قائمة الموقع

"الرشوة" العصا السحرية لاجتياز معبر رفح!

2014-09-03T10:02:16+03:00
داخل معبر رفح من الجانب المصري (الأرشيف)
الرسالة نت – لمراسلنا

"رش بتخش" كلماتٌ ليست باللغز ولا النكتة، بل هي العصا السحرية التي تضرب بها بوابة العبور للجمهورية الشقيقة عبر معبر رفح، إن تدفع آلاف الجنيهات فمرحبا بك، وإن لم تدفع أو كنت لا تملك أصلًا سيزعجك قول أحدهم "ارجع غزة يا باشا"!

"الرشاوى" سياسةٌ أرهقت كاهل المسافرين الغزّيين عبر معبر رفح، إلا أنهم وجدوا أنفسهم ضحاياها رغمًا عنهم، لحاجتهم الملّحة إلى السفر، خاصةً في ظل اقتصار الخروج والدخول على أصحاب الجوزات الأجنبية والاقامات فقط.

بعد ثلاث محاولات سفر طبيعية انتهت بفشل الدخول لجمهورية مصر العربية عبر معبر رفح، اضطر الشاب سعدي أحمد (اسم مستعار) للسفر عبر طرق التفافية من ذات البوابة السوداء الأولى، إلا أن التكلفة كانت باهظة جدًا.

تحدث سعدي لـ "الرسالة نت" عن معاناته خلال محاولات السفر السابقة: "على علمي بأنني لست من ضمن الفئات المسموح لها، إلا أنني كنت أحاول الدخول لعلي أتمكن من السفر في إحدى المرات، وكلها للأسف فشلت".

السلطات المصرية تُرفض دخول من لا ينطبق عليهم شروط السفر، المتمثلة في أن يكون حاملًا لجواز أجبني أو إقامة في إحدى الدول، أو الورقة الأقوى وهي دفع الرشوة لأحد العاملين داخل المعبر المصري.

كيف استطاع سعدي حمّل الورقة الأقوى؟ وكيف تغلب على تعنت ضابط الأمن الوطني المصري؟ الإجابة والجل كانا بدفع مبلغ 10000 جنيه مصري، إذ تمكن من خلال أحد السماسرة من دفع المبلغ لأحد العاملين في الجانب المصري.

ويكمل سعدي ما سماه حكاية الظلم: "بصعوبة استطعت تحصيل المبلغ، وعبر أحد أقربائي تواصلت مع أحد الأشخاص ودفعت له مبلغ 1500$، وطلب مني التوجه للمعبر في اليوم التالي. قال لي إن شخصًا سيكون بانتظاري في الصالة المصرية".

في صبيحة اليوم التالي توجه سعدي لمعبر رفح البري، وعبر للصالة المصرية من خلال إحدى الحافلات. قدم جواز سفره لكي يحصل على ختم الدخول كبقية المسافرين، وبالفعل تم المناداة عليه وإعطائه الجواز تمهيدًا للدخول كما جرت العادة.

وقد يتساءل البعض: لماذا يصر سعدي على السفر رغم التكلفة العالية؟، الإجابة تأتي من والد سعدي الذي سافر للعلاج في جمهورية مصر العربية، وقد تدهورت حالته الصحية، مما اضطر الابن لمرافقه أبيه في رحلة العلاج.

يحاول البعض تجميل طريقة "الرشاوي" بأن يسميها "التنسيقات" وقد تكون طريقة التعامل مباشرة في تسليم المبلغ من يد المسافر ليد الطرف المصري، أو عبر أشخاص يعملون كمندوبين يأخذون جزء بسيط من المبلغ، فيما يكون نصيب الأسد للطرف المصري.

بصعوبة بالغة تمكنت "الرسالة نت" من مقابلة أحد الوسطاء أو كما يطلق عليهم البعض "المنسقين"، وتحدث إلينا عن بعض تفاصيل عمله الذي بدأ منذ عام 2007 ومستمر حتى اللحظة.

يقول أبو سالم (اسم مستعار) لـ "الرسالة نت": "أول ما بدأت أزمة إغلاق المصريين للمعبر عام 2007، اشتعلت في تجارة مساعدة الناس بالسفر مقابل عائد مادي محترم".

ويضيف أبو سالم: "بحكم عملي كتاجر كان سفري متكرر عبر المعبر. كونت علاقات مع العديد من العاملين في المعبر، ولما صارت أزمة السفر تواصلت مع أحدهم ووافق نشتغل مع بعض مقابل إعطائي عائد مالي".

ومنذ عام 2006 عاش قطاع غزة حصارا متعدد الجوانب منذ فوز حماس في الانتخابات البرلمانية، وزادت حدته في صيف عام 2007، ومعه ازدادت أزمة السفر عبر المتنفس الوحيد جنوب القطاع.

وحول المبالغ الي كان يطلبها أبو سالم قال: "قيمة المبلغ تتفاوت حسب طلب الطرف المصري ووضع اللي ناوي يسافر، وتتراوح ما بين 300–1000$ وقد تصل أحيانًا إلى 1500 دولار أمريكي".

السلطات المصرية تضع قوائم أمنية سوداء تحتوي أسماء القيادات العسكرية للمقاومة الفلسطينية وأفرداها وهم غالبًا مطلوبون للاحتلال الاسرائيلي، وكل من في هذه القوائم هو ممنوع من السفر مهما كانت أسبابه، إلا أن بعضهم تمكن من شطب اسمه عبر مبلغ مالي كبير.

تسعة أعوام مرت على أزمة السفر من وإلي قطاع غزة، لم تشهد أي إنفراجة إلا في فترات محددة تحسنت بعض الشيء بعد ثورة يناير المصرية وما تبعها من تغيرات، إلا أن ذلك لم يدم طويلًا فمنذ تموز/يوليو من العام الماضي ازدادت أزمة السفر تعقيدًا بعد الانقلاب على الرئيس المصري محمد مرسي.

اخبار ذات صلة