لم تكن الرياضة الفلسطينية بمنأى عن القصف خلال العدوان على غزة، فقد واصلت (إسرائيل) ارتكاب جرائمها المتصاعدة على الأسرة الرياضية، دون اكتراث لقواعد وأخلاقيات اللجنة الأولمبية الدولية ومبادئ الاتحاد الدولي لكرة القدم.
الحركة الرياضية كعادتها كانت سبّاقة في تقديم العديد من الشهداء, إضافة إلى الضرر الكبير الذي أصاب بنيتها التحتية من ملاعب ومنشآت وصالات رياضية.
وذكرت وزارة الشباب والرياضة في إحصائية أولية أعدتها, أن الحركة الرياضية فقدت 32 شهيدا في العدوان, وأصيب 27 آخرين, كما دُمّرت 30 منشأة رياضية و175 منزلا بشكل كامل, إضافة لـ300 منزل بصورة جزئية.
ميداليات وكؤوس
محمد القاضي نجم خدمات الشاطئ ومنتخب فلسطين للكرة الشاطئية يؤكد أن منزله الكائن في رفح جنوب القطاع هُدم بشكل كامل, متسائلا والحسرة على وجهه: ما الذي فعلناه لـ(إسرائيل) حتى تقصف بيتنا ونصبح بلا مأوى الآن؟.
وأشار القاضي خلال حديثه لـ"الرسالة نت" إلى أن منزله يحمل أعز الذكريات على قلبه ومنها الرياضية, آملا من الله أن يعوض أهله خيرا مما فقدوه.
وقال: "كل حياتي عشتها في هذا المنزل, لقد شهد فترة نشأتي الرياضية التي بدأت من المدارس حتى وصلت إلى اللعب مع الأندية وأخيرا الانضمام لمنتخب الشاطئية", مؤكدا أن هدم منزله لن يمنعه من ممارسة معشوقته "الساحرة المستديرة" على حد قوله.
وأضاف: "استخرجت بعض الكؤوس والميداليات من تحت الركام, وكانت الأغلى تلك البرونزية التي حصلت عليها مع منتخب الشاطئية خلال بطولة غرب آسيا التي أقيمت في إيران العام الماضي".
وكان منتخبنا الفلسطيني للكرة الشاطئية قد حصل على برونزية غرب آسيا, بعد فوزه على نظيره البحريني بأربعة أهداف مقابل ثلاثة في مباراة المركزين الثالث والرابع.
وطالب لاعب نادي خدمات الشاطئ المسؤولين في القطاع بمساعدته وتعويضه عما فقده خلال العدوان, سائلا الله عز وجل الغفران للشهداء وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان.
ذكريات الاحتراف
أما صائب جندية نجم كرة القدم الفلسطينية السابق ومساعد مدرب منتخب فلسطين فأوضح أن بيته الواقع في حي الشجاعية شرق مدينة غزة تعرض لتدمير جزئي في بعض الغرف جراء تساقط القذائف المدفعية عليه خلال العدوان.
جندية يقول لـ"الرسالة نت" إن المنزل يحمل ذكريات رياضية عزيزة على قلبه, خاصة عندما حصل على فرصة الانضمام للمنتخب الوطني في التسعينيات, والاحتراف في الدوري الأردني مع الحسين إربد عام 2002.
وأضاف: "منزلا أخوَيَّ فرج وخليل لم تنجوا من الدمار أيضا، لكن نقول الحمد لله، وسنستمر برفع علم فلسطين في جميع المحافل الدولية".
وتابع: "حسبي الله ونعم الوكيل، لم يبق شيء ليدمروه، فقدت جزءًا كبيرًا من أدواتي الرياضية, وحتى الكؤوس التي تم تكريمنا بها بعد العودة من كأس التحدي الآسيوي 2014", منوها إلى أنه استطاع إخراج عدد بسيط من ميدالياته, خاصة برونزية البطولة العربية 1999, وذهبية بطولة كأس التحدي 2014 اللتين أحرزهما مع المنتخب الوطني لاعبا ومدربا على التوالي, بالإضافة لبرونزية غرب آسيا 2012 التي أحرزها مع منتخب الكرة الشاطئية.
وفيما يتعلق بالفعاليات التي يخطط لها مع المنتخب خلال مشاركته في بطولة أمم آسيا 2015 بأستراليا في يناير المقبل, أكد جندية أن لاعبي الوطني بات لديهم حافز أكبر للظهور بصورة مميزة, رغم صعوبة مجموعتهم التي تضم اليابان, والعراق, والأردن.
وذكر أن لاعبي المنتخب لن ينسوا دماء الشهداء والجرحى في غزة, وسيعملون على رفع لافتات تطالب بفرض العقوبات على الاحتلال (الإسرائيلي) وطرده من عضوية الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" جراء ما اقترفه من جرائم بحق الرياضيين, مؤكدا أن الوطني بات يحمل قضية شعب بأكمله في بطولة أمم آسيا.
مواصلة لعب الكرة
بدوره, فإن أسامة أبو قرشين لاعب خط وسط خدمات الشاطئ حاليا وشباب رفح سابقا عبّر عن حزنه جراء تدمير منزله كاملا خلال العدوان, متمنيا من الله أن يعوضهم خيرا في الأيام المقبلة.
وشدد أبو قرشين على أنه سيواصل لعب الكرة, رغم أن حاجياته الرياضية بات أغلبها تحت الركام, ولم ينجح إلا بانتشال بعض الميداليات.
وأشار إلى أن منزله كان يعني له الكثير, فهو الذي انطلق منه نحو اللعب في الأندية, خاصة رحلتي التألق مع القادسية وخدمات رفح على التوالي, حتى وصل لنادي خدمات الشاطئ الذي يطمح معه للإبداع في دوري الدرجة الممتازة المتوقع انطلاقه أواخر العام الجاري.
وبالنظر لأحوال الرياضيين في قطاع غزة, نجد أن تدمير منازلهم لن يمنعهم من مواصلة عشقهم وممارستهم للساحرة المستديرة, فهل سنرى يوما من الأيام قادة الاحتلال واقفين أمام المحكمة الرياضية جراء جرائمهم بحق لاعبينا؟, أم أن "الفيفا" سيواصل صمته اتجاه ما يحصل لنا!.