قائد الطوفان قائد الطوفان

انتشرت في القطاع

تربية الدواجن مشاريع رائجة تسد رمق أسر فقيرة

 

غزة/ لميس الهمص

في يوم مشمس من أيام غزة كانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية عشرة عندما التقينا بأم وسيم الخمسينية على سطح منزلها شرق المدينة، والذي اتخذت منه مكانا لتربية الأرانب والحمام كمشروع صغير يسد رمق عائلتها الكبيرة.

وانتشرت في الآونة الأخيرة مشاريع تربية الدواجن في قطاع غزة، كجهد فردي من بعض العائلات أو بمساعدة بعض الجمعيات والمؤسسات الحكومية في محاولة للتغلب على الظروف القاسية التي يمر بها سكان القطاع.

لسد الرمق

وتقول أم وسيم :"لدي عشرة أبناء أحاول إعالتهم ، كون زوجي عاطلا عن العمل ، كمئات الفلسطينيين في قطاع غزة ، هذا ما جعلني أفكر جديا بالمشروع لمساعدة عائلتي على البقاء".

وتتخذ من سطح منزلها المتواضع مكانا لتنفيذ مشروعها حيث تربي الأرانب في أقفاص حديده صغيرة جمعتها داخل قفص كبير سيجته بأعمدة من الأخشاب ومن بينها شبك حديدي يسمح بإدخال أشعة الشمس.

وبحسب أم وسيم أن ما شجعها على تنفيذ المشروع هي خبرتها بتربية الدواجن التي اكتسبتها من والدتها سابقا ، علاوة على رغبتها في توفير متطلبات عائلتها ، ولتحسين وضع منزلها الصغير المتهرئ.

وتعتبر تربية الأرانب من أنسب وأنجح المشاريع للأفراد المبتدئين كما تشير الدراسات، لما لهذه الحيوانات الصغيرة من مميزات، تجعل تربيتها هواية وفي نفس الوقت تحقق عائداً مالياً عالياً.

 أما مميزات تربيتها فتكمن في سهولة ذلك، بالإضافة إلى وفرة الإنتاج وسرعة النمو مع قلة التكاليف، كما تعتبر الأرانب في حالة تناسل دائم حيث يمكن تلقيح الإناث خلال يوم واحد من ولادتها، وتقدر فترة حملها بشهرٍ قد يزيد أو ينقص قليلاً، ومتوسط عدد المواليد هو -ثمانية- عند كل ولادة.

أما بالنسبة للحم الأرانب فيتميز بانخفاض نسبة الدهون والكوليسترول في حين ترتفع نسبة البروتين إلى 20-21 %.

كما تتميز الأرانب بإمكانية تربيتها في مناطق عديدة من ملحقات المنزل، مثل الحديقة أو السطح أو أي مكان جيد التهوية.

هواية وتجارة

أما حال عيسى أحمد أربعون عاما فيختلف عن سابقته فإن ما دفعه لتربية الدواجن وبعض الأغنام هو حبه لهذه الهواية ورغبة منه في توفير طعام صحي لعائلته ، واستغلالا للمساحة الخضراء الفارغة التي تحيط بمنزله.

عيسى الذي يعمل مهندسا مدنيا في إحدى الشركات الخاصة وله من الأبناء سبعة يرى أن مثل تلك المشاريع مربحة فهو يبيع ما يزيد عن حاجته، كما أن تلك المشاريع غير مكلفة مقارنة بغيرها.

وبحسب عيسى فإن ما يعيق مثل تلك المشروعات انقطاع التيار الكهربائي المستمر، بالإضافة إلى منع إدخال الأعلاف بكميات كافية ، لكن العديد من العائلات تغلبت على تلك العوائق بالمتاح.

على مدار خمسة أشهر ماضية نفذت وزارة شئون المرأة مشروع استيلاد الأرانب بتمويل من الندوة العالمية للشباب الإسلامي مع 28 سيدة من زوجات المزارعين الفلسطينيين في مناطق مهمشة من مدينة رفح.

كما أنها تعمل الآن على تنفيذ عدة مشاريع صغيرة لعدد من العائلات ويذكر المهندس محمد اللقطة من دائرة البرامج والمشاريع بوزارة شؤون المرأة أن تلك المشاريع تأتي في إطار الجهود الرامية إلى التخفيف من وطأة الحصار الظالم على قطاع غزة ،وظهور الكثير من السيدات اللاتي يحتجن لدعم لمساعدة أسرهم علما بارتفاع معدلات البطالة وخاصة من العمال.

وأوضح أن الدائرة أعدت ضمن برنامج تنمية المشاريع الصغيرة مشروع "امتلكي مشروعك الخاص" من خلال تمكين معيلات الأسر من امتلاك كل سيدة لمشروعها الخاص في إطار مهارة أو خبرة تتمتع فيها كل سيدة حيث يكون التمكين من بدأ مشروع اقتصادي مجدي تستطيع من خلاله كل سيدة إعالة نفسها وأسرتها.

وتشترط الوزارة أن تكون المتقدمة للمشروع معيلة لأسرة لا تقل عن 4 أفراد، ولا يزيد عمرها عن 45 عاما ولا يقل عن 25 عاما ، ولديها القدرة على القراءة والكتابة وتتمتع بمهارات الحياة ، بالإضافة إلى عدم وجود مصدر رزق آخر لها ، وأن تلتزم بأنشطة المشروع من دورات وورش عمل.

وذكر أنهم قاموا مؤخرا بتوفير خمسة مشاريع لتربية أرانب لمتقدمات حسب الشروط السابقة فمنحت كل امرأة عشرة أزواج من الأرانب بالإضافة إلى ثلاثة أقفاص، وطعام كافي بتكلفة 800 دولار للمشرع الواحد.

مربحة وبسيطة

وتوقع اللقطة أن تدر هذه المشاريع إذا حسن الاعتناء بها خلال الستة أشهر الأولى ما مقداره ألف دولار تزيد مع المدة، مبينا أن الوزارة تسترد أموالها بأقساط تحددها الأسرة ابتداء من الشهر الثالث للمشروع.

ولفت إلى أن وزارته تتعاون مع وزارتي الزراعة والاقتصاد بحيث توفر الأولى الفحص الطبي الدوري وتقدم الأدوية للأرانب في حالة اللزوم، أما وزارة الاقتصاد فالتعاون معها يكون بتقديم السيدات مقترحات مشاريع لإقراضهن.

وتنتشر مشاريع الوزارة في المهمشة في جميع أنحاء القطاع وخاصة مناطق شرق غزة والشمال والمنطقة الوسطى.

من جانبه أكد الدكتور محمد مقداد أستاذ الاقتصاد بالجامعة الإسلامية على أهمية المشاريع الصغيرة في ظل الظروف والحصار الذي يعاني منه القطاع ،مبينا أن الجمعيات الخيرية تستطيع لعب دور كبير في هذا المجال.

وشجع في تصريحات له الممولين لتمويل الجمعيات الخيرية باتجاه الدعم التنموي بحيث يوفر للأسرة آلية أو طريقة كي تحصل على دخل مستمر، ولا يتم ذلك إلا عبر توفير مشروع صغير تقوم الأسرة كاملة على إدارته بما يتناسب مع قدرتها وإمكانياتها سواء في الزراعة أو الصناعة.

ولفت مقداد إلى انه ضد التركيز الكبير على الدعم الإغاثي، مشجعا الدعم التنموي عبر مجموعة من المشاريع الصغيرة لدعم الأسر وتوفر مصدر دخل دائم لها حسب النهج الذي اعتمده الرسول صلى الله عليه وسلم.

البث المباشر