة وأن تكون واقعية في خوفها وكلامها معهم من خلال تعريف الطفل بالمقاومة والصمود وقضيته ويجب أن يكون طفل فلسطيني قوي في وجه الاحتلال, حتى لا يتفاجأوا وتكبر فجوة المرض النفسي عند الطفل.

وأضاف:على الأم أن تكون مستمعة جيدة لأطفالها في تلك الظروف وتعرف منهم طبيعة ما يخافون منه، مع الإجابة بصدق ووضوح على أسئلتهم مع التقليل من التعرض لوسائل الإعلام , لأن رؤية ما يحدث عبر التلفاز تصيب الكبار بالتوتر والقلق وهو ما سيشعر أضعافه الأطفال, لا سيما أن الكبار متوترون بالفعل مما شاهدوه، وهنا يجب على الأب والأم الانتباه لأنفسهم جيدا وما يصدر منهم من انفعالات وسلوكيات سلبية ومشاعر خوف وقلق ممكن أن تؤثر على أبنائهم.

وأوضح أبو ركاب أن وسيلة التعبير بالرسم يعتبر من أهم الأنشطة الفعالة لإخراج مشاعر الطفل للعلن مما يساهم في علاجها بطريقة إيجابية، بخلاف أن مشاركة الطفل في أعمال إزالة أثار العدوان كرفع الأنقاض عن البيوت أو المدارس, يعتبر أمراً فعالاً بدرجة إيجابية في شخصية الطفل ويجعله يتعايش مع الأحداث ولا يخاف منها بصورة كبيرة.

البث المباشر